الموطن في عدن صار ضحية لغوغاء السياسيين , لا عقل يرشدهم ولا بصيره تحدد اختياراتهم , العصبية منبع كل افكارهم تحد من الاتفاق على اتفه الامور والضحية الناس في عدن , من حق الناس في عدن ان تعرف وحقيقة الوباء الذي يفتك بالمدينة من الاختصاصيون , فغاب الاختصاصيون وترك المجال لمن يهرف بما لا يعرف , ويفتي من لا يفقه , وعلى هدى الفشل نسير ننتج خيبات ونكبات .
ويأتي من يروج لنا بمستقبل الادارة الذاتية في وسط من الهرج والمرج , والمتطلعون للمستقبل يبحثون عن الادارة كمبدأ وقيمة , وهدف وغاية , وللإدارة الذاتية كأي ادارة يتضح نبلها من بشاعاتها , اجراءات تنفيذيه على ارض الواقع , ومن حقنا ان نسأل عن أي ادارة ذاتية يتحدث المتحدثون , فكل مشروع حق او باطل , يتطلع لإدارة المناطق التي تحت سلطته ذاتيا ,بما يتوافق والهدف المراد , فالفساد يتطلع للاستئثار بالسلطة وحماية ذاته , وقوى العنف والارهاب كذلك , وجميعهما يرفعان شعارات تختفي خلفها النوايا الحقيقية .
تبرز هذه النوايا , عندما تتشبث تلك القوى على كل ما تسيطر عليه من ارض وقوة وثروة , وتفرض امر واقع يخصها , مفرغ من الشراكة الحقيقية لشركاء الوطن ,وتبدا تمارس ظلمها على الأخرين , وكل ما كانت تنهى عنه , تمارسه من مصدر قوة , وتلغي حق لأخرين وحقوقهم , وتمارس قوة الضغط عليهم للاستسلام للواقع .
القوة التي لا تنضبط بدولة الحق ونظام وقانون هذه الدولة , هي قوة منفلته , تفرض قانون قوتها , لا تعترف بالنظم والقوانين , وحق الناس في التعبير والتكتلات السياسية والفكرية وحقوقهم السياسية والاجتماعية وكرامتهم وحريتهم , تسيطر عليها عصبية ما , كانت طائفية او مناطقية او ايدلوجية , فيها الاخر متهم حتى يثبت ولاؤه , فتبرز ثقافة وتشكيلات معبر عن الهدف , حيث العقيدة للفرد والقبيلة والسلالة , والشعارات مجرد مطية , لتعرف الهدف عليك بالبحث عن عقيدة القوة وهويتها , والقوة الاكثر تدريبا واهتمام ورعاية , فلا خير بمن يأتي بما اتى به المتسلطين والجبابرة الاولين , حينما شكلوا قوات عسكرية ضاربة من عصبتهم , قوة تتغلب فيها الولاء للأفراد او بالأصح للأصنام والعصبيات الضيقة , قوة ضاربة لاجتثاث الاخر , والتسلط على رقاب الاخرين بطشا وطيشا , قوة تفتقد للتركيبة الوطنية , حيث ثقة القائد بالانتماء للعصبة اكثر من الانتماء للوطن , ومشروع الدولة , هذه القوة هي مجرد مخالب للاستبداد , مصيرها مصير غيرها من قوة الاستبداد التي تهاوت على رؤوس اصحابها .
الحق لا يقبل الكيل بمكاييل الامزجة العصبية , له تشريعاته وقوانينه العادلة , وقيمه واخلاقياته , حيث ينصف المظلوم ويدين الظالم , عن أي حق يتحدث من يخفي استدلالات وملفات جرائم وسجون سرية , وهو اليوم في موقع سلطة القوة , لو فيه خير لاستخدمها للحق , واظهر حقيقة تلك الجرائم وقدمها للعدالة , هل نستطيع ان نسائله بتلك الجرائم وتلك الملفات؟! , واين اختفت ؟ , فالحق بائن والباطل بائن , وبينهما نفاق ومنافقين لا غير .
قلنا ونكرر ان الحق ثورة لها ادواتها , تستند على قوة القانون والحق نفسه كقوة وقيمة ومبدأ واخلاق, غير ذلك لا تعد غير مظهرا من مظاهر الثورة ضد سلطان جائر , تأتي بسلطان اشد جورا وقوة غاشمة ,تسلب الوطن استقلاله والامة حريتها وكرامتها , والناس تطلعاتهم النبيلة , بالارتهان لغير الحق والوطن .
علينا ان نتيقن ان الثورية الحاقدة والضاربة , التي تتخذ من القوة سلطة , لا تجلب على الامة سوى العار والخزي والهزيمة , ما لم تجلبه الرجعيات التي ثرنا ضدها , وستمزق الامة وتزيد من حجم الانقسام فيها , بسبب الرفض المنطقي للسلوكيات والتصرفات الطائشة التي تنتجها تلك السلطة .
الرافضين اليوم لحق ابناء عدن التعبير عن اوجاعهم و اوجاع مدينتهم , عن غضبهم بما حدث ويحدث لعدن , لا يحملون مشروع حق , يعبرون عن حقيقة باطل مشروعهم , الناس تتطلع لدولة محترمة , كفروا بالشعارات , كما كفروا بالوحدة , يكفرون اليوم بالانفصال , ويبحثون عن كرامة وحرية وعدالة , في دولة اتحادية او دولتين , المهم جوهر الدولة المحترمة , دولة الشراكة والتعايش والتنوع , التي تتقبل الجميع بكل اطيافهم وعقائدهم واعراقهم , وتحتكم لقانون كعقد اجتماعي ينظم هذا التنوع والتعايش ونظام سياسي منفتح على كل النوافذ .
لا نريد شعار الحرية والاستقلال , والترسيخ على الارض العبودية بفوهة البندقية , تشرع لدعس الرقاب , واهانة البشر , بأعقاب البنادق ,وخطاب العصبية والتحريض والتخوين والارهاب الفكري , حيث لا يختلف فيها مخرجات فم المتعصب عن دبره .
نريد دولة محترمة , تحفظ الكرامة والحريات والمواطنة , تفكك العصبيات , وتحييد العنف من الحياة السياسية والاجتماعية وتضبطه بقانون هذه الدولة , وتحارب الفساد , وتعمل على فك الارتباط بين التجارة والسلطة كوظيفة وطنية ومسئولية انسانية نبيلة , تحافظ على المصالح العامة وتترفع عن المصالح الخاصة والعصبيات وترعى حقوق الناس ومصالحهم , وظيفة منضبطة بقيم واخلاقيات ونظم وقوانين , تضع الجميع كبيرهم قبل صغيره عرضه للمسائلة القانونية , تنصف الضعيف وتحقق الكرامة للجميع .
احمد ناصر حميدان
َ