*آراء_وتحليلات*
التعامل بردود الفعل خسارة و خيبة!
*كتب* / احمد عبدالملك المقرمي
رود الفعل السريعة و غير المتأنية حالة غضبية خاسرة في الأعم الأغلب، و تقود الإنسان إلى إفراط أو تفريط، أو هما معا.
هذه الصفة أو هذا السلوك من ردود الفعل، صفة معيبة إذا تخلق بها فرد، و هي أكثر عيبا و نقصا إذا تخلق بها كيان أو حزب، و هي أكثر خيبة و خسارة إذا تخلق بها نظام أو دولة.
ربما كان الانطباع السائد لدى رجل الشارع العربي أن العلاقات العربية/ العربية محكومة منذ زمن بعيد بردود الفعل، فالعلاقات البينية بين كثير من الأنظمة العربية تسودها هذه الصفة.
ردة الفعل الغاضبة ثمرتها التفريط الذي يكون أول ضحاياه من مارس هذه الصفة؛ لأنه يفرط بمبدأ لصالح إرضاء الذات غضبا من هفوة أو غلطة اقترفها أخ له أو صديق قريب منه، فتأتي ردة الفعل مدمرة.
لا أريد أن أتوقف عند العلاقات العربية العربية؛ لأنها ستجرنا إلى أمثلة شديدة المرارة، وصلت في إفراطها و تفريطها إلى الإضرار الجسيم بقضية العرب الأولى، قضية فلسطين ! حيث وصل مستوى ردود الأفعال إلى التنازل أو التخلي عن مبادئ انتصارا للنفس، أو انتقاما للذات.
دعونا في الحالة اليمنية، فردود الأفعال الغضبية، قد تُسوّل لهذا أو ذاك أن يخذل أخاه ليعطيه درسا، فيأتي الدرس موجعا للجميع، و حتى للمتفرجين.
ربما خدمت الحوثي كثير من سياسة ردود الأفعال التي مارسها البعض، و إن كان أسوأها من سلم المعسكرات - كردة فعل انتقامية - للكهنوتية الحوثية.
الظرف الذي تعيشه اليمن اليوم يمثل درسا موجعا و مؤلما لكل ذي لب و عقل و صاحب مشروع وطني جامع، بحيث نوجه جميعا ردة الفعل السوية و المنظمة باتجاه المشروع الظلامي للحوثي، و ألا يكرر أحد خيبة التعامل بردود فعل التي أضرت بالشعب و الوطن.
في 26 أغسطس 1965م. اتخذ عدد من المشائخ الجمهوريين ردة فعل ضد السلال و العمري بسبب اختلاف جرى بين الفريقين شعر معه المشائخ بمعاملة سيئة فراحوا للتفاوض مع الملكيين، ومع أن أولئك المشائخ ممن قاتل في صف الثورة و الجمهورية إلا أن ردة الفعل منهم قفزت بهم للتفاوض مع الملكيين، إلى حد صدور ميثاق اتفاق وصل الأمر فيه إلى أن يكون أحد بنوده أن تتولى حكومة انتقالية لمدة عام يشارك فيها الملكيون تحت مسمى الدولة اليمنية الاسلامية بدلا عن الجمهورية العربية اليمنية!
ردة الفعل هذه التي فرطت بمبدأ وطني هو النظام الجمهوري، و أساءت للدعم الأخوي المصري، أوغرت صدر القيادة المصرية حينذاك، فكان منها رد فعل أعنف بإبرام اتفاقية جدة بصورة سريعة على إثر اتفاقة المشائخ الأربعة أو الخمسة الذين يذكرهم رئيس المجلس الجمهوري القاضي عبدالرحمن الإرياني - كما يذكر التفاصيل الأخرى - في مذكراته.
و كانت ردة الفعل الاتفاق على عقد مؤتمر حرض بين الجمهوريين و الملكيين، و حكومة انتقالية لمدة عام بدون مسمى الجمهورية، و استفتاء شعبي بعد الانتهاء من مؤتمر حرض يجعل النظام الجمهوري في المزاد بتعبير القاضي الإرياني، حيث يقرر الشعب اليمني بعد عام نوع نظام الحكم الذي يريده.
كان الشعب في الحقيقة يقظا، و سرعان ما تناسى الجمهوريون خلافاتهم و رصوا صفوفهم و وحدوا مواقفهم لمواجهة الملكيين، و أعلنوا للعالم أجمع أنه لا تخلي عن النظام الجمهوري.
و عقد الجمهوريون مؤتمر الجند في أكتوبر 1965م. الذي ضم مختلف قطاعات و فئات الشعب اليمني، حيث خرج المؤتمر بقرارات أهمها التمسك بالنظام الجمهوري و مقاومة المشاريع الإمامية، و كان مؤتمر الجند قبيل مؤتمر حرض بأقل من شهر.
إن ردود الفعل الحمقاء، لا تثمر خيرا و لا نفعا، و إنه لا بد من التعويل دائما على حشد الطاقات الشعبية، فالشعب هو صاحب الكلمة، و لابد كذلك من توحيد كلمة القوى السياسية نحو تحقيق الأهداف المنشودة، و الرمي بالخلافات جانبا، فالشعوب تنتصر بوحدتها، و القوى السياسية تحقق آمالها باصطفافها، و خاصة في مثل الظروف التي تمر بها اليمن.