الاخلاق كي نستعيد وطن
سنستعيد وطننا متى ما استعدنا أخلاقنا، وأعدنا لخطابنا مصداقيته، راجع كل كلمة كتبتها وكل كلمة نطقتها، هل تستقيم وعدالة قضيتك، والأخلاق الإنسانية، ستعرف موقعك من الحل والمشكلة. الأخلاق والقيم هي وحدها ستعزز فينا الإيمان بالشراكة، وستلغي من الذهنية وهم العداوة، شركاء مختلفين في الرؤى متنوعين في النهج، نشكل فسيفساء من الافكار والمشاريع، سنرى جمال العلاقات والتنوع والشراكة، وسنأخذ بما هو أفضل ما فينا، ونترك كل سوء تعزز بفعل مآسي الماضي، ومن مكارم الأخلاق التصالح والتسامح، والاعتراف بالأخطاء، الأخلاق يقيم الذات وبها تستقيم المجتمعات القادرة على تنهض بأوطانها . تشعر بغصة وألم مجرد أن تقرأ عبارات لا أخلاقية وخطاب لا أخلاقي، تسود الحياة والنظرة للمستقبل، أخطر تحدٍ اليوم نواجهه هم عديمو الأخلاق. بالأخلاق سنتمكن من بناء دولة القانون الكفيلة بلجم عديمي الأخلاق، المعتقدين أن السياسة بدون أخلاق وفق ميكافيلي، وأن الغاية تبرر الوسيلة، فيعفنون الواقع ببذاءتهم وقلة أخلاقهم كذئاب ميكافيلية. ونشيّد دولة المؤسسات الديناميكية بالمشاركة الفردية في كلّ دواليب الخلق والإبداع والعطاء مع ضمان التجدد بالتقييم والتداول على المسؤولية في كلّ مستوى، سنتقدم خطوات هامّة نتجاوز وضعيتنا كفئران المختبرات التي يجرى عليها التاريخ تجاربه . دولة المؤسسات والنظام والقانون التي تحد من الخصومة الفاجرة والتناقضات السلبية المدمرة، التي يتسلل منها المغرضون والطامعون والمنافقون وعديمي الأخلاق، احترام القانون يقوي إرادتنا ويحفظ سيادتنا، ويحد من التحالف مع الشيطان في سبيل نصر موقت على شركاء الوطن والحياة، ويحرمنا حريتنا ويقيد إرادتنا لنستسلم لكل الانتهاكات التي يبررها البعض اليوم، الأخلاق هو عدالة قضيتنا، واحترام القانون هو تجرد من الأنا والأنانية، للخضوع للمصالحة العليا، ونستعيد أنفسنا، هذا إن أردنا وطناً.. سنكون قد روّضنا السياسة بعد أن طال استبدادها بنا إذ تصبح هي فأر التجربة ونحن المجربون، ولن يتم ذلك دون أخلاق. كان أرسطو وافلاطون قد اتفقا على أن الأخلاق جزءاً من السياسة، وأن "لا سياسة بدون أخلاق"، كما نادى الإسلام "بوجوب هذه الأخلاق كضوابط للسياسة التي يجب ان تحقق القدر الأعلى من صلاح الناس وتبعد الناس بتدابيرها عن شياطين الفساد"، لأن الغاية النبيلة، ووفقا لآراء علماء الإسلام لا بد لها من وسائل مشروعة ونبيلة لتحقيقها، بعيدا عن الخداع والتلون، ذلك لأن مصلحة الدين ثم الوطن مقدَمة على المصالح الشخصية والحزبية، وبذلك نجد بان هؤلاء جميعا قد رفضوا نظرية "لا أخلاق في السياسة"، وفقا لما جاء به ميكافيلي الذي يعتقد بأنّ الغاية تُبرر الوسيلة التي لا أخلاق فيها ولا قيم. علينا أن نرفض الخطاب الغير أخلاقي، والمبررات الغير أخلاقية، والمفردات الغير أخلاقية، ونستعيد ميزان الأخلاقيات الذي يحد من السقوط الأخلاقي للكثير ممن يدعون انهم يناضلون، بشتم واسب واتهام الآخرين، وهم بالدرج الأسفل من سلم الأخلاق سلوكا وثقافة، (و إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا .....و إذا أصيب القوم في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتما و عويلا صلاح أمرك للأخلاق مرجعه *** فقوّم النفس بالأخلاق تستقم)
احمد ناصر حميدان