بمبادرة شبابية قام بها عدد من النشطاء الشباب لعقد اجتماع تشاوري لنشأت مكون شبابي عدني مختص في الدفاع عن عدن , عن ارثها الثقافي والفلكلوري , عن تاريخها ومعالمها , عن ايقونتها المدنية وفسيفسائها الرائعة , عن بيئتها الخلابة وسواحلها الساحرة , كمدينه عريقة ومركز اقتصادي حر , كإشعاع ثقافي وفكري وسياسي , فيها تتعايش الناس وتذوب الفوارق والسلالات والاعراق في بوتقة المدنية .
عدن التي تعاني اليوم التجريف والاجتثاث , لكل ذلك الجمال الاخاذ , و تقبح بزرع بذور العصبية والتعصب المناطقي الطائفي والقبلي , الذي عكر صفو هذه المدينة وجعلها في وضع سيئ , سلبها خصوصياتها ومميزاتها , شوه معالمها وارثها وتاريخها وجمال تخطيطها العمراني وبيئتها الساحرة ,كأول مدينة عرفتها الجزيرة , في مؤسسات الدولة والتشريعات والتخطيط العمراني والتناسق الجميل للشوارع , كسباقة في التحضر وكل جديد .
قراء نقدية متأنية ورؤية فاحصة لما نحن فيه من ماسي والم وانهيار وسقوط قيمي وخذلان , وفقدان للدولة الضامنة للمواطنة والنظام والقانون , سنجد ان السبب هو غياب عدن من مصدر القرار والادارة , اقصاء الكادر المهني والعقل المتحضر والرؤية الراقية المدنية , التعايش والتسامح وحب النظام والقانون , الخبرة والمهارة والعلم والمعرفة ,ليستبدل بالعصبية والقروية , في تقاسم المناصب , في غياب متعمد للمدنية , لتتصدر المشهد العصبية , فاجتاحت عدن لتفرض واقعها المعطل للنهضة والتطور , بإقصاء لكل ما هو عدني من كوادر وعقول وملكات ومؤهلات , بحجة تصفية بقايا الاستعمار , دفع بهجرة هذه العقول , مهندسين اطباء وإداريين ومعلمين ومفكرين ومثقفين وسياسيين هجروا مدينتهم عدن , ونهضوا بمناطق اغترابهم , وفقدت عدن الشراكة في مصدر القرار والادارة , لتتحول لمجرد عاصمة لصراعات القبائل والعصبيات ولايدلوجية , صراع على مر المراحل , جرف ما تبقى من كادر عدن , وفي كل مرحلة تفقد عدن جزءا اصيل منها وتعاني من المنتصر الذي يصب غضبه وحقده على عدن , انها مأساة عدن .
مأساة عدن جعلتها بين خيارين , الاستسلام لهذا الواقع والخنوع , او رفض هذا الواقع ومقاومته , فاختارت حقها في الرفض والمقاومة , لتقول كفى عبث , وتعلن عن كيانها المتمثل بشبابها الواعد , الذي يرى ان عدن تستحق ان تعيش كمدينة لا كقرية , حياة كريمة ورقي ومدنية ونظام وقانون , ان تستحق عدن ان تكون ذات ارادة في فرض واقعها الراقي وايقونتها الجميلة على العصبية والقروية والتخلف والجشع الذي يضر ولا ينفع ليس بعدن بل بالوطن والمنطقة والعالم .
تستحق عدن ان يكون لها مكون يدافع عن حقها في الحياة , لتستعيد مجدها , وتحفظ تاريخها وارثها , وترمم ما اصابها من تجريف وضرر العصبية والتعصب , تستحق ان تكون شريكه في القرار والمصير والادارة , هي اليوم تطالب بكل ذلك من خلال تشكيل مكون شباب يدافع عنها ويتبنى مطالبها وينظم نشاط ابنائها .
فلا ضر بذلك ولا ازعاج , بل يجب ان يشجع مثل هكذا نشاط سلمي مدني , ولا ننسى ان عدن كانت تحتضن نوادي ثقافية وسياسية وحقوقية , كمكونات نظمت انشطة كل ابناء جنوب وشمال الوطن , مارسوا نشاطهم بحرية دون منغصات , من حقها اليوم ان تنظم ابنائها في مكون مدني ثقافي يعيد لعدن رونقها الجميل , وروحها الأخاذة كمدينة وعاصمة ثقافية وسياسية واقتصادية ومركز تجاري هام تديره عقول متحضرة ونفوس نقيه من العصبية والقبلية لتلغي التمايز بين البشر وفق اعراقهم والوان بشرتهم ومسقط رؤوسهم , بعنصرية مقيته , وتدعوا الجميع بكل اطيافه وتوجهاتهم ان يتركوا عصبتهم وسلالتهم خارج عدن ويندمجوا في نسيج عدن المدني كمدنيين متعايشين مع الجميع بحب وتسامح ورقي .