ستظل عدن تتذكر هذه الحقبة التي تسلط فيها وعليها السيئون والفاسدون في الارض , وعبثوا في الارض فسادا وانتهاك وقتل بدم بارد , ستتذكر دماء سفكت وارواح ازهقت في شوارعها وفي وضح النهار وبمزاج أيدلوجي وسياسي قذر , وها هي ذكرى محاولة اغتيال ابنها البار الدكتور عارف احمد علي ونجله الشاب احمد عارف تهل علينا في الحادي والثلاثين من يوليو , وفي الساعة الثامنة وعشرون دقيقة وهو في طريقه للعمل وفي شارع مدرم بالمعلى ( الشارع الرئيس ), تنفجر عبوة ناسفة بسيارته , تؤدي الى بتر رجل نجله وإصابات متفرقة .
محاولة اغتيال اثمة كغيرها من العمليات الاجرامية التي تختار بعناية ضحاياها من انبل واجمل ما انجبتهم عدن والبلد , وهذا يؤكد ان حربنا هو مع الجهل والتخلف والعصبية التي تستهدف افضل العقول والنفوس في المجتمع , تستهدف اغتصاب عقل وروح المجتمع لتتمكن منه .
الدكتور عارف احمد علي من اذكى وانبل طلابي في الثانوية وقبلها في المدرسة الموحدة , اكمل دراسته حتى صار طبيب من ملائكة الرحمة , التي تخفف اوجاع والام الناس وتنقذ الكثير منهم من الموت , رجل يبث الحياة في المجتمع ويحارب الالم , ونجله شاب مثابر طموح اكمل الثانوية وعلى وشك الدراسة الجامعية , سيكون رافدا في التنمية والنهضة , استهدافهم هو استهداف للمستقبل وعدن , عمل اجرامي لا يقوم به غير جاهل متخلف فاسد العقل والعقيدة وحاقد وكاره فاقد البصيرة , مشحون مريض , افة من أفات العنف المنفلت .
الحادثة ضمن مسلسل عمليات اغتيالات ذات طابع ممنهج ومنظم، استهدفت شرائح معينة من العسكريين والأمنيين وكذلك المدنيين وتربويين وائمة المساجد وخطباء النصح ومحاربة الرذيلة والانحطاط في المجتمع , لو تفحصت جيدا الاسماء ستجدهم من الاكثر وسطية وحب لعدن , ونعرفهم عن قرب كالأستاذ شوقي كمادي , ومن لا نعرفهم يعرفهم المجتمع كسمحان الراوي ورفاقه المغدور بهم .
مسلسل استكمال للجريمة التي هزت عدن باغتيال محافظها الامل الشهيد جعفر محمد سعد .
لم تكن عملية اغتيال الدكتور مصادفة , كانت هناك مقدمات هو اعتقاله وعدد من رفاقه بتهم كيدية , والحقيقة اعتقال سياسي لعضويته في حزب سياسي يمارس حقه التشريعي وفق الدستور والقانون , نختلف معه سياسيا وايدلوجيا , ولا يفسد هذا الاختلاف قضية , لكن من فسدة نفوسهم وعقولهم , يفسدون في الارض ويقتلون ويستبيحون ارواح الناس وكرامتهم وحقهم في الحياة , وهذا ما حدث في عدن .
النفوس الفاسدة تمتلئ بالسواد وتنكسر فيها القيم وتنحط , فتغرق المجتمع في وحل الفساد والجريمة والانتهاكات , ومن اراد لعدن ذلك فقد اختار من بين مجتمعها الاكثر فسادا , وقدم لها الدعم اللوجستي وسلحهم بأدوات القتل و وفر لهم السلطة لممارسة انتهاكاتهم بكل اريحية , ومارس اغتصاب العقل في بث الاشاعات والاكاذيب وشيطنة من يريد اغتيالهم , وتعمد تغييب النظام والقانون ليمارس هولا قذارتهم بحرية , والقتل بمزاج أيدلوجي وسياسي خارج النظام والقانون جريمة بحق المجتمع والوطن والانسانية جمعا .
اليوم المجتمع اليمني والدولي والعالم الانساني يدين تلك العمليات , والمنظمات المعنية بحقوق الانسان ترصد كل تلك العمليات , والمجرمون اليوم متابعون , والتحقيقات التي كشفت ملابسات اغتيال الشهيد سمحان الراوي ترعبهم , لان خيوط المؤامرة تتضح للناس والعالم , وعرف الجميع من هي النفوس الفاسدة والاثمة التي مارست هذا القتل وهذا القبح بحق عدن والوطن , ويد العدالة ستطالهم عما قريب وإن غدًا لناظره قريب .
نحمد الله على سلامة الدكتور عارف احمد علي , وناسف على المصاب الجلل لنجله الشاب احمد عارف , وناسف كثيرا على خذلان الشرعية للضحايا , علاجهم ومواساتهم واعالة اسرهم , اسف على غيابها وللامبالاتها وصمت الرهيب اتجاه ما يحدث وحدث , لم تقدم لهم يد العون والمساعدة في تجاوز محنهم , من اغتيل اصبحت اسرته دون معيل , ومن لازال حيا لازال مطارد منفي خارج وطنه وارضه , ولا نامت اعين الجبناء والمجرمين .
احمد ناصر حميدان