منطق بناء الاوطان

2019/08/08 الساعة 12:19 صباحاً


ليس مثاليه , انه الواقع الذي يراه الاخرين مجرد حلم صعب المنال , لاننا منغمسون في نعراتنا ونزعاتنا , وصار العام لا يهمنا , احدثكم من قلب موجوع , وروح مجروحة , وعمر يصارع المرض ينتظر الحق الالهي , اليوم بينكم وغدا بين يد ارحم الراحمين , وكلنا محاسبين عن كل كلمة وكل موقف وكل اختيار , والوطن من بين ايدينا ينهار , وطن الاصالة والحضارة , تطاول عليه الصغار بل والانذال فهل تسمعوني و قولو عني ما تقولو هذه رسالتي وكلا له اختياراته .
لا تحدثني بمنطق الثأر,  حدثني بمنطق الحق ,فانا من دعاة الاحتكام للنظام والقانون ومؤسساته لأخذ الحق .
لا تضعني في مقارنة بمنظومة الماضي الفاسدة والمستبدة , ابراء بنفسي من مثل هكذا مقارنة , ثروتي هي قيمي ومبادئي , لا اقبل ان اتخلى عنها , وانحط لأكون نسخة من ذلك العفن .
لا اتطلع لولاية المتغلب بالعنف , واحكم كمنتصر جماعات منهزمة , وازيدها هزيمة نفسيه لأحكم قطعان يخضعون لأوامري  
لا تحدثني بمنطق هزيمة الماضي , فقد استوعبت درسها وعبرها , وتخلصت من مؤثراتها التي كانت جاثمة عليا , وتجاوزت دور الضحية والسلبية نحو الايجابية , تغيرت ذاتيا لاكن قادر على تغيير واقعي , وشطبت الهزيمة من قاموسي .
المعاناة راكمت من الوعي لدي وعززت روح التفاؤل , وتحررت من اليأس .
وعي زودني بقناعات ان اتقبل الاخر المختلف والتعايش مع كل الاطياف , اطمح لوطن منتصر للحق يستوعب الجميع بكل افكارهم وتوجهاتهم تحكمنا انظمة وقوانين , قررت نهائيا ان اترك الماضي وانطلق نحو المستقبل.
لا احتاج لعصبيتي بعد الان , ولن اتفاخر بعرقي ومنطقتي وقبيلتي , يكفيني فخرا بإنسانيتي و وطنيتي التي تتجاوز حدود الجغرافيا والايدلوجيا , امقت الحشد والحشد المضاد , ورفع صور اصنام وبعبع التخويف والنكاية والشيطنة .
تطلعاتي بدولة النظام والقانون ودستور يحمي كل حقوقي ويفرض عليا واجبات وينظم ايقاع العلاقات والحياة , و لن اضع نفسي بعد الان حاكما وقاضيا , احاكم نوايا الاخرين وضمائرهم , ولا ريد منهم ان يكونوا مثلي ولا ان يتبعوني , فالأجمل لي ولهم ان نكون مختلفين متنوعين , لنشكل الوان الطيف الجميل للأفكار والتوجهات , ونتنافس دون عنف وعنف مضاد , مستعد ان اكون اول المتنازلين لتحقيق ذلك , مراهنا على احراجهم ليقبلوا بفكرة التعايش ,لنرتقي معا لمصاف العصر , فهل تستطيع ان تكون مثلي , تفضل معا لنبني وطن .
تلك القناعات تحتاج لوعي , وعي يرقيك لمستوى الاعتراف بالحقيقة , وتتخلص من غرورك وشطحاتك , الحقيقة  انك كنت جزءا من المشكلة , وهم الجزء الاخر , عليك ان تقيم ذاتك قبل ان تنتقد غيرك , عليك ان تنقد عقلك الغارق في العصبية والثأر والانتقام والماضي العفن ,لتخلص من تلك الاوجاع والماسي , ويتخلص الوطن منك كمشكلة تنتج مزيد من المشكلات , لتكن حلا ناجعا ومصدر للحلول .
ولن تكون حلا ما لم تكن منطقيا وعقلانيا , وتقتنع ان حرب 94م  ما كان لها ان تكون لولا 86م وما قبلها , و ما كانت ان تٌهزم لولا انك راكمت لك اعداء من الجنوب والشمال , لولا ان خصومك وضحايا انتهاكاتك كانوا كٌثر و ذهبوا ليتحالفوا مع الطرف الاخر , لولا عجزك في ترميم شروخ النسيج الاجتماعي والتصدعات الوطنية , واستعادة تماسك لحمة الجنوب ولم شمله .
وعندما تصل لنتيجة ان تطرفك الأيدلوجي هو من صنع تطرفا مقابل لك , وان ارهابك اوجد ارهاب مقابل , وان عنفك اوجد عنف مضاد , و انك مسئول اولا قبل غيرك في اصلاح كل هذا الخلل , بعيدا عن تحميل الاخر المسئولية , وتزوير الحقائق وتهويل الوقاع لصالحك , متجاوزا حملات الكذب والخداع .
بعد ذلك سنكون معا قادرين على ان نبني وطن محترم بقدر احترامنا لبعض , فهيا بنا لنكن امة محترمة لتنهض لمصاف العصر . 
لان الاوطان  تبنى بالتعايش وتوافق  كل اطيافها , دون ذلك من الصعب ان نبدأ بالخطوة الاولى واللبنة الاولى لمسيرة  البناء والتنمية , لا نها مسئولية جماعية , تحتاج لكل جهد ويد ترفع من شأن وطن وامة , مكمن الاعاقة في ابنائه , في يد تعمل ويدا اخرى تخرب عمل  اليد الاولى , والله على ما اقول شهيد .
احمد ناصر حميدان