رمضان... إعادة إعمار الروح*.

2020/04/22 الساعة 11:05 مساءً

*/الخضر سالم بن حليس..

ثورة الأسابيع الأربعة لاستعادة الروح من براثن الطين المترسب على جدرانها طوال العام. إنها ثورة على الجسد من أجل تحرير الروح. إنها ثورة التحرير والتنوير.

يتقدم رمضان كل عام ليقدم للأمة مقادير هائلة من التزكية لتستعيد روحها التي عبثت بها جحافل الشهوات، ومنعتها العواصف الترابية من الإبصار.

تتركز مهمتك في الاستفادة القصوى من ثواني هذا الشهر اليومية والتي تتجاوز 2 مليون ونصف ثانية وهي ثوان قليلة لمن يراقب حركة عقارب الساعة  التي لا تتوقف.

حشد أكبر قدر من العبادات والنوافل على ضفاف روحك لتطهيرها من قصاصات الذنوب وترميمها لتنبعث من جديد.

الاتجاه الطبيعي لهذا الشهر، ترميم الروح وتحقيق كميات هائلة من التقوى، فرمضان ييركز على استهداف تطوير الروح ورفع كفاءتها وشحنها بالإيمان، وكل توجه يمضي بعيدا عن هذا الاتجاه فهو استهلاك له ليمضي بعيدا عن مقصوده.

وفقا لقاعدة (التخلي قبل التحلي) فإن عليك أن تعيد النظر في مؤهلاتك لدخول هذا الشهر وتحصيل الطاعات والقدرة على الصبر عليها خلال 30 يوما.

التزود بمقادير كبيرة من الاستغفار مقدمة هامة لمساعدتك على إزالة غشاء الران المحيط بقلبك يمنع إضاءته بأنوار الطاعات المحيطة به تنتظر الدخول.

تدوين برنامجك الرمضاني بصورة تستثمر فيها أكثر من 43 ألف دقيقة، مؤشر ذكي يعبر عن مدى اهتمامك بتلك المنحة السنوية النادرة.

بالحسابات الرقمية المفزعة فعدد ساعات هذا الشهر720 ساعة تستهلك منها 660 ساعة بين نوم وأكل وزيارات ولا يتبقى لك سوى 60 ساعة لتعادل خمسة أيام فقط.

يمثل رمضان دورة تدريبية مكثفة تحتاج منك الانضباط وستكون قادرا بعدها على اكتساب مهارات الصبر، والاحتمال والشعور بالإنسانية، والمناعة وليس مجرد المنع.

اصنع نفسك في 30 يوما، ودرب حواسك الخمس على الصيام المثالي وأكسبها كميات من الصدق، والشفافية والوضوح.

اجعل من هذا الشهر فرصة لإعادة ترميم صلاتك التي تخطفها خطفاً وتسبح فيها شاردا في أرجاء الكرة الأرضية، فقم بإصلاحها لتعيش لحظاتها وتتلذذ بتفاصيلها.

لا تسمح بترهلات الوقت والاستغراق في النوم، طارد نعاسك واستمتع بلحظات القيام وتراتيل الذكر.

هل تعرف الكسل؟. نعم تعرفه جيدا، ها هو يتقدم صفوفنا لاستقبال شهر رمضان ليكون عنونا بارزا لتحركاتنا التي يكسوها. اجتهد في طرده.

عش مع القرآن وتغلغل بين الآيات وانحت من حروفها خرائط الهداية تقودك في خط مستقيم.

هو موسم الانفاق فسابق الريح المحملة بالغيث، وانشر السعادة على تلك الوجوه التي أرهقتها تكاليف الحياة.

عش ليلك بين قيام وتسبيح وذكر. وعش نهارك بين صيام نقي وحركة دؤوب، وكافح فلول الكسل وكتائب الفتور.

 في هذا العام استعد تركيزك، فهو عام التفرغ، عام الخلوات، عام يمثل فرصة ذهبية للمفردين. ولئن انقطعت عن الخلق فأنك متصل بالخالق. وتخلصك من شواغل الدنيا فرصتك لتحسن التوجه إليه، والإقبال عليه ﴿فَإِذا فَرَغتَ فَانصَب  وَإِلى رَبِّكَ فَارغَب﴾ [الشرح: ٧-٨].