هل اليمن ضمن مؤامرة القرن ؟ !

2020/03/28 الساعة 12:04 صباحاً


عثمان الأهدل ...

كنت استمع إلى برنامج أجنده في قناة بلقيس، وإذ بالمذيع يتحدث عن المؤامرة العالمية، وهو حديث الساعة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بسبب وباء كرونا، واحتمالية أن يكون هذا الوباء  من صنيع المخابرات الأمريكية لضرب اقتصاد الصين. كلمات المذيع أثارت تساؤلات في نفسي عن احتمالية أن اليمن وقع أيضا تحت مؤامرة، الخاسر فيها الجيش الوطني والشعب في المقام الأول، وكنت أتمنى أن تكون الحكومة الشرعية كذلك من باب حسن النية، ولكن تخاذلها وفشلها يجعلني استبعدها عن ذلك وأوجه لها أصابع الاتهام.

السؤال الذي يطرح نفسه : من المستفيد من ذلك، وإلى أين يذهب بنا المشهد بعد خمس سنوات من الفشل الذريع ؟ ! 

إن سقوط صنعاء في أيدي الحوثيين كان مشهدا دراميا سخيفًا، وينمُ على حبكة درامية تبدو من العصور الوسطى. حفنة كانت تقطن كهوف الجبال مطاردة لا حول لها ولا قوة، فجأة تسيطر على الجيش الوطني وتصل به إلى تخوم مدينة صنعاء في أيام قلائل ثم تسقطها خلال ساعتين. والأدهى من ذلك ولم أجد له جواباً حتى الآن، هو سيناريو تهريب هادي من معتقله بالإقامة الجبرية المشددة إلى مدينة عدن، فهذه كانت حركة مفضوحة مرت مرور الكرام. كما أن تمرد الحوثيين واستيلائهم على الحكم من الصعوبة بمكان أن يحدث دون مباركة أمريكا وبريطانيا، وخصوصا أن هذا العمل يهدد مصالحم في الخليج وباب المندب. 
إذاً ما الهدف من كل هذا العبث الغير مبرر، ما لم يكن هناك غاية في نفس يعقوب؟

شعبٌ ثار وطرد الفساد وخلع رأس التدليس والكذب بعد أن رضخ تحت نيره الاستبدادي لثلاثة عقود ونيف. حُكمٌ كهنوتي يدعي الحداثة والجماهيرية، وهو أبعد من ذلك بعد البون. ومع ذلك للأسف تم سرقت ثورته ومكاسبه باسم المبادرة الخليجية التي أعادت منبع الفساد بوجهٍ آخر حتى يتم إستمرار شريط الحبكة والتدليس. إنها مؤامرة للحيلولة من تطبيق الديمقراطية في اليمن والخوف من انتشار عدواها إلى دولهم، فضلا على أننا بتنا نشك بأن الصهيونية العالمية هي من زرعتهم لإبقاء الشعوب تحت حكم دكتاتوري يخدم مصالحها وإبقاء المنطقة على صفيح ساخن، تزيده إشتعالا متى ما رأت أن ساعة الصفر قد حانت. واليمن هي من أنسب البوابات التي تنطلق منها لتنفيذ مخططها الشيطاني.

ولذلك كان لابد من الانتقام وتنفيذ مخطط يزيد اليمن أكثر تعاسة لكتم كل صيحة تطالب بالحرية والديمقراطية، وتهيئتها لأن تكون ثكنة عسكرية للقوات المشتركة وتحويلها إلى أفغانستان أخرى لتنطلق منها عمليات تجزئة المنطقة من مجزء إلى مجزء متناهي الصغر. ربما تعتقدون أهذي أو أبالغ في الأمر، ولكن تأكدوا أن ما يحدث في الشرق الأوسط مخططا له منذ قرن من الزمن وهو ضمن سلسلة من الأعمال الإجرامية تستهدف مناطقنا العربية، وليست وليد الحدث.

