الطاقم غير كافي !
قصة قصيرة
محمد مصطفى العمراني
تدافع عبد الباري وأولاده إلى خارج خيمتهم في مخيم النازحين بضواحي عدن بعد أن توقفت ثلاث سيارات فارهة أمام الخيمة مباشرة ، نزل من السيارات خمسة من الشباب الذي يبدو من حديثهم وملابسهم أنهم من الإمارات فيما ظل البقية في السيارات يستمتعون بهواء المكيفات هربا من الحر الخانق ، أبتسم عبد الباري وهو يمد يده لمصافحتهم غير أنهم رفضوا مصافحته ، كانت نظراتهم إليه تشي بالكثير من الاحتقار والازدراء فماتت البسمة في وجهه وشعر بغصة تتكور في حلقة وتركهم عائدا إلى داخل الخيمة بانتظار دعوتهم له ليستلم المساعدات ، فيما ظل الأطفال يتحلقون حول السيارات ويرمقونها بنظراتهم الفضولية .
قال رئيس الفريق بتأفف :
ـ الإعلاميون تأخروا يا جماعة نبي نخلص ونرجع الفندق ، الحر ذبحني هنا.!
أقبلت سيارة من بعيد فتهللت وجوههم وصاح رئيس الفريق :
ـ خلاص نزلوا المساعدات .
أمام باب الخيمة كان كيس دقيق من فئة 25 كيلو وقطمة أرز 5 كيلو وعلبة زيت صغيرة وبضعة علب فاصوليا تستلقي بانتظار التصوير .
وصل الإعلاميون وشرع أحدهم ينصب قاعدة كاميرا التلفزيون وأثنان بدأ يستعدان لالتقاط الصور إلا أن رئيس الفريق صرخ فيهم :
ـ إيش تفعلون ؟
فأجابوا بدهشة :
ـ نستعد لتوثيق لحظة تسليم المساعدات للنازحين .
وعاود صراخه فيهم :
ـ أين بقية الفريق ؟
ـ ذهبوا لتجهيز وإرسال المواد إلى وسائل الإعلام .
أحد الأطفال حمل علبة الزيت ليدخلها إلى الخيمة لكن رئيس الفريق صاح فيه :
ـ ويش تسوي يا ولد ؟! رجع العلبة .
أعاد الطفل علبة الزيت وهو غير مصدق ما يحدث .
قال رئيس الفريق موجها حديثه إلى رفاقه :
ـ رجعوا المساعدات إلى السيارة ، الطاقم الإعلامي غير كافي .!
وواصل حديثه للإعلاميين :
ـ من الآن وصاعدا لازم تكونوا كلكم جاهزين 15 إعلامي دفعة واحدة لتوثيق اي تسليم للمساعدات حتى لو كانت علبة فول ، وقبل التصوير تسلمون المحتاجين صور الشيخ محمد بن زايد يرفعوها وتحفظوهم الكلام اللي يقولون ولازم يدعون للشيخ محمد الله يحفظه ويطول لنا بعمره .
وفي لحظات غادرت السيارات من أمام الخيمة وتكومت أسرة عبد الباري في الداخل على جراحها ومآسيها بينما غادر عبد الباري الخيمة تسيل دموعه حارة رغما عنه وفي داخله يستعر بركان من الأسى والقهر ، تمنى عبد الباري أن تنشق الأرض وتبتلعه ولكنه ظل يمشي نحو المجهول فلا يدري أين يذهب وإلى أين سيصل ؟!