حرب عبثت بحياتنا، تنقلنا من انتكاسة لانتكاسة، من فشل لفشل.. حياتنا اليوم لا تطاق، بؤس واكتئاب، حرمان واضطهاد قهر، وسخرية من أمة عظيمة كرمها الله، تولّى عليها أشرار القوم وأكثرهم عبطاً وهزلاً، وضعت تحت أيدي متهورين وطائشين وقليلي العقل وغير مبالين بالمسؤولية.
واقع مبكٍ ومضحك من شخصية كونان الذي يكتشف الجريمة قبل وقوعها، واكتشف أكبر خلية إرهابية في العالم، يا للهول، كم هو احتياجنا لكونان الحقيقي، إنها المأساة عندما يتحول المسئول لمثير للسخرية.
الاغتيالات تعود حسب الطلب، عندما تثار قضية ما، يكون الارتداد سلسلة من الاغتيالات والجرائم التي تقيد ضد مجهول، وحتى وإن تم القبض على المجرم لا تعرف دهاليز اعتقاله، ويتلاشى ويضيع في السجون المتعددة الولاء، كل هذا العبث يتحكم به مستفيد، والمستفيد هو المخطط لهذا التشرذم في الولاء، لينفذ خططه بدهاء.
مستهتر وساخر بإنصاف الضحايا، ساخر بمطالبنا محاكمة هذه الخلايا، ساخر بشعب يحلم بالعدل والإنصاف، ويتمنّى أن يرى المجرم معلقاً على مشانق الإعدام بحكم عادل.. لكن لا جدوى من الانتظار، فالموت صار واقعاً محتوماً، بتصفية الخصوم خارج إطار النظام والقانون، والجريمة تتم في وضح النهار، والمجرمون يسرحون ويمرحون بتحدٍ فاضح للأنظمة والقوانين والأمن والدولة والشرعية بأنواعها ، كونان يرقص ويغني ولا هو مبالي.
كونان هنا هو العسكري المنفلت يغرد خارج إطار النظام والقانون، ويرتدي ملابس كونان الحقيقي بقناع أسود كأنه شبح، إذا طلب منه إحضار متهم، فيقبض روحه، ويُداهم الأحياء السكنية ومساكن الآمنين بطريقة العصابات الأميركية، التي تدمّر كل شيء أمامها وتقتل من يقف في طريقها.. كونان حامي حمى الباسطين والناهبين والمنتهكين، حتى راودك الشك أنهم القتلة والمجرمون، والخارجون عن النظام والقانون، من يحاسب من في زمن كونان المهزلة.
في زمن كونان.. الشاهد يشهد على روحه، وقول الحق يضعك في موضع الإرهابي، والمعارضة جريمة، وإمام المسجد يسير وكفنه في يديه، الإعدام حكم ينفذ دون قضاء، والعدل مفقود، والأمهات يفترشون الشوارع متوسلات تقديم أبنائهن للقضاء ليأخذ مجراه العادل في قضاياهم، وكثير هم الباحثون عن المخفيين قسراُ.
في زمن كونان.. الرأي الآخر والصوت الأخر مرفوض، العقلية المتخلفة مؤثر مهم في الظاهرة الكلية، التي تتميز في الازدراء من الآخر رأيا ونهجا وثقافة، ومثقفو كونان بشهادات عالية، يقول للسياسي لا تنظر لما يقوله الآخر، وإذا سمعتهم اعرف أنك أوجعتهم، وزيدهم وجعاً، كيف نقبل على مستقبل بخطى كونان الصلفة والعقلية المتحجرة، بمثقف كارثة وسياسي مشكلة.
احمد ناصر حميدان