عن المخاء، والعسكري الذي صار "مقاولا"

2020/04/08 الساعة 09:49 مساءً

كتب |أ.طارق_البنا

كل تركة علي عبدالله صالح سوء في سوء..
لم نجد من هذا الرجل إلا السوء في كل مراحل حياته، وحتى ما بعد موته. 

نحاول أن نتناساه، أملا في وحدة صف أعوج، يواجه الحوثي
لكن "العوج" مستمر، إذ أن جزء من ذلك الصف الذي كان حتى الأمس مع الحوثي، ما زال حتى اليوم يرفد "السائلة" بالمقاتلين، ويضيف صفحات جديدة إلى ألبوم صور "محمد البخيتي" من صور العائدين إلى حضن الوطن، والوطن كما كان في عرف كثيرين هو "صالح"، هو ذاته الآن "عبدالملك" بالنسبة للحوثيين.

الأمر الأدهى أن هؤلاء "الأراذل" أضحوا يرون من قدموا أرواحهم وأجسادهم رخيصة لاستعادة الجمهورية، مجرد دخلاء، ووحدهم هم حراس الجمهورية، وحماة العقيدة والأرض والعرض والدين والثلاجة!

الجمهورية التي ذبحها طارق عفاش وعمه في جبال صنعاء من الوريد إلى الوريد، صارت اليوم شعارا عائما في الساحل..

الجمهورية التي أرسل طارق عفاش قناصيه إلى مدينة تعز لاقتناص أكبر عدد من رؤوس الشباب المقاتلين تحت رايتها، أضحت اليوم مادة للمزايدة على تعز، وتضحيات أبنائها، وحتى على كل من يتحدث عن ممارسات الحارس الذي نجا بعد نخع جمجمة المحروس!

وجد طارق عفاش ضالته في الإمارات، ووجدت ضالتها فيه، لكنهما ضلا الطريق معا، أمام ثبات تعز الواضح طريقها.
منحته "الدويلة اللعينة" المال الوفير لشراء الرجال، لكنه لم يجد الرجال، ولم يجد نفسه أولا.

عمل "المستوطنون الجدد" على تفريخ مستوطنات جديدة في المخاء والساحل الغربي، وبقي أبناء المخاء(عرب ٤٨) يعانون وسط تعتيم إعلامي وسطوة وعنجهية على الأرض لا تقل عما يفعله الحوثيون في مناطق سيطرتهم.

جرت عملية تجريف ضخمة لأراضي المواطنين، وكذا أراضي الأوقاف، وتحول قائد العمليات العسكرية المفترض، والذي لم يخض معركة كاملة ضد الحوثيين منذ مقتل عمه، إلى "مقاول" يسأل عن أسعار الأسمنت والطن الحديد، أكثر من معرفته بأمور الجبهات واحتياج الجنود.

يتنقل عيال سنحان وقبائل طوق صنعاء الذين اكتسح الحوثي مناطقهم وقاتلهم ببعضهم، حيث داس البعض بالبعض، يتنقلون بكل "هنجمة" في المخاء، غير أن مواطنا بسيطا من أبناء المخاء يعاني المر والعلقم فيما لو نسي بطاقته دون أن يشهرها أمام الكم الهائل من النقاط العسكرية.

تحول أبناء المدينة إلى ضيوف غير مرغوب بهم في مدينتهم، فيما عاد "قناصي طارق" لاقتناص الأراضي والعقارات والمشاريع الاستثمارية في المخاء! 

تصوروا، حتى "الصيادين" الذين يعولون آلاف الأسر هناك جرى حرمانهم من حقهم في الصيد، ومصادرة قواربهم، وأضحت كثير من السواحل محميات خاصة لحراس الجمهورية في الظاهر، يمارس فيها فيما خفي تجريف هائل للصيد والكائنات البحرية لصالح شركات إماراتية! 

يتحدث المقهورين من أبناء المدينة على خوف، يتهامسون خشية الإعتقال والتغييب، وحين غادر بعضهم المدينة جهر بهذه الممارسات، غير أن القنوات الموجهة والملوثة لا يمكن أن تتحدث عن مثل هكذا جرائم، في حين أنه لو تشاجرت امرأة مع زوجها في تعز تخرج "الحدث" و"سكاي نيوز" وأخواتهن لعمل تغطيات مطولة عن دور "الإخوان" في إذكاء الصراع بين الزوجين، وأن الزوج لم يفكر في تطليق زوجته إلا بعد وعود قطرية تركية في تزويجه بأخرى!

منذ عامين تحدث كثيرون عن خطط تطويق تعز بحصار خانق من كل الجهات يشمل الحوثيين شرقا، وقوات طارق غربا، والقوات التابعة للانتقالي من الجنوب، وكل يوم يتمدد هذا المخطط ويكبر 
وبقدر ما ترعبهم هذه المدينة التي لا يمكن أن يتناسى جميع هؤلاء ثأراتهم معها، بالقدر ذاته يحرصون على تمكين أنفسهم وأدواتهم وإحكام قبضتهم على أمل تحقيق الهدف! 

لم يكن محافظ تعز الأسبق "علي المعمري" أول المتحدثين الفاضحين لهذا المخطط، لكن حديثه إضافة كبيرة لرجل مسئول، وعضو برلماني محترم عن كتلة المؤتمر، حزب صالح، لكن الرجل يواجه اليوم بحملة تحريض وتشويه كبيرة، فقط لأنه تحدث عن الخطر الذي يحدق بتعز، ومس "سامري الدنق" الذي يدفع كثيرا من الأموال لجوقة من المطبلين، حتى لا يقترب أحد منه.

معركة تعز صعبة وعسيرة، خاصة هذه المرة، إذ تبدو جبهات من يقفون على أسوارها متوحدة وإن اختلف الممولون، فيما جبهة الداخل السياسي مخلخلة، والأمل والتعويل على جبهة الجيش الوطني الذي أذل ١٣ معسكرا لقوات عفاش نفسه حين كان بيده كل القوة، إضافة إلى كم هائل من المسميات الضخمة لكتائب الحوثيين، والتي انكسرت جميعا على حائط الصد الجمهوري الحقيقي المسمى "تعز" !