الشيخ البطل الحاضر الغائب في تعز :: في الربع الاول من العام 2015م تمكن الحوثيون من السيطرة على مدينة تعز وهي من كبرى مدن اليمن . بعد مواجهات غير متكافئة وخيانات عديدة سقطت المدينة بالكامل بإستثناء حي صغير في شمالها اسمه حي ( الروضة ) وكذلك شارع جمال . هذا الحي هو حي الشيخ حمود سعيد المخلافي الذي يسكن فيه . ومن هذا الحي بدأت رحلة الكفاح المريرة لتحرير المدينة بقيادة شيخ المقاومة الشيخ حمود المخلافي . فلم يستسلم كما استسلم الكثير غيره لم يصيبه القنوط ابدا كما اصاب غيره . فقد بدأ بعاصفة الحزم ضد الحوثيين في تعز قبل ان تبدأ عاصفة الحزم العربية في اليمن . التف شباب المقاومة حوله من ابناء تعز والكثير من ابناء اب . لقد مثل جبل جرة في تعز نقطة الانطلاق بعد الزحف عليه من حي الروضة بقيادة الشيخ حمود ورفاقه . اصبح الجبل حديث وسائل الاعلام المحلية والخارجية . استقبل الآف القذائف من مليشيات الحوثي ومن ساندها من تشكيلات الجيش السابق وبالذات الحرس الجمهوري . سقط على هذا الجبل المئات من ابطال المقاومة شهداء وجرحى . الاف القذائف تساقطت على المدينة وسقط الالاف من افراد المقاومة ومن المواطنين بين قتيل وجريح . كل يوم كانت الدماء في زيادة . يكفي ان يعرف الجميع ان اكثر من عشرة الوية عسكرية كانت تطوق المدينة وتصب حممها على ساكنيها بمختلف انواع الاسلحة في مساندة لمليشيات الانقلاب الحوثية وكان المدد لا ينقطع للمليشيات ومن معها . بينما كانت المقاومة والمدينة بالكامل تعيش في حصار خانق . لقد كان الكثير يسخرون من مقاومة تعز بقيادة الشيخ حمود نظرا للفارق الكبير جدا في العدد والعدة . لكن شيخ المقاومة ورفاقه لم يعرفون اليأس . فكل فترة كانوا يحررون مواقع واحياء وان كان ذلك بثمن باهض جدا دفع على كل متر تم تحريره . كان حمود المخلافي يتقدم الصفوف بصورة عجيبة رغم التحذيرات من الجميع بان حياته ليست ملكه فقط .. قدم العديد من اقاربه شهدا في ساحات الشرف وفي مقدمتهم نجله الدكتور اسامة حمود المخلافي و الذي وسده في القبر بنفسه ورفض ان يستقبل العزاء فيه . واعلن بعد الدفن ان مكان تعزيته هي جبهات القتال فمن اراد ان يعزيه فليتجه الى هناك .. كل يوم كانت المقاومة تستقبل افراد ينضمون لها بعد ان اثبتت وجودها على الارض . وبعد ان تعددت فصائل المقاومة تم الاتفاق ان يكون هناك مجلس اعلى لها بقيادة الشيخ حمود المخلافي . كانت المقاومة ومعها التشكيلات العسكرية التي تم انشائها اثناء الحرب تعمل بكل قوتها من اجل فتح منفذ للمدينة تجاه المحافظات الجنوبية المحررة وسط استماته من العدو لمنعها من ذلك . وبعد تضحيات كبيرة تم فتح خط الضباب وتحررت مدينة تعز بصورة شبه كاملة . توجه الشيخ حمود الى عدن لطلب الدعم والمساعدة فعاد بالنذر اليسير والكثير جدا من الوعود . وبعدها اخذ يتنقل بين المحافظات حتى وصل الى مارب طالبا دعم تعز بالسلاح . وفجأة طلب منه الخروج من تعز ومن اليمن فلم يعارض او يرفض مادام ان ذلك سيعجل بتحرير تعز كما قالوا له .. اخذ يتنقل بين دولة واخرى عارضا قضية تعز ومئساتها ومطالبا الوقوف معها .. من اي مكان يوجد فيه اتصاله لا ينقطع بابطال تعز ورجالها من الجيش والمقاومة فهو الغائب الحاضر . يتفقد احوال الجرحى ويحمل همومهم ويجمع المساعدات لهم بعد ان كان يحملهم على ظهره في جبهات القتال .. لقد شكل الشيح حمود ورفاقة اسطورة من النضال والصمود والارادة والتحدي امام خبث العدو وخذلان الصديق . يكفي ان يعرف الجميع ان دبابة واحدة في تعز كانت هي ضمار المقاومة هناك من السلاح الثقيل واطلقوا عليها اسم (المبروكة) . بعد مغادرة الشيخ حمود المخلافي لمدينة تعز ظهرت الكثير من الخلافات بين فصائل المقاومة ورفاق السلاح . بينما كانت مع وجوده شبه معدومة . فقد كان عبارة عن طفاي حريق لاي خلاف في بداية ظهوره.. يجب ان تدرس سيرة هذا الرجل ورفاقه من المقاومة والجيش وابناء تعز الذين ساندوا وصمدوا وصبروا امام اطول حصار عرفته مدينة . يجب ان تدرس هذه الملحمة للاجيال القادمة ضمن صفحات المجد اليمني .. لقد حملوا على عاتقهم مواجهة قوة عسكرية جبارة قبل ان تتكون الوية الجيش . التهمت تعز كل ما القي عليها من الرجال والسلاح . فكانت التوابيت التي تحمل القتلى من المليشيات واعوانهم الى مناطقهم واماكن دفنهم لا تنقطع يوميا .. تعز هذه الايام بحاجة الى عودة فارسها وقائد مقاومتها الشيخ حمود المخلافي للاشراف على استكمال تحرير المحافظة ..
بقلم /فاروق الصيري