بقلم/ علي هيثم الغريب
وزير العدل السابق
عدن 13 يناير 2022م
قبل يومين من اعلان التسامح والتصالح ذهبت واخي احمد عمر بن فريد والعميد صالح هيثم فرج الى العمارة المثلثة في خور مكسر حيث يسكن الاخ المهندس محمد محسن رئيس جمعية ردفان الخيرية، التقينا وتحدثنا وتواصلوا مع اخوانهم اعضاء الجمعية واتفقنا .. بعد ظهر يوم 13 يناير 2006 ذهبنا بسيارة واحدة احمد وصالح وانا …
افتتح المهندس محمد محسن اللقاء الذي حضره تقريباً 150 شخص من اغلب محافظات الجنوب جميعاً القينا كلمات التسامح والتصالح .. وتعانق ابناء الجنوب في تلك "الصالة الصغيرة".
حينها كان الرئيس عفاش في المعاشيق .. وبداءت الملاحقات والاستدعاءات والقصة طويلة ..
واليوم بعد 16 عام تمر على نهار يوم 13 يناير للعام 2006 ، الذي يؤرخ لبدء النضال واغلاق صفحة الماضي السلبية وتقوية ايجابياته، وعاد تاريخ الجنوب الذي عُرِف بتسامح ابناءه.
وبداءنا نضيء أنوار أجمل ما اتسم به الجنوبيون بين كل الجيران: ونؤسس نعيم حرية التوافق على حق الاختلاف، ومن ثَمّ إمكانية الاتفاق. أن الاختلاف بالرأي والتفكير، لن يفسد انتماءنا لهذا الوطن، ولن يلغي الود بين المناضلين والناس، ولن يجردنا من وطنيتنا.
ونرى أن إشعال شرارة انطلاق الحراك الجنوبي بدأ في الواقع يوم الثالث عشر من شهر يناير ذاته، عندما فشلت محاولات علي عبدالله صالح والاحزاب اليمنية زرع الفتن بين ابناء لحج والضالع وابين وشبوة وكل محافظات الجنوب … حيث كان يعمل محاضرات في الحوطة وزنجبار رداً على تجمعاتنا الاولى وكتاباتنا في الايام والطريق وغيرها.
قد يبدو فيما سبق تبسيطاً يخل بما يجب من إسهاب الحديث عند تناول تلك الايام القاسية وكيف كان يتعامل المحتل مع الشعب الجنوبي. نعم، بالتأكيد، لكن المقصد هنا اظهار كيف اندلعت شرارة الحراك الجنوبي، وما أدى إليه التسامح والتصالح، وما صار إليه الجنوب بعد تثبيته والاحتفال به في كل محافظات الجنوب، والقصد ايضاً هو التأمل فيما يوصل إليه غياب التسامح، وتغييب روح التفاهم بين الجنوبيين، من استحالة التوصل إلى تصالح حقيقي اذا كان الجهل هو المسيطر، سواءً إذا تعلق الأمر بالعلاقات بين القيادات، أو العلاقات بين المناضلين.
ومازلت اتذكر تأسيس التسامح والتصالح في زبيد الضالع وفي الحوطة وفي يافع ، ثم ذهابنا الى شبوة والى المكلا والى الغيضة ولم نستطع الذهاب الى سقطرى ولكن اخواننا هناك قاموا بالواجب.
ويجب القول إن ما ذكرناه ليس عرضاً لتلك المنعطفات الصعبة التي جرت في ظل دكتاتورية عفاش، قدر ما هو استحضار قبسات من صفحات النضال، وما وضعه المناضل الجنوبي من بصمات نحتها دماً ودموعاً، وكسبته معاناءة شعبه، وسائل نضال متعددة، وعلمته كيف يكون الحوار وسيلة للتسامح؟ ، وكيف تكون حاجة المناضل لاخيه المناضل مهما كان التباين والاختلاف ، وكيف نلقي من قاموسنا العصبية المناطقية والاقصاء والتهم الجاهزة التي يتعبىء بها الناس الابرياء لكي يتجادمون مثل(…..).
ولن نشير الى الصعوبات ومقاومة توجهات التسامح من قبل الاحزاب اليمنية والامن الوطني والقومي والسياسي فتلك مدونة بالتاريخ.
وعلمتنا الحياة النضالية إن أي تصالح حقيقي بين المتباينين وحتى المتخاصمين في وسائل وادوات النضال، لن يقوم بالفعل، ما لم يكن حجر أساس التصالح هو حب الوطن النابع من قلب مناضل صقلته التجارب التي عاشها او التي سمع عنها وعرف قيمتها.
وعلمتنا الحياة ان المنتصر في اي صراع داخلي أنه لن ينتصر الى الأبد مهما أوتي من قوة . وكما قال عوض الحامد: المهزوم يفنى لا وليس المنتصر ضامن بقاه.
أن التسامح والتصالح كان الأصل في انطلاق الحراك الجنوبي السلمي وهو اليوم الاصل في اي نضال.
ختاماً:
الله يرحم شهداء التسامح والتصالح، الفقيد هشام باشراحيل والفقيد بدر باسنيد والفقيد امين صالح محمد والفقيد علي محمد السعدي والفقيد الشيخ عبدالله الحوتري والفقيد محمد صالح طماح واخرين من الذين حضروا لقاء التسامح والتصالح في جمعية ردفان الخيرية في عدن يوم 13 يناير 2006م، ولم تسعفني الذاكرة لذكرهم، نسال الله ان يجعل مأواهم الجنة.