يعتقد د.أحمد الصياد سفير اليمن السابق لدى منظمة اليونسكو أن الحرب لن تضع أوزارها حتى تتحقق مصالح المتأمرين، فهي مزرعة تفريخ للصفقات المشبوهة، وملأ لأرصدة الخونة. فجميع القيادات الإدارية على جميع الصُعد دون استثناء هم ضمن دائرة الشك. فمن سلّم صنعاء للحوثيين هو هادي نفسه بإيحاء من إحدى الدول الخليجية، كما أكد ذلك د.فيصل الحذيفي في لقاءه بقناة بلقيس مؤخرا.

واستطرد د.أحمد الصياد منوها اتهامه :" أن الحكومة الشرعية مرتهنة في فنادق بالرياض ولا يرجى منها خيرا على الإطلاق، فزمام الأمر ليس بيدها، وأن أعضاءها مشغولين في شراء عقارات بالأردن ودبي ومصر" ... هذا اتهام صريح من أحد المقربين للحكومة، مما يعطينا دلالة واضحة بأن جسد الشرعية في وادي ورأسها في واد آخر، ونعني هنا بالرأس حكومة هادي التي فقدت مصداقيتها، وأصبحت تترنح وتلهث وراء الصفقات المشبوهة، حتى أضاعت بوصلتها تماما وفقدت كرامتها.

والذي يزيد في الأمر ريبة تدخل بريطانيا أو الأمم المتحدة كلما أوشك الجيش الوطني على الإجهاز بفلول مليشيا الحوثي، فمثلا في معركته في الحديدة قبيل إتفاق السويد التي أوشك فيها إنهاء المعركة لصالحه، هرعت بريطانيا وطلبت الهدنة من الطرفين والذهاب إلى طاولة النقاش، فضلاً عن قذف طيران دويلة الإمارات جيشنا الوطني الذي حرر جل الجنوب من الخونة الانتقاليين. حينها لم نسمع أي استنكار من الأمم المتحدة أو اتخاذ موقفا حاسما، رغم أن ما حدث كان عملا إجراميا بامتياز. وهناك الكثير من أساليب التدليس واللف والدوران التي تُمارس مع الجيش الوطني لتعطيل مسيرته وتقدمه.

وفي هذه الأيام نرى تقدما ملحوظا في معارك الجيش الوطني في الجوف وصرواح ومأرب مكبدًا قوات مليشيا الحوثي المجوسي خسائر فاضحة، إلا أن في الجانب الآخر نشهد تحركا مدعوما من قبل دويلة الأمارات في تجّييش خونة الجنوب من الانتقاليين استعدادا لخوض معركة خيانة أخرى في المناطق الجنوبية المحررة، لاستنزاف الجيش الوطني وعرقلة انتصاراته التي أقلقت السفير السعودي آل جابر حتى دفعته أن يتدخل ويصرح وكأنه هو الحاكم في اليمن بدلا من حكومتنا، حكومة الفنادق.

وما يؤكد فرضيتنا على أن ما يحدث في اليمن هو مؤامرة، هناك تحرك من قبل القوات الأمريكية ووصول أول دفعة من المشاة إلى جزيرة سقطرى في ٧ مارس تمهيدا لبناء قاعدة عسكرية جديدة، كما جاء في موقع المونيتور الأمريكي، ليس ذلك فحسب، بل انتشر بعض جنود المارينز في ديسمبر الماضي في جزيرة واقعة جنوب شرق ساحل اليمن، مما يحول اليمن إلى بؤرة انطلاقة القوات المعادية مستقبلا ضد الشعوب متى ما لزم الأمر للحفاظ على وكلاءهم بالإنابة في قمعهم ووأد أي أفكار تطالب بالديمقراطية. 

فالحال وصل باليمن إلى مفترق الطرق، نهايتها جميعا مظلمة لا نرى فيها أي بصيصٌ من الأمل. وأن إنجازات الجيش الوطني تستنزف مع بقاءه تحت قيادة الشرعية المرتهنة التي لاحول لها ولا قوة، فحان الوقت لإقالة حكومة هادي التي فشلت أن تدير الحدث كما ينبغي، وتكوين حكومة جديدة تُنتخب من قبل الشعب أو حتى تشكيلها على وجه السرعة من قبل الشخصيات التي أظهرت مواقف مشرفة ولديها حس وطني.
والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.