رمزي محروس ولحظة وداع سقطرى .

2020/06/26 الساعة 11:12 مساءً


د كمال البعداني 
وانا اتابع ماقيل عن اجتماعات لقادة( الشرعية ) في الرياض لبحث موضوع عملية احتلال سقطرى ، تلك العملية التي اشرفت عليها الرياض . وانا اتابع هذه الاخبار  عادت بي الذاكرة الى ما قبل  ثمانية ايام.  وتحديدا الى يوم الجمعة الموافق 19 يونيو 2020م ، حيث اختلطت في ذلك اليوم اصوات قذائف الدبابات والمدرعات  ، والمدافع والرشاشات  التابعة لمليشيات الإمارات والتي زودها بها ( التحالف ) بهدف اقتحام مدينة حديبو  عاصمة المحافظة ، اختلطت اصواتها مع اصوات الآذان وخطب الجمعة الصاعدة من مساجد محافظة سقطرى ، يقابلها اصوات ازيز  رصاص الكلاشنكوف من المدافعين عن المدينة . بعد ان منع التحالف وتحديدا السعودية ومنذ ثلاث سنوات وصول اي اسلحة ثقيلة ومتوسطة  او حتى مدد عسكري لقوات ( الشرعية ) في سقطرى ، في الساعات الاخيرة من ذلك اليوم  تم انزال العلم اليمني من مؤسسات الدولة والاماكن الاخرى ورفع العلم الاماراتي ، وسط ابتهاج  من الإعلام الاماراتي  ومن يدور في فلكه ،  وكأنهم استعادوا  جزرهم الثلاث المحتلة من ايران . لقد تم احتلال سقطرى بإشراف مباشر من السعودية ، ففي ذلك اليوم كان اكثر من الف جندي سعودي في سقطرى والذي تم تسميتهم زورا وبهتانا  بقوات ( الواجب ). كانوا يقفون الى جانب المليشيات  ويشرفون على تسليمها المدينة . بعد ان كانوا قد طلبوا قبل اسابيع من القوات الحكومية الانسحاب من المواقع التي كانت فيها خارج المدينة . فتم ذلك مع تعهد سعودي بحماية المدينة ،  لكنهم في هذا اليوم انسحبوا من مواقعهم  على ابواب حديبو والمتفق عليها مع  ( السلطة المحلية ) في سقطرى . انسحبوا  لكي يفسحون  الطريق لتلك المليشيات من اجل الدخول الى  المدينة . في ذلك اليوم  كان البطل رمزي محروس محافظ سقطرى وحارسها  يتواصل بين وقت وآخر مع القيادة السعودية في سقطرى . مذكرا إياهم  بتعهداتهم ومواثيقهم ووعودهم ولكن دون فائدة ، ولسان حالهم يقول له : انما كنا نخوض ونلعب . كان رمز سقطرى وحارسها قد فقد الأمل بقيادة ( الشرعية ) القابعة في فنادق الرياض . وكلما حاول الاتصال بهادي لا يستطيع الوصول اليه . وبينما كانت شمس ذلك اليوم  تسحب وتلملم خيوطها الذهبية المنسكبه  على اشجار ورمال وشواطئ سقطرى . في ذلك الوقت كان القائد رمزي محروس  يرفع ناظريه الى السماء  ولسان حاله يقول :  اللهم انك تعلم اني وطوال ثلاث سنوات قد بذلت ما في وسعي ومعي الشرفاء والاحرار من ابناء سقطرى  من اجل الدفاع عن هذه المحافظة وحماية اهلها . اللهم انك تعلم كيف تم محاربتنا طوال ثلاث سنوات وكيف قطعوا عنا الماء والهواء ؟ اللهم انا نشكو اليك غدر وخيانة وخداع وكذب الحليف ، ونشكو اليك الخذلان  والبيع من القريب من الذين تولوا امرنا ، وبعد اربعة وعشرين ساعة على سقوط المحافظة ، وعبر احدى سفن الصيد الصغيرة  وفي خلسة من الاعداء ،  غادر  رمزي محروس  جزيرة سقطرى ،وكأني به وبعد ان صعد الى السفينة قد التفت الى سقطرى قائلاً :  وداعا يا سقطرى والله انك من احب اماكن الدنيا الى قلبي واهلك كذلك ،  ولولا ان السعودية  والشرعية  اخرجوني  منك ما خرجت . واني راجع اليك ياسقطرى بإذن الله  . ثم يتمثل بقول الشاعر  . أضاعوني وأي فتى أضاعوا .. لا عليك ايها الفارس الحميري اليماني الاصيل . إن يخرجوك من سقطرى  فقد اخرجوا الميسري والجبواني والكثير قبلك من عدن وتعز وغيرها  .  نشهد انك قد وقفت منتصب القامة ودافعت دون مهادنة ولم تنحني  قط ايها القيل اليماني . هكذا سيقول عنك التاريخ في صفحاته البيضاء . بينما ستكون صفحاته السوداء لمن لم يندد حتى اليوم  او حتى يشجب ما حصل في سقطرى . من المتواجدين في الرياض والمحسبوين على اليمن  . انت يا ابن سقطرى لم تدافع عن سقطرى فقط . بل دافعت عن اليمن بالكامل وسيادته واستقلاله . اليمن معشوقتك الدائمة والتي تتغنى بها في كل خطاباتك .. سلام الله عليك وقُبلة على جبينك من كل احرار اليمن الكبير  تصلك حيث انت . وسلام الله على جوهرة اليمن  سقطرى  ، سلام الله عليها بأبنائها  واشجارها ورمالها وشواطئها . فدماء شجرة دم الاخوين  ستبقى دماء حميرية يمانية خالصة كما خلقها الله .#كمال_البعداني