من خلالِ منشوراتِهم أو النقاشِ معهم يتملكني عجبٌ من تباينِ مواقفِهم وتناقضِ مبادئِهم ! فمازال المدندنون منهم يهرفون بما لا يفقهون .. : "ماذا حققت المقاومةُ ؟.. دُمِرت غزةُ وقُتِلَ الأبرياءُ ، ولم ينلْ إسرائيلَ ضررٌ يُذَكرُ منها " . هل عرفتموهم ؟!. هم الذين يهللون لرفعِ عَلَمٍ على إدارةٍ حكوميةٍ أو نقطةٍ أمنيةٍ ، ويفخرون بخروجِ مظاهرةٍ لهم ، ويرون ذلك نصرا مؤزرا . فأي حسٍ ثوري لديهم إذ لا يرون رفعَ علمِ فلسطين في مدن العالم ، والمظاهراتِ المؤيدةَ له من مختلفِ النِحَلِ والمللِ ، منجزا جبارا .
هم الذين يهمهم السيطرةُ على المدنِ ، دون جهدٍ منهم في تنميتها وتأمينِ أهلها ، فَلَيْتَهُم بدلا من بكاءِ التماسيحِ على غزةَ وشعبِها الحرِ ، يَرَونَ حالَ عدنَ البهيةِ تحت سيطرتِهم في بضعِ سنين ، من دمارٍ وقهرٍ ، وبأيديهم لا بصواريخِ خصومِهم . فأي وطنيةٍ يمتلكون إذ يتطاول أقذعُهم لسانا على ثبات المقاومةِ في الذودِ عن أرضِها وعدمِ التفريط في ذرةٍ من ترابها .
هم -كغيرهم- ممن سلموا زمامَ أمرِهم لغيرهم ، فتراهم في رحلاتٍ خارجيةٍ شهريةٍ لتلقي الأوامر ، أو متكئين على أرائكِ الفنادقِ ، مفرطين في جزرٍ وموانئ وطنيةٍ ، وثرواتٍ وحدودٍ سيادية ، مقابل فتاتٍ حقيرٍ ، ومن يدٍ أحقرَ .
فَلَيْتَهُم جميعا ، يستلهمون من المقاومةِ الدروسَ في فقه المواجهة . علمتنا غزةُ :
- أنَّ الإخلاصَ والتجردَ ، وصدقَ تنفيذِ الوعد ، والتواجدَ القياديَ يحقق ثقةَ الشعبِ والتفافَه حولهم لتحقيقِ النصر .
- أنَّ العدوَ الذي يضع استئصالِك هدفا استراتيجيا له ، هو عدوٌ لا يجدي معه حوارٌ ولا تفاوض ، ولا تنفع معه إلا القوةُ الفاعلةُ ورد الصاعَ صاعين .
- أنَّ الإعدادَ المتقنَ الفاعلَ للوسائل ، وتوحدَ قوةِ الفصائل المسلحة في الرؤية والرأي والهدف .. هو قوةٌ للصف وثباتٌ في الميدان ومانعٌ للتخاذل والتنازع .
- أنَّ سيادةَ الأرضِ والقرارِ ، وكرامةَ الشعبِ مقدسةٌ ، ولا مجالَ للمساسِ بها ، أو خدشها ناهيك عن احتلالِها وهتكِها .
- أنَّ وعدَ اللهِ بالنصر للفئة القليلةِ نافذٌ محققٌ ، مادامَ يتوفرُ فيها صدقُ الرباطِ وإخلاصُ المنطلقُ ، وتآلفُ القلوب وثباتُ الرجالِ . فالمقاومةُ بعتادها لا تقارن بجيوش العربِ ، ولكنها جيوشٌ (كالتحالف) خَلَتْ من الهمة والمصداقية .
- أنَّ من أراد حقا النصرَ والتمكينَ فعليه بالتضحيةِ دون موازنةٍ دنيوية ، والخلاصِ من التبعية دون مداهنةٍ سياسيةٍ ، وإدارةِ الحرب من الميدان لا من الديوان ، والتواجدِ على الأرضِ ، لا حسبَ الطلبِ والعرضِ . فهلا تتعظون ؟.
أبو الحسنين محسن معيض