امريكا والصين: خيارات المواجهة الحتمية

2020/04/15 الساعة 10:33 مساءً

 

د. عبده البحش

 

الصراع الامريكي الصيني ليس وليد اللحظات التي ظهر فيها الوباء العالمي القاتل المعروف بجائحة كورونا، وانما تشير المعطيات الى ان التنافس بين القوتين العظميين بدأ منذ عشرين عاما على الاقل. مراكز الابحاث الامريكية حذرت من ان الصين ستتفوق على امريكا خلال ثلاثين عاما اذا استمر النمو الاقتصادي الصيني بنفس الوتيرة. لم يتبقى الا عشرة اعوام فقط من الثلاثين عاما التي حددتها المراكز البحثية الامريكية ومازالت الصين تواصل خطواتها بثبات على كافة المستويات. 

حاولت الولايات المتحدة الامريكية خلال السنوات الماضية تركيع الاقتصاد الصيني من خلال اتباع مجموعة من الاجراءات والقيود الاقتصادية، لكنها فشلت الى حد الان. كل الادارات الامريكية السابقة حاولت كبح جماح المارد الصيني، لكن ادارة ترامب كانت هي الاكثر تشددا في هذا المضمار، حيث سعت الى زيادة التعرفة الجمركية على البضائع الصينية، لكن ذلك الاجراء كبد المستهلك الامريكي اعباء اضافية ولم يؤثر على وتيرة الانتاج والنمو الاقتصادي الصيني. بالاضافة الى ذلك سعت الادارات الامريكية الى التلاعب باسعار النفط العالمية من اجل الاضرار بالاقتصاد الصيني لكن ذلك لم يجدي نفعا. 

الصين تتهم الولايات المتحدة الامريكية بتصنيع فيروس كورونا وتسميه فيروسا امريكا، بينما تتهم امريكا الصين بالتكتم على الوباء عن عمد بهدف تصدير الجائحة الى اوربا والدول الغربية وخصوصا الولايات المتحدة الامريكية، التي يخوض رئيسها حربا مصيرية مع ما يسميه الفيروس الصيني. الرئيس ترامب يعمل على مدار الساعة مع فريقه المصغر لايجاد الحلول المناسبة للسيطرة على الجائحة التي هزت الاقتصاد الامريكي في سابقة خطيرة هي الاولى من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية. ولا ينفك ترامب من الادلاء للامريكيين بانه سوف ينتصر على الفيروس الصيني.

الرئيس ترامب يهيئ الراي العام الامريكي للمواجهة المفتوحة ضد الصين، بالاضافة الى ذلك تعمل ادارة ترامب الى حشد المجتمع الغربي والاوربي والحلفاء الدوليين وخاصة منتجي النفط في الشرق الاوسط لخوض مواجهة اقتصادية ضد الصين، وهذا يعني ان عمليات شيطنة الصين مستمرة وجارية على قدم وساق، مما ينذر بمواجهات اقتصادية وسياسية وعسكرية محتملة في المدى المستقبلي القريب جدا. 

يبدوا ان ادارة ترامب سوف تسعى الى حشد العالم الاوربي والغربي بشكل عام، فضلا عن حشد الحلفاء الدوليين وخاصة في الشرق الاوسط بهدف البدء بتنفيذ مجموعة من الاجراءات العقابية ضد الصين، وهي اجراءات اقتصادية تتضمن مقاطعة ضد المنتجات الصينية، وربما يتم حرمان الصين من التدفقات النفطية التي هي بمثابة الشرايين التي تغذي القطاعات الاقتصادية الصينية، بالاضافة الى ذلك ربما تلجأ ادارة الرئيس ترامب الى تجميد ومصادرة الارصدة الصينية لتغطية الخائر التي تكبدتها امريكا والبلدان الغربية جراء جائحة كورونا، لا سيما وان الاصوات ارتفعت في الغرب تطالب الصين بدفع تعويضات مالية ضخمة، ومن المحتمل ان تشمل العقوبات الاقتصادية منع التعاملات المصرفية مع البنوك الصينية وهو ما سيتسبب بشلل تام للاقتصاد الصيني، لكن في حال فشلت الاجراءات الاقتصادية العقابية ضد الصين فقد تلجأ ادراة ترامب الى مواجهة عسكرية مباشرة ضد الصين للحفاظ على مركزها الدولي كقوة مركزية في قيادة العالم.