*الســـوادي .. قَيْــلٌ من مذحج !*
بقلم : *مرسل الغنيمي*
من هو عبدالرحمن السوادي ؟ هو ذلك الشخص الذي عشت معه سنيناً وعملت معه وكان بالنسبة لي خصوصاً ولليمنيين عموماً مثلاً أعلى للعطاء والرجولة والمثابرة وحبه للأوطان وأبناء بلده وأبناء البلد الذي يعيش فيه ( المملكة العربية السعودية ) والقصة لا تكمن هنا ولكن تكمن في عمق التاريخ ..
فذلك الرجل هو أحد أعيان قبائل مذحج الأبية ومن سنامها قبيلة مراد التي تنتشر في اليمن شمالاً وجنوباً وتنتشر في بقاع الوطن العربي وحتى في الصومال وارتيريا وجيبوتي ويعرف اجدادهم بحنكة العقل وسرعة البديهة وقدر عرفوا على مر التاريخ بقوة الحجة وصفاء الذهن وحبهم وولعهم للقراءة والبحث العلمي وحياتهم كانت عبارة عن نشر الخير بين الناس وكما يقال في المثل العربي لكن مع الأسف في وطني الغالي يقال (في ستين داهية) .
هذا المثل انتشر كثيراً في الوطن العربي ولا يُعرف في أغلب الأحيان عن قصته فقد كان لقبائل مذحج حروب مع القبائل والشعوب المجاورة لها وكان ( الستون رجلاً ) الذين عُرفِوا بالدهاء والحنكة وكانوا هم من يقودون قبائل مذحج .
كانوا على قلب رجل واحد .. كانوا دائماً ينتصرون في حروبهم إما قهراً وإما بحنكة المفاوضات ويكسبون قضاياهم مما جعل القبائل المحيطة بهم تخضع ولهم وتنكسر لأرادتهم .. وما كان من المتخالفين ضد هذه القبيلة الان أن تآمروا عليها مكروا بها وقُتل الستون رجلاً كي تنكسر تلك القبيلة الشامخة عبر التاريخ ..
فكان لأعداء مذحج ما هدفوا اليه وتمت تصفية قاداتها وفعلاً خضعت تلك القبيلة في ظل الواقع المرير والصعب فترة من الزمن حتى خرج من أصلاب تلك القبيلة من أعادها الى مجدها وبدأ في الانتقام من كل من حَبَكَ لتلك المؤامرة حتى انه اسرف في القتل وكان يأتيه من يحاول أن يرده ويقول لقد أسرفت في القتل فيردد مقولته الشهيرة (في ستين داهية)
من هذا الباب ومن هذا المنطلق أعرفكم بشخصية عرفت بالحنكة وهو من صلب تلك القبيلة المجيدة والتي ينتسب لها الكثير من الجزيرة العربية حتى المشرق العربي
عبدالرحمن يوسف زيد أحمد ناصر القردعي السوادي
رجل أعمال بدأ حياته في المملكة العربية السعودية .. تربى على يد والده مربي الأجيال في ذاك الزمان ونشأ في بيئة متزنة ..
دائماً عندما يبحث عن عمله فهو يبحث قارئاً للتاريخ ..
صاحب فكر نير يوجه الشباب نحو بناء مستقبلهم ودائماً ما يردد كلمته المشهورة ( الشباب عماد الأوطان )
خلال معرفتي به كان فذاً غير كل الذين عملت معهم في السابق او حتى الذين تعرفت عليهم فسياسة الباب المفتوح الذي عُرف بها دائماً .. كانت ولا تزال ميزة خاصة امتاز بها..
كان يأتي لمشاورته سعوديون وغير سعوديون وكان خير دليل ومرشد لمن يبحث عن النجاح ..
عرف السياسة في اليمن واحتك بأهلها ولكنه كان يردد دائماً بأن حكومة علي عبدالله صالح لم تبني دولة وطنية وانما مع الأسف دولة خاصة به وزمرته وكان يقول دائماً ( ان الأوطان لا تبنى بهذه الطريقة ) لم يبني مجتمع صحي بل أنشأ مستعمرة متنفذين همهم الوحيد نهب ما في جيوب المساكين كالطيور التي تحوم على مرامي النفايات وكان كذلك يردد قوله ( اليمن جوهرة يبد فحام ) وهو مثل يمني مشهور
كان و لازال السوادي يؤمن بالثروة البشرية التي تمتلكها اليمن خلاف ما كان يردده المسؤولون اليمنيون من أن اليمن فقير وليس به موارد وأن اهل اليمن أهل عزم وبأس شديد ومن السهل توجيه الروح اليمنية لتعلم أي مهنة أو فكرة يتبناها وكذلك من أقواله ( من يمتلك سلطة في اليمن ولم يستغل رجالها ونسائها وطاقاتها فهو رجل مخبول )
لقد كان من أوائل من قال أن الوحدة اليمنية بها شرخ بعد عام 94 وكان يردد إن الحروب وشعور الطرف الاخر بأنه مغتصب وسوف يؤدي بوحدة اليمن الى نفق مجهول.
