مشاكلنا في الدول النامية واحدة , لم نستطيع الفصل بين السلطات , ولم نفرق بين الدين والسياسة , نستخدم الدين لأغراض سياسية والعكس ,نتفق في عشق حكم العسكر , ونتبعهم مستسلمين ,نشعر بفخر بقوة وبطش الحاكم العسكري , امة ابوية , تحتاج للعصاء في ادارتها .
ولهذا تفتقد للحكمة , لان العقل الحكيم فيها لا ينفع , يتمرد عليه صغار القوم من القوى العبثية التي تبحث عن نقاط ضعف لتنقلب على العملية السياسية , لتبني سلطتها الغاشمة بفرض امر واقع العنف , هذا حدث ويحدث في دولنا النامية , التي لم تبلغ بعد للرشد , ولم تصل لمستوى وعي يرشدها , لا نخب سياسة , ولا نخب مجتمع , الا ما رحم ربي منهم وهم قله تأثيرها ضعيف , لدعم القوى المدنية , والعقل والمنطق ليتفوق على العضلات والقوى والجنرالات , لترسيخ دولة مدنية يديرها عقل ومنطق وكفاءة , وتكنقراط.
السلطة مغرية، للضعفاء الواهمين انهم اقوى من سنن الحياة ( التغيير ), ضعفاء في استخدام العقل والتفكير , ممن جرهم الحماس الثوري، والصدفة في تقدم الصفوف بعضلاتهم والبندقية التي على أكتافهم، أو بدعم قبلي وعسكري، مجرد وصولهم للسلطة، يبدأ سيناريو جديد من سلطة العسكر التي تلغي القوى المدنية، من شراكه الى تابع , لتجعلها مجرد اداءة من أدواتها، للترويج والحشد والتحريض , للتلميع والنفخ والتطبيل , من يحترم نفسه ويرفض الدور , يواجه سياسة الموت البطيء , اهمال وحرمان من ابسط الحقوق والمستحقات , ليكن عرضه لبيع ذمته والتنازل عن قيمه , ليصل للجوع الكافر , وحرمان من الحياة الكريمة , حتى يصل لتقديم الطاعة , والقابض على مبدئة كالقابض على الجمر , نهايته وخيمة , هي حالة القوى المدنية في بلدنا، و المناضلين الأوائل الشرفاء المفكرين والمثقفين، الذي حصدتهم الة الاهمال الممنهج وقضوا نحبهم ومنهم من يعاني إلى اليوم .
هذه السلطة لا يمكن أن تصنع دولة مدنية، بدعم جنرالات عسكر , وليس أي عسكر ، بل عسكر اشداء على القوى المدنية رحماء بينهم تفوح روائح الفساد منهم ، حيث تتفوق العضلات على العقل، ليتحول العقل أداة بيد العضلات، في ادارة شؤون امة وشعب بالضرورة سيعاني الامرين , وها هو يعاني اليوم .
هذه الصورة تتجسد في حادثة العند، سقط العسكر في جريمة بشعه، وسقط معهم بعض الصحفيين، الزملاء نبيل الجنيد ومحمد النقيب وهم يقومون بتغطية حفل التخرج، يصورون المنصة، ليقدموا الصورة على شاشة التلفاز كإنجاز عسكري فيه اشادة بالقادة والعسكرين في تحرير الارض والعرض من الانقلاب العسكري أيضا، حرب فرضت علينا كمثقفين وصحفيين أن نكون خلف العسكر لدعم التحرير، وماذا بعد التحرير ؟, كعدن والاطقم العسكرية التي تدوس الابرياء في الشارع , والسلاح المنتشر والمنفلت , والذي لا يحتكم لعقل ومنطق يضبطه , ماذا تتوقع من سلاح بيد جاهل او مجنون , وسلطة بيد طائش ومتهور , ومتخلف تديره اطماعه وجشعة , صورة تفقد المواطن الامل بفقدان القوى المدنية لدورها المحوري في ادارة شئون الامة , وان يكون للعقل والقلم وموقع رفيع ومساهم في ادارة البلد .
صورة تجسدت بعد الحادث الاليم , تم انقاذ سريع للعسكر وجنرالاتهم , واهمل متعمد للصحفيين ولم تلتفت لهم سلطة العسكر , عن أي فرصة ستتاح للقوى المدنية والعقل والمنطق في ادارة البلد ؟!
اهمال الجرحى من الصحفيين الزملاء نبيل الجنيد ومحمد النقيب هي صورة غير مرضية للناس , توضح الفرق بين هذا الصحفي وذاك العسكري في اولويات سلطة تدعي انها تمثل المواطنة , وتتجسد الصورة اكثر لما حدث للزميل الصحفي نبيل القعيطي في عدن، حينما خرج عن طاعة العسكري، أو أن العسكري لم يرقه وقتها منظر نبيل كصحفي، احب أن يمارس هوايته في إهانة كرامته وإنسانيته، هذه هي العقلية العسكرية التي نتعامل معها اليوم , وهي تتعامل معك حتى وان كنت في صفها ومروج لها , عليك ان تحتمل عنجهيتها , وعلينا ان نراعي حالتها المرضية , ونقدم لها الاعذار والاعتذار , والولاء والطاعة .
لا مراعاة لمعاناة الناس اليوم المعيشية وتبعات الحرب , بل عليهم ان يحتملون تبعات العسكر , العسكر الذين لا علاقة لهم بالجبهات , الجبهات غير , الحرب بالنسبة لمثل هولا هي فرصة للثراء والنهب والسطو والانتهاك والشطح والزنط , في الشارع , ورواتب من اكثر من جهة بالسعودي والإماراتي واليمني وزيادة 100% وبذخ بالصرف دون حسيب ورقيب ، والمدني زيادة 30% والمتقاعد 15% والرواتب لا تكفي لسد جوع الأسرة، هذا هو اقع العسكر وحال المدنيين، والمستقبل الذي ينشده البعض من حكم العسكر، الذين يستنزفون المدنيين في حرب عبثية لن تنتهي , لأنها مصدر دخل وفساد وثروة وعبث لا نظير له دون نظام وقانون وحساب وعقاب ودوشه ووجع رأس.
والله يستر على هذا المستقبل .