طفت روح صديقي محمد الوشلي دون رجعة ، وتوقف قلبه ، ولن يعود لينبض من جديد ، وكلي أمل أن أكون متوهمًا في ذلك فماقيل لي مؤكدًا من صديقٍ عزيزٍ لا يسهو إن الوشلي قتل ، وهو يقاتل مع الحوثي ، وما رأيته في بعض المواقع الصحفية التي تقول (إن منطقة الوشل بمديرية عنس في محافظة ذمار تستقبل ثلاث جثث من أبنائها كانوا يقاتلون في جبهة نهم شرق العاصمة صنعاء) أكد لي ومحمد أحد الثلاثة كنت قبل ذلك ترجيت محمدا من عدم الاصطفاف مع الحوثي ، وإن كان مجبورًا على ذلك فلا يذهب إلى أي جبهة ليصبح عدوًا ، واليكتفي بالحديث فقط في ظل سيطرة الحوثي على صنعاء حتى تحريرها المنتظر ، وتعود الأمور إلى نصابها
ذهب محمدٌ مغررٌ به مع الحوثي كالكثير من المغررين بهم مخدوعين غير داركين هذه النهاية الخاطئة للأسف
أتذكر ذهابنا عرسه في قريته الوشل أنا وأصدقاء لي جلسنا هناك أسبوعاً كاملًا فرحنا من فرحته بعرسة كثيرًا رقصنا فيه وزفيناه بين أهله نعم الرجال ، والاستقبال لم نسمع أحد يقول لنا ماهي ألقابكم أو انتمائتكم كنا كلنا ابناء الجمهورية الواحدة ، ولا غيرها قطعنا مسافة طويلة لأجله استقبلنا في منتصف الطريق أذكر من طقوسهم في الأعراس ، وضع الحناء في اليد ، ووضعنا معه ذلك حبًا فيه ، وكنا فرحانين بعرسه كثيرًا حتى تكبدنا عنا السفر إلى هناك جُبنا القرى المجاورة لهم مشينا على الأقدام ، ونحن نضحك ، ونسخر من الشمس حتى ، وصلنا الى سدٍ منيعٍ من الماء كانت قريته تستمد منه الماء حينما يتوقف المطر لم أعد أذكر اسمه لكني أذكر عين الماء الجارية التي أغترفنا منه غرفة بأيدينا كانت غرفة الدهر ، والأخيرة بيننا..! إن الحياة وقتها كانت جميلة لا حرب ولا إحتراب لم نظل الطريق حينها بل كنا على المسار الصحيح حتى ظهرت العمامة في صنعاء ، وفرقت كل من في البلد سرق عميل إيران عبدالملك الحوثي منا وطننا ، وأرواحنا وأصدقائنا أخذ روح اليمن الجامعة للجميع...
لطالما تناولنا الغداء مع محمد من مائدة واحدة في بيتنا كانت أمي هي من تعد الطعام ، وتصنع وجبة الغداء ديوان البيت كان يتسع له ولأصدقائي الأنقياء المحسوبين أخوة لي أيام عدة تعد ولا تحصى ضحكاتنا الكبيرة ، والسخرية الطويلة التي لا تنتهي من اي حدث ، أو نكته ركيكة تخرج من شخص ثقيل الدم _ ذهبنا مرارًا معا لكل ديوان يلتقي فيه الأصحاب ضحكنا دون حدود ، ورددنا بنفس الوقت نلتقي غدًا
عشنا ومشينا تحت ظل الجمهورية اليمنية دون عنصرية ، ولا مناداة بالالقاب ، وماشابه ذلك كانت اسمائنا ، ووجوهنا حاضرة بحرية مطلقة حتى أقتحم الحوثي صنعاء ، وبدأ في تغير كل شيء حتى الأصدقاء ماعدنا نعرفهم من يومذاك ورفع سقف العنصرية عاليًا ليفرق بين كل اليمنيين بعنصرية نتنة ، وبوحشية عالية لم يعهدها أي تأريخ ، وليس لها مثيل ، ولا حل ولا مخرج إلا بالخلاص من عبدالملك الحوثي ومن يحوم حوله حبا ، وحماية له ..! الإجهاز عليه هي الوسيلة الوحيدة ، والمتبقية للحفاظ على روح اليمن ، وأرواح اليمنيين وإلا سنضع وتضيع البلاد ، وسنرى الأخ يقتل أخاه، ولا يبالي.!
اليوم محمدا ترك خلفه أسامة وحيدًا إلى يوم القيامة، وهو مايزال طفلًا ماذنب هذا الطفل ليعيش يتيمًا يظل يرجو عودته ، وهو يطل من نافذة البيت الخشبية.. ماذا سيقولون له اليوم عن غياب أبيه الذي لا عودة له كيف سيكبر أسامة دونه ، وأين ستغدوا أيامه القادمة الثقيلة العجاف أسئلة تستقر في القلب ، و تحرق النفس الزعلانه على صديق ضاع بين أوهام الحوثي، ولا أجوبة لها ، وماينفع الإجابة الأن ، وقد غادرنا ، ولن يعود_ عبدالملك الحوثي هو من قتل أبا أسامة ، وقتل كل شاب فقد البوصلة وذهب إلى هناك ، وعاد في تابوت ..!
لماذا يا محمد أدرت ظهرك ، وتركت ولدك ، وحملت السلاح ، وغادرت إليهم لماذا هذا الوجع راسلتك كثيرًا لم تجب ، ولم تسمع نداءاتي المتكررة لك
قلت لك ارسلِ لي بصورة أسامة لعلها تشعل في قلبك قليلًا من النور ، وتعود إلى الديار لتربي ابنك لكنك لم تجب كذلك أي نهاية هذه التي لا تليق بك لكني لا أقول إلا الله يرحمك
رحم الله محمد الوشلي وغفر له - وقاتل الله وأهلك عبدالملك الحوثي ما بقاء لنا أصدقاء-