ما بين الفشل والنجاح خطوة ,وفينا من يستطيع ان يخطوا ليتجاوز اسباب فشله لينجح , واخرين ما سوري الفشل والعجز والهزيمة , فيتعطل لديهم العقل ويعجز عن التفكير خارج اطار الفشل يوجهون صعوبة في بلوغ النجاح .
عندما تتحول اسباب الفشل والهزيمة لفوبيا تسيطر على الجماعة او الفرد , فتأسرهم ليبنوا عليها اختياراتهم ومواقفهم وتصبغ ثقافتهم وافكارهم , لم يعد هناك شك انها حالة مرضية مستعصية مزعجة ليس لهم وحدهم بل لمن حولهم , لشركائهم في الحياة والوطن , حالة مرضية صعب ان تتفهم الواقع , وتعيد تشغيل العقل ليرشدها لمسار صحيح , تستمر في دور الضحية المبالغة وايجاد المبررات لتعكر صفو الحياة بأنانية مفرطة , تكره الاخر وتزدري من صوته ويسكنها رعب الاخر المختلف عنها ونظرية المؤامرة .
من مؤشرات تلك الحالة المرضية هو العجز الشديد في اداء المهام وتحديد اختيارات عقلانية ومواقف مشرفة , حالة تبحث عن منقذ دون محاذير , ومن ثم تكون ضحية للارتهان لمشاريع لا تخدمها , تنخدع وبصعوبة بالغة تكتشف خديعتها بعد ان تكون غير قادره على الفكاك من تحالفات قيدتها بالتبعية والارتهان .
تلك العقلية المريضة التي تعيش ماضيها وتستحضره في حاضرها وبه تبرر كل احقادها وضغائنها وانتقامها بل انتهاكاتها , تصنع واقع مريض تتفوق فيه الدناءة والرداءة , يحدث تصدع في المجتمع وشروخ اجتماعية وسياسية حادة بل انقسام عمودي وافقي مدمر .
في واقع كهذا يغيب العقل والمنطق , وتتفوق المشاعر والنعرات , ويتبنى المرضى اللامعقول والمستحيل , فتستمر حالة السلبية لتعيق بروز أي حالة ايجابية .
السلبية التي توهم اصحابها بقدرتهم على استئصال واجتثاث الاخر المختلف , وتجعلهم يمارسون التدليس والاكاذيب والشائعات المدمرة , يحيكون القصص والحكايات عن اقرانهم , في سيناريو شيطنة الاخر وجعله شماعة يعلقون عليها فشلهم وعجزهم وانتهاكاتهم , واذا بهم مسخرة لمن حولهم .
من يعجز عن التكيف مع التنوع الثقافي والفكري في المجتمع وتقبل الاخر المختلف , ويبني جسور الثقة ويتعامل بحسن النوايا , ويبادر في تهيئة الواقع لعلاقات صحية وترابط انساني منضبط بنظم وقوانين الحياة من اعراف وقيم ومبادئ انسانية في جوهر الديانات السماوية او القوانين الوضعية , مصيره الفشل في بناء وطن مستقر ودولة ضامنة للحياة السعيدة .
مشكلتنا في المجتمعات المتخلفة هي العقلية المريضة , بالعصبية والتشنجات والنعرات والانانية وحب السيطرة والطغيان , والعنف ومن امتلك العنف وهو مصاب بفوبيا الاخر سيغرق في الانتهاكات ويقوم بعملية تدمير ذاتية له ولمن حوله , يزيد من حجم التراكمات والاحقاد والضغائن والعداء , ويتحول لمجرم مطارد من قبل ضحاياه .
وهذا ما يحدث اليوم في بلدي بسبب فوبيا الاخر , لم يستقر اليمن منذ ثورة سبتمبر واكتوبر , واستمر الطغيان يتخذ من الاخر مبرره في الانتهاكات , معلنا لا حياة ولا استقرار دون اجتثاث هذا الاخر , وتستمر عملية التأكل , وتتبادل ادوار الضحية والجلاد , المنتصر والمهزوم , ويضيع وطن ويفقد سيادته وارادته , وينتهي به المطاف تحت سلطة طامعة تلتهم الكل , تعيش فوبيا الاخر المتربص لها في مسلسل النصر والهزيمة الذي تتفوق فيه الهزيمة على الجميع .
احمد ناصر حميدان