الخنجر اليماني هو رمز عزة العربي وشموخه وكبريائه، لذلك تجده الزي التقليدي لكل الدول في شبه الجزيرة العربية، وقد ورد ذكره بصيغ عديده في قصائد شعراء العرب كقول الشاعر ونصل يماني اغلفته الصياقل. في الماضي كان الرجل العربي لا يخرج من بيته الا وقد تقلد خنجره كجزء من التقاليد المرتبطة بهيبة الرجل وعنفوانه، ولذلك صار الخنجر والقوس مثلا يعنيان الكثير للشخصية العربية بغض النظر عن القيمة المادية للخنجر او القوس.
في احدى المرات تعرضت ديار بنو تميم للجفاف والقحط وكادت اغنامهم ومواشيهم تتعرض الى الهلاك، فقرر شيخ القبلية النزول على ضفاف الفرات حيث الماء والمرعى في العراق وكانت تلك الفترة تحت وطأة الاحتلال الفارسي. دخل شيخ بني تميم على كسرى يطلب منه السماح له ولقبيلته في النزول على ضفاف الفرات لفترة وجيزة، لكن الملك قال وكيف نضمن انك وقبيلتك ستحافظون على الامان والسلام حتى تعودوا الى دياركم؟ قال الشيخ اعطيك قوسي هذا رهنا كي نحافظ على العهد، نظر الملك الى القوس مستغربا لكن وزيره المح له ان يقبل العرض. وبعد ان خرج شيخ بنو تميم من مجلس كسرى خاطب وزيره كيف تشير عليا ان اقبل رهنا ليس له اي قيمة؟ قال الوزير صحيح ان القوس من الناحية المادية ليس له قيمة لكن قيمته عند العرب كبيرة جدا فهو يعني الشرف بالنسبة لهم ولهذا انا على ثقة ان الرجل سيلتزم بتعهداته.
تذكر الرواية ان المطر نزل على ديار بني تميم وامتلأت الابار بالمياة واخضرت الارض ونبت العشب فعادت القبيلة الى ارضها في جزيرة العرب، ونسي الشيخ ان يأخذ القوس من الملك، ولما ادركته المنية اوصى ابنه ان يذهب الى العراق ليسترد القوس من كسرى، وفعلا سافر الابن الليالي والايام من اجل قطعة خشبية لا تساوي من الناحية المادية شيء يذكر، لكنها من الناحية الرمزية تساوي الكثير والكثير، فقوس الرجل او خنجره هو شرفه وهذه هي ثقافة العرب.
دخل الرجل على كسرى وطلبه القوس الذي رهنه اباه فضحك الملك، فقال مستغربا لماذ تضحك ايها الملك هل تنوي الاخلاف بالوعد. قال الملك ليس كذلك وانما اتعجب عليك كيف تسافر كل هذه المسافة من اجل قطعة خشبية لا قيمة لها، اجاب التميمي ان القوس بالنسبة له يعني الشرف بغض النظر عن القيمة المادية، فالكثير من الاشياء لا تقاس بقيمتها المادية وانما بقيمتها المعنوية والرمزية.
في ذلك الوقت كان العربي يعتز ويفتخر بخنجره وكان الفرس يعتزون ويفتخرون بسواري كسرى صاحب ثاني اكبر امبراطورية بعد الامبراطورية الرومانية. ظهر الاسلام في جزيرة العرب على يد النبي الاعظم محمد (ص) الذي وعد العرب قبل موته بأنهم سيدخلون قصور فارس وقصور الروم. عند ما كان مهاجرا من مكة الى المدينة ادركه رجل من قريس هو سراقة بن مالك، فقال له النبي ارجع ولا تخبر احدا عني ولك سواري كسرى، وفعلا مكن الله العرب من رقاب الفرس واغتنموا سواري كسرى وتاجه وقصوره وكنوزه. مازل الفرس يتذكرون تلك الهزيمة المرة الى يومنا هذا ويحاولون الانتقام من العرب بشتى الوسائل.
كانت اخرى محاولة بائسة قام بها الفرس للنيل من العرب والانتقام لسواري كسرى هي تلك المسرحية الهزلية التي كان بطلها الحوثي، الذي امعن وما زال يمعن في الاساءة الى كل ما هو عربي محاولا رد الاعتبار لاسياده الفرس مستهدفا قلب العروبة النابض اليمن تاريخا وحضارة واصالة وثقافة وتراثا. لقد فعل الحوثي فعلته المخزية عندما قام بتسليم الخنجر اليماني لاسياده الفرس وكأن لسان حاله يقول هذه بتلك الخنجر اليماني بدلا من سواري كسرى.