الظالمون انفسهم
لكل انسان قدرات عقلانية غالباً ما تكون غير مطورة وبحاجة لتنمية مستمرة حتى يصل الى مستوى التفكير العقلاني , التجربة هي صقل للمعلومة والموهبة , تساعد الفرد كيف يفكر عندما يفكر, ليختار صح ويسلك الصواب .
ينصب تفكير البعض في الفردية الانانية , او العصبية الجماعية , هو امام خيارين ليكتسب وعي ليتجاوزها ,يحتاج تجربة تتخللها المحاولة ليكتشف انه على خطاء , او يقرأ تجارب من سبقوه ليستوعب مسالة التفكير العقلاني العادل , ليفهم ان الانا والانانية مرض مدمر للشعوب .
تقول العلوم الانسانية ان التعليم هو سلم الصعود للمستقبل المنشود , والاحلام والطموحات لا تأتي بالتمني , بل العمل الجاد والعقلاني الذي يدفع بالمجتمع للنهضة والتقدم , لتجعل من الاحلام واقع والطموحات حقائق ملموسة .
البعض يرى الواقع بأحلامه وطموحاته , فلا يرى الحقيقة بل يرى احلام , ما لم تجد اعمال تدفع بها لتكون حقائق ستظل اوهام , تراود الشخص من حين لأخر .
مشكلتنا في هذا البلد ان البعض اذا وجد فرصة ليتصدر المشهد يتنكر لكل شيء , وينصب تفكيره في الانا والانانية , انا الذي قاتلت , وانا الذي حررت , وانا الشعب , انا المستقبل , وغيري هم الماضي الذي يجب تجريفه , وهناء تبدأ عملية تجريف للتجارب الناجحة , والعقول الراجحة , والافكار التي تجمع ولا تمزق وتوحد ولا تشتت , واذا بنا امام مستبد وجاهل ومتهور وطائش , فاقد الاهلية والمعرفة والمهارة والتجربة , يعيد انتاج ماسينا , ويعيدنا للمربع الاول للصراعات , وينقلنا من مازق لمازق اشد وطاءة , ويصب الزيت على نار الحروب .
نذكرهم دائما بمقولات هامه تستند عليها الحياة الانسانية وهي من اولويات هذه الحياة , ان حريتك تسقط عندما تمس حرية الاخرين , وان الحق الخاص يسقط عندما يضر بالحق العام والصالح العام , فلا يفقهون , انهم ثلة لا تريد حياة انسانية بل تسعى لفرض حياة الغاب , العنف والتجريف للتنوع الانساني في الحياة .
نعاني نحن في الجنوب اليمني الغالي , وخصوصا في عدن الحبيبة , من هذه العقلية التي تعمل في تجريف الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية , بالاغتيالات واستهداف الراي الاخر والصوت الاخر , استهداف تنوع وفسيفساء عدن الرائعة , باعتبارها تشكل خطر على مشروعهم الشمولي الاستبدادي , وعلى الصنم الذي يهيئون له الحكم , هم يدركون مستوى وعي عدن الذي يرفض الجهل والتخلف والعسكرة والمليشيا , ولهذا يسعون لتعديد هذا الوعي ليرضخ للجهل .
ما يحدث ان هذه العقلية لم تستوعب بعد ان هذه الارض ليست لها وحدها وان لها شركاء فيها , لهم الحق في ان ينهجوا نهجا مغاير , وان يكون لهم مشروع ,و انهم مستقلين وليس تابعين , بينك وبينهم عقد اجتماعي ينظم العلاقات ويحكم الاختلافات والخلافات .
عقلية ترى في العنف وسيلة لفرض امر واقع , عنف يجعلها تتمادى وتتلطخ بالانتهاكات والجرائم , ويظلمون انفسهم , معتقدين انهم سينجو , وهم لن ينجو فلا تسقط الجرائم الانسانية بالتقادم , وقال تعالى( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) صدق الله العظيم
احمد ناصر حميدان