بقلم / د. محمد صالح السعدي
الشرعية والقرار السياسي (4 سنوات حرب ؟ )
منذ تعثر الوضع في اليمن , حاول الكثير من الساسة والباحثون والنشطاء تقديم الكثير من المقترحات والأفكار التي من شانها المساعدة في معالجة الوضع السياسي والاداري والعسكري , عبر خطط سياسية واخرى ادارية واقتصادية وغيرها في ملفات عديدة خصوصاً مع تبعثر الوضع الداخلي ودخول البلاد الى متاهات غامضة وضبابية تُنبئ بتعقيد الازمة , وكلما مر الوقت وحالة الجمود السياسي هي الطاغية , يترسخ على الارض وضع ممزق وخطير وتتطور معها مجاميع مسلحة متعصبة ومتشددة مع انتشار المناطقية والعصبية وتراجع الدولة وتهميشها ...
وحقيقةً , يشتكي الكثير ان لم يكن الاغلب من قيادات الدولة والمستشارون والعسكريون و قيادات في المقاومة ووجهاء ومما يمكن ان تتخيل بمستويات مختلفة ان السلطة اليوم لا تسمع لهم وان القرار حُصِرَ في دائرة ضيقة ومحدودة جعلت توجهات السلطة بحسب وجهة نظرهم محدودة وضيقة الافق , واشاروا الى ان هذا اصبحَ واضحً وظاهراً حيث ان اغلب القرارات التي تُتخذ من قبل السلطة الشرعية اصبحت مثيرة للجدل عند الشارع السياسي والشارع العام وتخطت ذلك الى الشارع الاقليمي والدولي ؟
فعندما ترى ان مجموعة من الوزراء والمحافظين والقادة العسكريون قد انقلبوا على الشرعية والسلطة كمثل ما حدث مع الانتقالي وغيرهم تستغرب عن اسباب وكيفية تعيين هؤلاء مسئولين في الدولة في مناصب هامة صانعة للقرار السياسي والامني والعسكري ؟
وفي الواقع , فأن تراجع الدولة جعل الارض خصبة لنشوء وخلق مجاميع تحمل مشاريع عنصرية ومناطقية خلقت واقع صعب على الارض وانتشر معها الصراع وتطور الى اقتتال في المناطق المُحررة في عدن وشبوة وابين وتعز بالخصوص , ظهر ابو فلان والشيخ فلان وظهر الانتقالي وتنامى مع الوقت المتطرفون , بينما الحوثي يحاول جاهداً الاحتفاظ بما تحت يديه وان يتوسع اينما سنحت الفرصة لهُ بذلك مع واقع التمزق في المناطق المحررة ..
انني وبحق , اسمع الكثير من الاقتراحات السياسية المجدية والتي لها بعد واقعي وقادرة على اخراج البلاد من الوضع الصعب اليوم , اسمع لكثير من القيادات والنُخب التي تشعر بطرحها الوطني والصادق , لكن لا مستمع ولا اجابة من السلطة الشرعية , حتى اصبح اليوم ترى على القنوات قيادات من الصف الاول تتحدث وتُعبر عن حالت السخط والرفض لما صارت اليه الامور في الوطن وعن الاخطاء والسياسات التي توصف بالفاشلة والتي تسببت بهذا الوضع , اصبحنا نقرأ لقيادات من الصف الاول مقالات تُعبر عن غضبهم من الاوضاع ومن حالت الجمود السياسي , والبعض اشار في اكثر من مناسبة عن انهم صاروا بعيداً عن التأثير في القرار السياسي ...
واقول صراحتاً انهُ وبعد سيطرة المليشيا على صنعاء تلاشت الشرعية وتمحورت فقط في الرئيس لكونهِ مُنتخب وفي شرعية البرلمان , وغير ذلك لا قيمة لهُ فالحوثي وبعض الاحزاب والانتقالي وباقي الفصائل بمشاريعها المختلفة لا قيمة لها شرعياً ولكنها ادوات ممكن الدفع فيها لخلق الفوضى الامنية والاحتراب الداخلي وتفكيك الدولة قيمه ومؤسسات والنهاية هي التمزق الى مناطق صغيرة متكارهة ؟
وباعتقادي اليوم , اننا في مرحلة تتطلب التضحية السياسية وفي مرحلة تتطلب ان نقوم بخطوات لتصحيح المسار السياسي , ولا يتأتى هذا الا بعقد مؤتمر انقاذ وطني تجتمع فيه كافة القوى لتُعالج المشكلات وتضع الحلول , وباقتراحي اننا نحتاج اليوم الى حكومة سياسية واعادة هيكلة مصانع القرار السياسي وان يتم تقييم المرحلة السابقة , واليوم يجب ان نضع مصلحة الوطن اعلى من مصلحة وظيفة او منصب او مصالح مالية او تجارية , فكل هذا سوف يتلاشى بتلاشي الدولة وتلاشي الوطن الذي يغرق في حروب اهلية مصغرة ويتمزق الى امارات صغيرة يُسيطر عليها المناطقيون والمتطرفون فكرياً او عقدياً او طائفياً ...
اخيراً , فلنخرج من دائرة النقد الى وضع الحلول , ولنجتمع وتتقابل الاوجه وتتحدث الى بعضها وان يكون الوطن والناس هم همنا واساس عملنا , وفيكم الكثير من الصادقين والمخلصين والمفكرين , والله من وراء القصد ...