مراكز الحوثي خطر يهدد الأطفال
بقلم/ مأرب الورد*
استغلت ميليشيات الحوثي الانقلابية سيطرتها على الدولة في المحافظات التي لا تزال خاضعة لها، لفرض تغيير إجباري على المؤسسات، بما في ذلك مناهج المدارس والجامعات، ومحاولة مسخ هوية المجتمع بما يخدم مشروعها الهدّام ويطيل عمره في السلطة.
ومنذ اليوم الأول للانقلاب، وضع الحوثيون عيونهم على السيطرة على وزارة التربية والتعليم لتغيير المناهج بما يخدم مشروعهم الطائفي ويخلق جيلاً عنيفاً يحبّ القتال ولا شيء غيره، ولديه استعداد للتضحية بحياته من أجل مشروع غير وطني.
وبعد أن تمكّنوا من ذلك، اختاروا شقيق زعيمهم يحيى الحوثي وزيراً للتربية والتعليم في حكومتهم غير المعترف بها، ليخرج الأخير قبل أيام وهو يلتقط صورة مع أطفال في أحد مراكزهم الصيفية التي يقولون إنها حظيت بإقبال 200 ألف طالب، وهو رقم شكّك فيه متابعون ورأوا أن هناك مبالغة لإيصال رسائل معينة بأنهم يحظون بقبول مجتمعي.
يزعم الحوثيون أن تلك المراكز تهدف إلى تثقيف الطلاب والنشء، وتعزيز رصيدهم المعرفي والعلمي؛ لكن من تسنّى لهم زيارتها قالوا إنها عبارة عن محاضن خاصة لتدريس ملازم مؤسسهم حسين بدر الدين، الذي قُتل في أول تمرّد على الدولة عام 2004، بالإضافة إلى تلقين المشاركين مفاهيم التقديس لزعيمهم الحالي، وتغرس فيهم الولاء والطاعة.
ومن خلال متابعة تغطيات وسائل إعلام الحوثي، يمكن الاستنتاج بسهولة أن هذه المراكز أقرب لمعسكرات تدريب، يتلقى فيها الطلاب دورات في الاستعداد القتالي وترديد شعارات المقاتلين في الجبهات، وهي صرخة الحوثيين المعروفة التي تعكس -بجانب مؤشرات أخرى- ارتباطهم بطهران.
المنهج الذي يتم تلقينه لهؤلاء الطلاب، كما في المدارس الخاضعة لسيطرتهم، لم يعد منهجاً وطنياً خالصاً، بعدما جرى تغييره بشكل شبه كلي من قِبل خبراء ومراجع دينية حوثية يؤمنون بالفكر السلالي، ومفردات الولاية، وحصرية الحكم في البطنين، وغيرها مما يناقض قيم التربية الوطنية والديمقراطية والتسامح والتعايش وتقبّل الاختلاف والتنوع.
لا يمكن تخيّل نتائج تنشئة آلاف الأطفال على مفاهيم تكرّس تقسيم الناس بما يناقض كلياً مبدأ المواطنة المتساوية التي تقوم عليها الدولة الحديثة. إن هذا الأمر مخيف، والأخطر من هذا غرس العقول بروايات مذهبية لأحداث تاريخية لا مصلحة لنا باجترارها بهذا الشكل خدمةً لأهداف سياسية ضيقة.
يجب أن يكون لكل صاحب تأثير كلمةٌ تجاه الخطر الذي يواجهه الأطفال في هذه المراكز؛ حتى لا يدفع الناس الثمن مرتين، وأن يتذكر الجميع أن لا مصلحة لهم ولا للأطفال بتنشئتهم على غير أولوياتهم، كأن يتم تعليمهم مفاهيم الموت على الحياة والكره على الحب.
إن المسؤولية كبيرة على عاتق وسائل الإعلام للتوعية بخطورة الالتحاق بهذه المراكز، والتي لا تقتصر على الصيف فقط. كما يجب على المنظمات، خاصة «اليونيسف»، تحمّل مسؤولياتها تجاه الأطفال، لا سيّما وهي المتهمة بتمويل طباعة بعض المناهج الطائفية قبل أن تعترف لاحقاً بأنها لم تكن تعرف بمحتواها.
نعرف أن السكان في مناطق الحوثيين مغلوبون على أمرهم ولا يملكون خيارات، في ظل التعامل معهم بثنائية الاستجابة لما تطلبه سلطات الأمر الواقع أو تحمّل عواقب ذلك؛ ولكن رغم هذا لن يخضع الناس للدرجة التي يحلم بها المسكونون بوهم القوة.
• نقلاً عن صحيفة العرب القطرية