الأطماع الصهيونية وأدوات الإمارات في اليمن

2020/08/14 الساعة 11:00 مساءً

 

موسى المقطري

ليس مستغرباً ما أقدمت عليه دولة الامارات من اعلان التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب باعتبار ان ما تنجزه هذه الدولة في الشان العربي والاسلامي منذ عقود كله يصب في تمزيق وتفتيت الكتلة العربية والاسلامية ، والتي تشكل حاجز الصد امام مشاريع اسرائيل في المنطقة ، وما اعلان التطبيع رسميا الا جائزة لتلك الجهود المحمومة ، واعلان لبدء مرحلة عمل جديدة اكثر وضوحاً .

في اليمن شاركت الامارات في التحالف العربي لاعادة الشرعية ، وكان من المفترض ان تكون جهودها في استعادة الشرعية وتوطيد وجود الدولة الموحدة التي تسيطر على كافة اراضيها وخاصة السواحل والممرات المائية الدولية والتي تعد حجر زاوية في الصراع مع الكيان الصهيوني الغاصب ، حيث يمكن عبر هذه الرقعة من الارض تغيير خارطة الصراع والاستفادة من الجغرافيا لتغيير الخارطة السياسية والعسكرية ،  وخاصة في حال نشوب صراع عسكري جديد ، او الذهاب لاسترداد الحقوق المغتصبة من هذا الكيان ، والمتمثلة بالاراضي الفلسطينية المحتلة ، وهضبة الجولان ومزارع شبعا .

وعودة للشان اليمني فقد صار من الواضح اليوم ان الامارات جندت اطرافا في اليمن لتنفيذ خططها المتماهية مع الاطماع الصهيونية في المنطقة ، وذلك عبر اضعاف الدولة ، وتشتيت الارض والمجتمع لتصبح  المناطق الهامة والاستراتيجية تحت ادارة هذه الادوات ، وبالتالي يسهل تجييرها لصالح الكيان الغاصب او تحييدها في اسوأ التقديرات ،  في الوقت الذي يمكن ان يكن لها تاثيراً في الحد من الاطماع الصهونية ، واهم هذه المناطق الشريط الساحلي الذي يشرف على الممرات الدولية ، ومضيق باب المندب ، والجزر الاستراتيجية ، وعلى راسها جزيرتي ميون وسقطرى والتي تم انشاء قاعدة عسكرية في الاولى ، و يتم البدء بانشاء قاعدتين حالياً في الثانية .

في عدن تم إنشاء المجلس الانتقالي وما تتبعه من قوات بمختلف تسمياتها  بدعم اماراتي عسكري ولوجستي ومالي وسياسي ، وتم توجيه كل هذه القوات لافشال وجود الدولة وإلغاء سيطرتها على المحافظات الجنوبية ، ونقل التحكم والسيطرة في هذه المناطق لطرف المجلس الانتقالي ، وبالتالي الوصول للاهداف والمطامع دون موانع تذكر ، وتحت مسمى استقلال الجنوب تم العبث بالارض والجزر والمنافذ ، وأصبح القرار إمارتياً خالصاً ، وبالتالي صار من الواضح ان اسرائيل كحليفة لها صارت في مأمن من أي مخاطر كان من المتوقع ان تواجهها من هذه البقعة الهامة من الارض العربية المسلمة .

في تعز تم رفض مشروع الامارات بإقامة حزام أمنى يكون أداة بيد الامارات لتكرار نفس تجربة عدن، والذي كان معدا له السيناريو ذاته ، وحين فشلت هذه الخطة برفض القيادات العسكرية والمحافظ وقتها تم الانتقال الى الخطة "ب" عبر تحريك خلايا ابي العباس للعبث بالمحافظة ، ومحاولة فرض القرار كأمر واقع ، وتم افشال هذه الخطة كذلك ، فكانت الخطة "جـ" بتحريك الفوضى في مناطق ريف تعز (الحجرية) وفي الخطتين "أ" و "ب" كان يتولى الحزب الناصري توفير الغطاء السياسي والاعلامي للتحركات الاماراتية وتحول في الخطة "جـ" الى لاعب اساسي ويد فاعلة لمحاولة اقتطاع الحجرية عن المحافظة وضمها الى مناطق الساحل التي يديرها طارق عفاش الذي يعد الاداة الأهم في الساحل للاطماع الاماراتية والتي تخدم الحليفة اسرائيل ، وليس بجديد ماتم الاعلان عنه سابقا من زيارة وفد عسكري اسرائلي لطارق بتنسيق اماراتي ، وقد حظي الاعلان الرسمي عن التطبيع بين اسرائيل والامارات باشادة رسمية صدرت عبر وسائل اعلام ما يسمى "حراس الجمهورية" وهو الاسم الرسمي لقوات طارق في الساحل الغربي .

اليوم بات التمايز واضحاً ، وظهرت الحقيقة بشكلها الكامل ، وصار المجلس الانتقالي الجنوبي وما تتبعه من تشكيلات عسكرية ، وقوات طارق عفاش باختلاف تسمايتها ، والحزب الناصري الذي كان يوهمنا بحمله للمشروع القومي ، باتوا كلهم في سلة واحدة مع الامارات ، فهي منذ سنوات تغدق عليهم المال والسلاح ، وتسخر لهم الاعلام ، وليس لهذا معنى الا ان مشروعها المرتبط بمشروع الكيان الصهيوني التوسعي بات له من يحميه تحت مسميات وشعارات مموهة ، وليس أمام هذه الأدوات والمكونات وخاصة بعد أن بان المخبئ وانكشف الا ان تتبرأ من علاقتها المشبوهة وتعتذر للشعب والوطن وتعود لحضن الشرعية اليمنية ، بعد أن عملت بتشجيع ودعم الامارات على الاضرار بها واضعافها ، ولازال في الوقت متسع للتكفير عن الخطايا .