وكان يرى أن اليمن لن تصل الى طريق سوي طالما أن الحقوق ضائعة ونسي المسؤولين السابقين أن الحقوق لا تسقط بالتقادم
هذا كان ما يرويه دائماً في المجالس وكم كنت أشتاق لحضوره مجلساً أو ندوة وهو يتحدث عن قدرات أهل
اليمن خلاف ثرواتهم الكامنة في بطن الأرض وسواحلها التي تحيط باليمن من كل جهة
علاقته الممتدة من شمال اليمن الى جنوبها تؤكد لليمنيين حب ذلك الرجل في وطنه وأبناء شعبه
كان منبوذاً (السوادي) لدى المتنفذين محبوباً عند الفقراء والمساكين رمزاً للشباب والشابات على مستوى الجمهورية اليمنية , كل أماً عرفته في اليمن تدعوا له أن يحرسه الله , كل شيخ طاعن في السن تقطعت به السبل يرى في ذلك الرجل ابن له .
من احتكاكي بالرجل وكل من احتك به من زوار اليمن أو عرفه عن قرب يجسد في مخيلته تلك الشخصية
في دولة رئيس الوزراء سابقاً أ. فرج بن غانم رحمه الله
قدم السوادي دراسة جدوى اقتصادية تدل اليمن لطريق بناء الاقتصاد الصحيح وقد انبهر من تلك الدراسة المقدمة بين يديه وانبهر كذلك من شخصية الرجل وبساطته وحدة ايمانه بأفكاره. فرحب بتلك الدراسة وقد قال له السوادي آنذاك أنه على استعداد أن يكون المساهم الاول لإنجاح تلك الخطة بما يعزز نهوض اليمن وأهلها لبناء وطن يُغني أبناءه عن الغربة والاغتراب.
وسيأتي من أبناء المهجر من يمد يده لعون الدولة.
بعد ذلك قام أ. فرج بن غانم بتقديم الدراسة التي وضعها السوادي لدولة علي صالح ولكنه صُدم بواقع مرير وتم رفض تلك الدراسة وازداد الوضع سوءاً وتدهو أكثر مما جعل أ. فرج بن غانم يقدم اسقالته ..
وسقط حلم كان فرج بن غانم والمخلصين في اليمن أن قد سعوا في أن ينموا لصالح المساكين والمتعلمين وحتى الاكاديميين ..
كانوا هم من سيتبنون تلك الأفكار في المقام الاول وكانت الفكرة بكل بساطة تكمن في تجفيف منابع الفساد والنفوذ وبناء قانون يسود على الجميع .. فالاقتصاد الحقيقي هو الذي ينتج عنه التعليم السليم وجميع مرافق الدولة ستبنى إذا ساد القانون على الجميع .. فلا إنسان بلا تعليم ولا تعليم بلا إنسان .. كان ولا زال يؤمن السوادي بأن الاقتصاد والبناء السليم سيجلب لليمنيين كل جميل للنهوض بتلك الحضارة الضاربة في عمق التاريخ
وقد كان علي عبدالله صالح يردد في عهده (من يريد حكم اليمن عليه ببسط جنبيته على رقاب المساكين) وهذا دليل لا يحتاج لتأويل لهجرة اغلب العقول النيرة من اليمن العزيز ومن تبقى فيها إما همش او ضاع بين صراع الحياة أو إدمان مادة القات حتى ذاب عقله.
كنت أسأل نفسي لماذا وطني يهجر العقول النيرة ويطردها ويحاول مضايقتها للخروج من اليمن ومع مرور الوقت لم اجد الا سبب واحد الا وهو أن دولة المتنفذين تخشى من أن يستيقظ اليمنيون
وأطرح السؤال الأهم هنا .. من له مصلحة في محاول تصفية شخص كالسوادي في مكة المكرمة الا شخص يترقب ويحمل في قلبه الضغينة أو حاقد يملأ قلبه الغل والغدر!
والانسان سيرة تمشي على الأرض فكم من شخص لا يعرفه اتصل بي ليطمئن على صحته سواء من شمال اليمن وجنوبها حتى ان جوالي لم يتوقف عن الرنين سواء رسائل او مكالمات
وهذا إن دل فهو يدل على مسيرة عطرة نقشها ذلك الرجل في قلوب من عرفه كالنقش على حجر حمير وبخط مسند والتاريخ لا يرحم ولا يستحي
أحببت أن أكتب رسالتي هذه وأُطمئن كل من سأل عليه بأن الرجل بخير وعافية وأن المملكة العربية السعودية وولاة أمرها الذين لم يدخروا جهداً في رعايته
*مرسل الغنيمي*