لازالت الفتاوى الدينية تصدح من مساجدنا دون رقيب او حسيب , ولازال الباب مفتوح للمتطرفين ودعاة الغلو يعكرون صفوا الحياة والتغيير والتطور , ولازال التخلف يريدنا ان نكون نسخة طبق الاصل من الماضي , بعقول مقيدة ونفوس اسيرة للوصاية من دون الله .
بعضهم يرتدي الدين لغرض سياسي , ويضع نفسه وصيا على الناس , شيخا يفتي ويقدم النصح دون ان يعترضه احد , ومن اعترض فقد كفر و ارتد , ذلك الذي يرى الناس جميعا اقل منه ايمانا , وقد كُلف بتربيتهم الايمانية , بخطاب ديني عفى عنه الزمن واتفق الجميع انه سبب رئيسي في ما نحن فيه اليوم , اتعظ البعض ولازال البعض لم يتعظ , يقدم خطاب تحريض ضد ما هو جديد , ضد الوعي والثقافة الاجتماعية , ضد العقل والروح والانفتاح الاخلاقي مع العصر .
ما مسنا اليوم للوعي الاجتماعي وتنوير العقول لتضيء الظلمة المعتمة التي نحن فيها , لتقضي على الجهل والتخلف والتزمت والعصبية , ولن يكون ذلك دون الحرية المنضبطة بالنظام والقوانين والاخلاقيات , نحتاج للتعبير عن الذات , وتحطيم كل القيود البالية المعيقة لحرية الراي والتعبير , نحتاج لثقافة اجتماعي و وعي ينقلنا لواقع افضل , وأدوات الوعي كثيرة وأرقاها الفن والمسرح والسينما الذي يشكلا روح الإنسان وإدراكه، كرسالة معززة للقيم والفضائل في النفوس وجمال الروح، باعتبارهما أداة لانعكاس وبلورة معطيات الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والحضاري، يشكلان معا مرآة تعكس الصورة الحضارية للشعوب، ويقدمها بصيغة جميلة للعالم من ثقافة وارث وتاريخ وعادات وتقاليد، يشخصان الحالة ويسلطا الضوء على واقع المجتمع سواء من حيث الاستقرار أو من حيث المعاناة ويطرحا هذه المعاناة للنقاش والتحليل، ما أمسنا في هذا البلد التعيس لنكتشف أنفسنا وعلاقتنا ببعض، لنترك مختلف أشكال الخصومات ونتحول لشركاء فاعلين بمختلف الإمكانيات والأفكار ليتم إيجاد الحلول الناجعة والمناسبة للتخلص مما نحن فيه، كم نحن بحاجة للترفيه وصقل المواهب.
ها هو عبدالله العديني , ممثل الشعب , من على منبر المسجد في تعز الحالمة يحرض ضد عرض سينمائي ( عشرة ايام قبل الزفة ) يقدم قصة لواقع معاناة في عدن من اجتياح الكهنوت في حرب 2015م , صحيح انه لم يحمل البندقية على المنبر , لكنه حرض الشباب المتعصب على حملها للجهاد و الغيرة على دينه هو وافكاره المشوهة , لا ديننا الاسلامي الحنيف المحكوم بنصوص وقراننا الكريم .
السؤال هل شاهد عبد الله العديني الفلم ؟! وكيف حكم ؟ كان حكمه باطلا ومعمما على الفن والسينما والمسرح , باعتبارهما ادوات تنوير ثقافي وفكري واجتماعي وسياسي , لا يرغب عبد الله العديني وامثالهما مثل هذا التنوير .
هو لا يرغب بالسينما وليس مجبورا في دخول العرض , وليس من حقه ان يحد من حرية الاخرين في التعبير والمشاهدة والاطلاع , السينما خدمة الدين اكثيرا في مسلسلات قصص الانبياء والصحابة ,وعبرت بصدق عن قيم ومبادئ الدين الاسلامي الحنيف , والعديني وامثاله يسيئون للدين ويقدمونه بأفكارهم المتطرفة , حتى صنعوا فوبيا الاسلام , وها هم الساسة والمفكرون يجتهدون على معالجة تلك الافة التي حلت بالإسلام اليوم بسبب امثال العديني .
العديني كارثة تستدعي وقفة جادة من الاحزاب والمكونات السياسية والفكرية , بل تستدعي من حزب الاصلاح الذي ينتمي له العديني موقف واضح وصادق , ليعرف الناس انه حزب سياسي يدعي للتغيير ويرفض التطرف والغلو ويتبرى من مثل هولا , بل يجدد من نسيجه الشعبي , ويتخلص من العقول المعيقة للتغير والتجديد , يتخلص من القوى التقليدية التي هي سبب كراهية الناس له , مع ايماني بوجود قوى جديدة داخل الحزب تعمل على ذلك كالزميلة الفت الدبعي , التي قدمت الحزب بنموذج رائع ومتفهم للواقع ومتغيرات العصر .
احمد ناصر حميدان