د كمال البعداني
وانا اتابع ماقيل عن اجتماعات لقادة( الشرعية ) في الرياض لبحث موضوع عملية احتلال سقطرى ، تلك العملية التي اشرفت عليها الرياض . وانا اتابع هذه الاخبار عادت بي الذاكرة الى ما قبل ثمانية ايام. وتحديدا الى يوم الجمعة الموافق 19 يونيو 2020م ، حيث اختلطت في ذلك اليوم اصوات قذائف الدبابات والمدرعات ، والمدافع والرشاشات التابعة لمليشيات الإمارات والتي زودها بها ( التحالف ) بهدف اقتحام مدينة حديبو عاصمة المحافظة ، اختلطت اصواتها مع اصوات الآذان وخطب الجمعة الصاعدة من مساجد محافظة سقطرى ، يقابلها اصوات ازيز رصاص الكلاشنكوف من المدافعين عن المدينة . بعد ان منع التحالف وتحديدا السعودية ومنذ ثلاث سنوات وصول اي اسلحة ثقيلة ومتوسطة او حتى مدد عسكري لقوات ( الشرعية ) في سقطرى ، في الساعات الاخيرة من ذلك اليوم تم انزال العلم اليمني من مؤسسات الدولة والاماكن الاخرى ورفع العلم الاماراتي ، وسط ابتهاج من الإعلام الاماراتي ومن يدور في فلكه ، وكأنهم استعادوا جزرهم الثلاث المحتلة من ايران . لقد تم احتلال سقطرى بإشراف مباشر من السعودية ، ففي ذلك اليوم كان اكثر من الف جندي سعودي في سقطرى والذي تم تسميتهم زورا وبهتانا بقوات ( الواجب ). كانوا يقفون الى جانب المليشيات ويشرفون على تسليمها المدينة . بعد ان كانوا قد طلبوا قبل اسابيع من القوات الحكومية الانسحاب من المواقع التي كانت فيها خارج المدينة . فتم ذلك مع تعهد سعودي بحماية المدينة ، لكنهم في هذا اليوم انسحبوا من مواقعهم على ابواب حديبو والمتفق عليها مع ( السلطة المحلية ) في سقطرى . انسحبوا لكي يفسحون الطريق لتلك المليشيات من اجل الدخول الى المدينة . في ذلك اليوم كان البطل رمزي محروس محافظ سقطرى وحارسها يتواصل بين وقت وآخر مع القيادة السعودية في سقطرى . مذكرا إياهم بتعهداتهم ومواثيقهم ووعودهم ولكن دون فائدة ، ولسان حالهم يقول له : انما كنا نخوض ونلعب . كان رمز سقطرى وحارسها قد فقد الأمل بقيادة ( الشرعية ) القابعة في فنادق الرياض . وكلما حاول الاتصال بهادي لا يستطيع الوصول اليه . وبينما كانت شمس ذلك اليوم تسحب وتلملم خيوطها الذهبية المنسكبه على اشجار ورمال وشواطئ سقطرى . في ذلك الوقت كان القائد رمزي محروس يرفع ناظريه الى السماء ولسان حاله يقول : اللهم انك تعلم اني وطوال ثلاث سنوات قد بذلت ما في وسعي ومعي الشرفاء والاحرار من ابناء سقطرى من اجل الدفاع عن هذه المحافظة وحماية اهلها . اللهم انك تعلم كيف تم محاربتنا طوال ثلاث سنوات وكيف قطعوا عنا الماء والهواء ؟ اللهم انا نشكو اليك غدر وخيانة وخداع وكذب الحليف ، ونشكو اليك الخذلان والبيع من القريب من الذين تولوا امرنا ، وبعد اربعة وعشرين ساعة على سقوط المحافظة ، وعبر احدى سفن الصيد الصغيرة وفي خلسة من الاعداء ، غادر رمزي محروس جزيرة سقطرى ،وكأني به وبعد ان صعد الى السفينة قد التفت الى سقطرى قائلاً : وداعا يا سقطرى والله انك من احب اماكن الدنيا الى قلبي واهلك كذلك ، ولولا ان السعودية والشرعية اخرجوني منك ما خرجت . واني راجع اليك ياسقطرى بإذن الله . ثم يتمثل بقول الشاعر . أضاعوني وأي فتى أضاعوا .. لا عليك ايها الفارس الحميري اليماني الاصيل . إن يخرجوك من سقطرى فقد اخرجوا الميسري والجبواني والكثير قبلك من عدن وتعز وغيرها . نشهد انك قد وقفت منتصب القامة ودافعت دون مهادنة ولم تنحني قط ايها القيل اليماني . هكذا سيقول عنك التاريخ في صفحاته البيضاء . بينما ستكون صفحاته السوداء لمن لم يندد حتى اليوم او حتى يشجب ما حصل في سقطرى . من المتواجدين في الرياض والمحسبوين على اليمن . انت يا ابن سقطرى لم تدافع عن سقطرى فقط . بل دافعت عن اليمن بالكامل وسيادته واستقلاله . اليمن معشوقتك الدائمة والتي تتغنى بها في كل خطاباتك .. سلام الله عليك وقُبلة على جبينك من كل احرار اليمن الكبير تصلك حيث انت . وسلام الله على جوهرة اليمن سقطرى ، سلام الله عليها بأبنائها واشجارها ورمالها وشواطئها . فدماء شجرة دم الاخوين ستبقى دماء حميرية يمانية خالصة كما خلقها الله .#كمال_البعداني