قطرُ !! فاضَ كيلُها يا دولَ الحصارِ :
على هامشِ أعمالِ الجمعيةِ العامة للأمم المتحدةِ ، في حوارٍ مع الصحافة ، الثلاثاء 24 سبتمبر 2019م ، أكدَ مجدداً وزيرُ الدولةِ السعوديُ للشؤون الخارجيةِ عادلُ الجبير ، أنَّ قطرَ تواصلُ تمويلَ المتطرفين ، والتدخلَ في الشؤون الداخليةِ ، وأنَّ على الدوحةِ تغييرَ سياساتِها ، التي لا يمكنُ السماح باستمرارها . وكانَ الجبيرُ قد قال مثلَ ذلك بمؤتمر صحفي في20 يونيو 2019م " ... فاضَ الكيلُ ، وعليها أن تغيرَ سلوكَها إذا أرادت أن نعملَ معاً " .
يتحدثُ معاليُ الوزير باسم دول الحصارِ عن وجوبِ تغييرِ قطرَ لسياستها الغيرِ مقبولة وسلوكِها الشائنِ ، ويوردُ في هذا السياقِ تهمتي دعمَ الجماعات المتطرفةِ والتدخلَ في شؤون الدول الأخرى . ولكن بتأمل منصفٍ لحقيقة الحدث نجدُ أنَّ المُتَّهِمَ أليقُ بالتهمة من المُتَهَم .
- قطرُ المتهمة - بهتانا - بدعم التطرف والتدخل في شؤون غيرها ، لم تتنجسْ سياستُها بتدمير بلدانٍ شقيقة , وتمزيق نسيجِ أهلها الاجتماعي . ولم يقمْ طيرانُها - عمداً -بقصف جيش حكومةٍ شرعيةٍ ، ولم يتحكمْ أبناءُ قواتِها المسلحةِ في سير سياسةِ أي بلدٍ وتحديدِ مصيره . قطرُ لم تتدنسْ يداها بدماءِ الأبرياء من أطفالِ ونساءِ ورجالِ تلك البلدان ، ولم تساهمْ بسياستها وسلوكها على بثِ الحروب والنزاعات والفتن ، وتخليفِ الدمار والقتل والمحن فيها ، من خلال تشكيل مكوناتٍ سياسيةٍ وأذرعٍ عسكريةٍ تابعة لها ، تقوم بالتمرد على الحكومة الشرعية المنتخبةِ هناك . أو من خلالِ القصفِ العشوائي ، الذي ينالُ الأبرياء ، ويطالُ كلَ بنيةٍ تحتية للوطن الهدف . قطرُ لم تقترفْ شيئاً مما أحدثتموه من تطرف وعنف وتدخل سافر في اليمن وليبيا ومصر وسوريا والجزائر وغيرها .
- قطرُ في سياستها وسلوكِها لم توظفْ قدراتِها للفتك بمخالفيها أو معارضيِها . هي لم تجعلْ من سفارتها مسلخاً لتقطيع أوصال من شَطَ من أبنائِها . ولا يوجد لديها مئاتُ المعتقلين من رموز وأعلام ووجهاء الوطن والأمةِ ، دون تهمٍ محددةٍ ولا محاكمة عادلةٍ . قطرُ لا تملكُ في بلدان مجاورة وشقيقةٍ ، أيةَ معتقلاتٍ سرية أو سجونٍ مخفيةٍ ، تُنتَهكُ فيها كرامةُ أبناء تلك الدول وإنسانيتُهم . كما هو الحال مع دول الحصار الأربع ، وفي أروقة نظامها .
- قطرُ في سياستها وسلوكِها لم تؤسس لها في بلدان شقيقة أيَ قواتٍ خارجة عن السلطة الحاكمة فيها , لتنفيذِ أجندتها وتحقيق أطماعها . قطرُ ليس لديها في أي بلدٍ ( حفتر ) ولا ( هاني ) ولا ( أبو العباس ) ولا أمثالهم . ولم تزرعْ قطرُ في كل وطنٍ تستهدفه ، فرقَ اغتيالٍ ممنهجة تقومُ باغتيال العلماء والدعاةِ ورموز السلطة والمجتمع .. عدواناً وظلماً .
- قطر في سياستِها وسلوكها ، تنظرُ للمقيمين على أرضِها أنَّهم أخوةٌ وأشقاء لها , تعاملهم بكل حب , تسهلُ المعاملةَ والقوانين لهم ، بما يجعلُ إقامتهم على أرضها ميسرةً كريمةً , بينما يعاملُهم غيرُها كسقط المتاعِ ، يجبُ معاملتهم بكل غرور وتعجرف , وتُسَنُ القوانينُ التي تثقلُ كاهلَهم وتهينُ إنسانيتَهم .
