وجه مألوف من بين الزحام!

2020/02/03 الساعة 12:57 صباحاً

 

خالد الشودري

وقفت احملق بين الحشود اللتي وقفت لمشاهدة السنة النيران وهي تلتهم منزلا سكنيا في حي حافة حسين بمدينة كريتر وذهب ضحيته وفاة 3 نساء و اصابة 9 بينهم اطفال ..
كان الجو كئيبا وممتلئ بالسخط على الاوضاع التي الت مدينة عدن حيث تعاني من تزايد انقطاعات الكهرباء والماء والانترنت في ثلاثية قاصمة الى جانب لهيب الاسعار التي باتت تثقل كاهل المواطن الضبحان..

ومن بين الحشود ظهر فجأة وجه يحمل تقاسيم الملامح العدنية يصيح قائلا: كلكم تصورو! ولاواحد يطفي الحريق!
بالفعل كان حملة التلفونات الغالبية الساحقة بينما كان مجموعة قليلة من الشبان من يساعد في اطفاء الحريق..
كان الصخب الممزوج بتراتيل مابين الاذان والاقامة في المسجد المجاور سيد الموقف..

التفت الي قائلا في حنق: المثقفين خربو البلاد (في اشارة لكثرة من يصور الحريق)
همهم يصورو وينزلو الصور بالواتس والفيس!
ثم اردف ساخرا: ماخرب البلاد الا الفيس والواتس..
وعندما لاحظ موافقتي لكلامه ..استعرض بقية قناعاته بالقول: 
انا رجال امي لا اقرأ ولا اكتب لكن اعرف الصح من الغلط ..التعليم والثقافة خربت الناس!
قلتله كيف؟
قال: ماتشوف المثقفين والاعلاميين جالسين ينظروا والناس تموت في الحريق!
ثم راح يشرح لي كيف انه ببقاءه جاهلا قدم خدمة وطنية جليلة لمدينته حتى لايضرها بتعليمه و ثقافته!
قلتله (عدن) مدينة العلم والنور..قال: ذا كمان زمان الان مدينة الجهل و الظلام!
قلتله: ايش الحل؟ قال: نرجع جهلة ويكفي (معقلة) ونعطي الخبز لخبازه..
ثم حياني بابتسامة و اختفي بين الزحام...

ذهب الوجه المألوف وبقيت كلماته ترن في اذني..
كيف يمكن للعلم والثقافة ان تكونا وبالا على اصحابها! 
كيف يتبلد الاحساس عند البعض ولاتحركه دوافع انسانية لاغاثة ملهوف ويمنعه عن ذلك  تصوير لقطة او مقطع!
هل اصبح الجاهل يسدي خدمة لاتعوض في هذا الزمن الذي كثر في المتثاقفين والمتعالمين؟
ثمة تساؤلات مخيفة لم اجد لها ردودا استفزتها كلمات الوجه المألوف القادم من بين الزحام..
هل نحن كذلك؟ .. العطلة من التربة ام من البذور ام من كلامهما معا؟..هل نلبس نظارة سوداء ام الوضع بالفعل اسود اللون؟ ثم كيف لمدينة وصلت فيها ساعات انطفاء الكهرباء الى 12 ساعة في فصل الشتاء، ان يكون سبب حريق منزل سكني هي ذات الكهرباء تلك!

وبينما انا سارح في تلك التساؤلات استيقظت على صوت طلق ناري من احد افراد الشرطة لتفريق الحشود فاصيب به احدهم.. فقلت في نفسي وهذه واحدة! وعندما وصلت منزلي علمت بخبر وفاة 3 نساء و اصابة 9 بينهم اطفال ..فقلت وهذه الثانية!

شكرا صاحب الوجه المألوف فالجهل ابقى فطرتك سليمة وفكرك حكيما!