هل لليمن نصيب من المصالحة الخليجية؟

2021/01/16 الساعة 10:38 مساءً


‏عثمان الأهدل ...

‏جاء في البند الثاني عشر من مخطط "ليونارد لويس" عام ١٩٨٢م لتفتيت العالم الإسلامي، ما ينص على إلغاء دستور اليمن بشطريه الجنوبي والشمالي، واعتبار مجمل أراضيه جزءًا من دويلة الحجاز، وكأن اتحاد هذين الشطرين عام ١٩٩٠م، كان توطئة لهذه اللحظات التي تسارعت مؤشراتها مؤخراً. 
‏فهل تصبح اليمن مهد انطلاقة تفتيت دول الشرق الأوسط إلى مُجزَّأ أصغر، التي هي أصلا مفتتة في آرائها قبل أن تكون مفتتة جغرافياً؟ أو بمعنى آخر: هل تصبح محبرة لقلم تصحيح خارطة سايكوس بيكو المزمع تنفيذها. 
‏أحداث تتسارع بوتيرة غير استباقية تشير إلى مضامين ذلك التخطيط الذي أعده الهالك برنارد لويس، والأنكى في الموضوع، أن بعضاً من الجهلة ممن يرفعون راية العروبة أصبحوا عوناً في تمزيق أواصرنا تنفيذاً  لذلك المخطط اللئيم.
‏يظهر ذلك جلياً في تعاون الإمارات مع إسرائيل واندماجها في بوتقتها الأمنية والعسكرية والتجارية. 
‏ولكن يحدونا الأمل بعد تباشير الخير من المصالحة الخليجية، والتي سطع فيها نجم الكويت كقائدٍ إلى الخير ومعينٍ على لُحمة الأمة ورأبِ الصف الخليجي خاصة.
‏ وكما يُقال "للضرورة أحكام"، فقد اقتضت الحاجة إلى توحيد الصف العربي، وبالأخص الخليجي ضد تقلبات الحكومة الأمريكية القادمة، والتي فيما يبدو أن أعضاءها من عشاق خلق الحروب، وهم من أخطر وأخبث نخبة كما ذكر ذلك د.عبدالله النفيسي في أحد لقاءاته المتلفزة، وقد يعود دور إيران في المنطقة إلى سابق وضعه في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، والذي أرخى الوثاق لها، والوضع الآن لا يتسع لمزيد من التصعيد، فقد أتت نيران الحروب على الأخضر واليابس.
‏إن تلون أمريكا في سياستها كما تتلون الحرباء، لهو الدافع الأقوى لأن نستعد لأي تقلبات في المناخ السياسي، ونعيد النظر في مسألة التطبيع مع إسرائيل الذي لا أرى فيه فائدة تُرجى منه، وقد قيل في المثل الشعبي "اسأل المجرب ولا تسأل الطبيب"، فالدول المحيطة بها خير دليلٍ على ما أفرزت علاقاتها معها من فوضى وخسائر اقتصادية وشق الصف العربي. 
‏ربما لا يكون ذلك ظاهراً، ولكن عُرف عنها في توظيف أيادٍ خفية مرتزقة تعمل على زعزعة الأوضاع، هذا من ناحية.
‏ ومن ناحية أخرى الوضع اليمني المتأزم، والذي أحدث ثغرة خطيرة للولوج إلى النسيج العربي، وأصبح جرحا بليغا أصابه الدمامل، قد يمتد سرطانه إلى بقية دول المنطقة في ظل ولاية جو بايدن، ويتم توظيفه لصالح الصهيونية العالمية، والذي قد يمحو دولاً بأكملها من الخارطة، ولا سيما أنه أفصح عن أيديولوجيته في إحدى لقاءاته نحو ذلك، قائلاً: "إن وجود اسرائيل ضرورة حتمية لصالح الصهيونية العالمية، ولو لم توجد اسرائيل لأنشأنا مثلها".
‏ما يعنينا الآن هو اليمن الذي أنهكه ظلم أولي القربة دون رحمة تذكر، هل ستلقي المصالحة الخليجية بظلالها عليه أيضا في ظل تباين الآراء بين قطر والتحالف؟ وهل ستتدخل قطر في تسهيل عمل لقاء يجمع الأطراف اليمنية المقتتلة، واستخدام لغة العقل بدلاً عن السلاح والتعنت؟
‏ كل ذلك يجب أن يؤخذ في الاعتبار وأن تستغل الشرعية ذلك التصالح، وتوظفه بشكل جيد لرأب الوضع وإزالة الشبهات عنها، وإلا لن يرحمها الوضع القادم إن بقيت ساكنة كعادتها، ولا سيما أن الزبيدي يعمل حاليا بإيحاء من الإمارات على إفشال حكومة د.معين عبدالملك. 
‏قد حان الآن للعمل بمسؤولية وبتضافر الأيادي لجعل  الحوثي  يعود إلى جادة الطريق أو إزاحته بالقوة، والظروف المواتية لا تحتمل غير هذين الأمرين، فالحكومة الأمريكية القادمة سترخي الوثاق لإيران ، وهذا سيعطيها مساحة أكبر في بسط نفوذها في ظل انتشار حلفائها، وحينها لن تنفع الأطماع الضيقة للمجلس الانتقالي، ولن ينفع تخاذل وصمت هادي، وسيغدو الحوثي خنجراً في خاصرة السعودية، يعمل على إشغالها واستنزافها.
‏يجب على أنظمتنا أن تعي أن الصهيونية المتمثلة في أمريكا وإسرائيل لن تألو جهدًا في تفتيت دول الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية. 
‏يجب أن تنفض عنها غبار الخلافات الضيقة التي لا تخدم شعوبها وتعمل على زيادة الهوة بينها، والذي هو عين ما يطلبه أعداؤها، وأن موالاة غير المسلمين لهو الانتحار الحقيقي، فقد أثبتت التجارب أنهم لا يُؤمن جانبهم ولديهم استعداد للغدر في أول منحنى يرون فيه مصلحتهم.