- قطرُ في سياستها وسلوكها لم تحاربْ اقتصادَ أيِ دولةٍ شقيقة ، ولم تحاصرْ حدودَها وتضيقْ عليها معيشتَها , أو تقفْ في وجه منجزاتِها ، أو أمام طموحها في تحقيق التطور ، كما فعلتم أيُها الأبرارُ من دول الحصار معها ، حينَ حازت شرفَ تنظيمِ كأس العالم 2022 , وكما فعلتم من عملٍ مخزٍ تجاه قنوات (بي إن سبورت) حين قمتم بكل خسةٍ بالقرصنة عليها ، وسرقة حقها الحصري ومواردها المالية . وكل ذلك في سلوكِكُم يُعَدُ عملاً وطنياٌ يدعو للفخرِ والسمو . قطرُ لم تذهبْ في شؤون الدول الأخرى إلى احتلالِ وشراء جزرِها ، واستغلالِ مواردها وثرواتِها ، والسيطرةِ على منافذِها البريةِ والبحرية ، وتعطيلِ موانئِها . كما فعلتم أنتم ذلك في اليمن ومصر ، خدمةً لمصالحِكم الخاصةِ ، وحفظاً لمراكزكم الحيويةِ فقط .
- قطرُ الممولةُ للإرهاب ، لم تدفعْ الأموالَ الطائلةَ لتجنيد رجالِ الإعلام من مختلف البلدان، ورشوةً لكبرى الصحف العالمية ، بغرض تشويه خصومِها ، ونشرِ الأخبار الكاذبةِ في حقهم ، وصنعِ الفبركة الإعلامية ضدهم ، كما فعلتم أنتم لتلصقوا بها ما أنتم أهلٌ له ، في شؤون الدولِ الأخرى ، من التطرف والفتنِ .
- قطرُ لم تعلنْ بكل بجاحةٍ دعمها للأديان الوثنية ، وتقريبَها لخصوم المسلمين . فهي لم تبنِ معابدَ بوذية ومجوسية وهندوسية ، ولم تحتفلْ بهكذا منجزات ، ولم تمنح المتطرفين أرفع الأوسمة الرسمية لديها ، كما فعلت أبوظبي حين منحت رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أعلى وسام مدني في البلاد ، بعد أيام قليلة من قهر الهند لمسلمي كشمير واحتلال أرضهم .
- قطرُ الداعمةُ للإرهاب - بزعمكم - يا دول الحصار ، نذرت سياستَها وسلوكَها للوقوف مع إرادةِ الشعوب العربية والإسلامية ، تدعمُ صمودَه في وجه كلِ طغيانٍ مجحفٍ بحقِه ، تساندُ مطالبَه العادلةَ في الحرية والسلامِ والرقي والاستقرارِ . وهذا لم يتناسبْ مع الدورِ المخصصِ لكم في خارطةِ السياسة المرسومةِ ، وصفقةِ القرن الموعودة .
ولذا فإنَّ على قطرَ أن تتنازلَ عن سلوكِها وتعدلَ سياستَها ، لتكونَ خاتماً في يدِ سياستِكم ، خادمةً لأطماعِكم ولأجنداتِ سادتِكم . تريدون من أميرِها أن يكونَ تابعاً مطيعاً ، شبيهاً بمن أصبحوا أراجيزَ لكم من الحكام والسياسيين المعروفين . لكنَّ - هيهات هيهات - قطرَ وأميرَها وشعبَها لن يكونوا يوماً مطيةً لسياستكم المواليةِ لكلِ تطرفٍ وإرهاب .
وبعد كل هذا هل يصحُ عقلاً ونقلاً أن تُتَهمَ قطرُ بدعمِ الإرهاب أو بالتدخلِ في شؤون الدول الأخرى؟! . وعليه لو كنتُ مسؤولا في الخارجية القطريةُ لرددتُ على تصريحِ الجبير ، هكذا " على دول الحصارِ تغيير سياساتها الرعناء , التي لا يمكن السماح باستمرارها ، فاض الكيلُ ، وعليها أن تغيرَ سلوكها الشائنَ إذا أرادت أن تعملَ قطرُ معها " .
ولتعلمْ جيداً يا( جُبير ) أنَّ سلوكَكُم الشائنَ وسياستَكُم المتطرفةَ ، لا ترقى إلى شسعِ سياسةِ وسلوكِ ( تَمِيمِ ) قطرِ الحكمةِ والخيرِ .
أبو الحسنين محسن معيض