"عيرتني بالشيب وهو وقار ليتها عيرتني بما هو عار" بالأمس فعل الرويبضة مع اقيال اليمن احفاد الملوك الحميريين التبابعة والملوك السبأيين المكاربة، كما فعلت احدى الغانيات مع أحد فحول الشعر العربي في زمن مضى. الغانية عيرت شاعرنا الهمام بالشيب الذي ظهر في الذوائب من شعر رأسه فانشد قصيدته المعروفة ساخرا من حماقتها وطيشها ونظرتها السطحية لما حولها من المدركات الحسية بطريقة تفتقر الى الوعي والحكمة والرزانة، وقد اجاد الشاعر في الرد البليغ على تلك الغانية المغرورة بجمالها وانوثتها.
الرويبضة بالأمس نشر فيديو اساء فيه الى نفسه أولا واساء الى 250 مليون عربي ويمني إذا سلمنا بمقولة ان العرب أصلهم من اليمن وان من لا ينتمي الى اليمن فليس بعربي. قال الرويبضة ان اليمنيين أصلهم حميريين وان الحميريين كانوا يهود، وبهذا الطرح الساذج والسخيف اعتقد الرويبضة انه سب اليمنيين وشتمهم وحط من شأنهم ومكانتهم وتاريخهم المجيد، عندما قال "حميريين يهود" وقال "حميريين العرق عرق يهودي". ركز الرويبضة كثيرا على الربط بين الحميريين واليهود في محاولة بائسة أراد من خلالها ان المسلمين الحقيقيين والعرب الاصيلين هم حسب زعمه الذين جاءوا من سلالة محمد بن عبد الله اما بقية اليمنيين فهم يهود يجب عليهم اللحاق بأجدادهم في تلابيب.
أولا وقبل كل شيء، الانتماء الى ملوك حمير واذوائها مفخرة ما بعدها مفخرة وشرف لا يطاوله شرف، وهذا بحد ذاته يكفي الرويبضة كي يغض الطرف وينحني لمن هم احفاد الملوك وأبناء الحضارات، لأنه يعرف تماما انه مجرد جلف من اجلاف الصحراء يأكل الحشرات ويسكن الخيام ويشرب بول الإبل وحالهم كما يعرف الجميع حفاة عراة، هذا إذا صح نسبه كما يدعي. وان ثبتت المقولة الأخرى التي تزعم ان الرويبضة وامثاله لا أصل لهم ولا جذور في بلاد العرب وانما جاءوا الى ارض اليمن من سجون فارس كمجرمين وقتلة وارباب سوابق وفقا لبعض المصادر التاريخية.
ثانيا ليس من العيب ان يكون للحميريين ديانة سماوية وهي اليهودية شريعة النبي موسى عليه السلام، وهي الديانة السماوية التوحيدية في ذلك التاريخ، بل ان ذلك الامر مفخرة للحميريين وشرف ما بعده شرف. في تلك الحقبة التي كان الحميريين يبعدون الله الواحد الاحد كان الرويبضة وقومه يتلفعون في اثواب العمى والجهل والتخلف والعيش في ظلام الجاهلية الأولى عندما كانوا يعبدون الاصنام (اللات والعزى ومناة وهبل) وشتان بين من كان يعبد الله وبين من كان يعبد الاوثان ان صح زعم الروبيضة فيما يدعيه من نسب. اما إذا صحت الرواية الأخرى فان حال الرويبضة سيكون أسوأ، فقومه آنذاك كانوا يعبدون النار في بلاد فارس وكان الرجل ينكح ابنته ويتزوج محارمه وفقا لتعاليم ديانتهم المجوسية.
والذي نفسي بيده ان الرويبضة قد فعل كما فعلت تلك التي نكثت غزلها بيدها من بعد قوة انكاثا او كما فعلت تلك الغانية التي عيرت فحل العرب بشيب شعر رأسه، وهكذا فان الله في كثير من الأحيان لا يعمي الابصار ولكن يعمي القلوب التي في الصدور كما اعمى الرويبضة واوقعها في سوء افعالها.
أخيرا وليس اخرا، لا أدري ما هو العيب في الديانة اليهودية ولا أدري ما هي النقيصة في بني إسرائيل، الذين فضلهم الله على العالمين، وعليه فإنني أجد نفسي مضطرا للرد على الرويبضة والتوضيح للقراء الكرام ان الديانة اليهودية هي ديانة سماوية توحيدية لا غبار عليها، ولا يجوز النظر الى معتنقيها بعين الشك والريبة، كما ان الانتساب الى بني إسرائيل أيضا هو واحد من الأمور التي يعتز بها الانسان ويفتخر كون بني إسرائيل هم الامة التي شرفها الله بحمل الرسالات واختصها بالنبوة والكتاب، ولذلك فاني اعلنها مدوية انني فخورا جدا بان اجدادي كانوا حميريين يهودا وليس بدوا وثنيين او فرسا مجوسيين.