منذ القدم ونحن نتمجد بتاريخنا العريق الذي أرّخ العديد من الكتب والمواقف التي حفرت على الصخور ليتم تناولها جيل بعد جيل وتدرس بأعرق الجامعات حتى بعد حدوث ثورات الإستقلال والتي جعلت بلدنا رمزاً حياً لهذه الأحداث المجيدة والتي حررت الشعوب من المستعمر الأجنبي والذي كان يعمر ويبني ويدرس ويعالج ولايفرق بين أبناء الشعب إلا بنسب بسيطة جداً والتي تعود لمصالح بقائه ولكنه لم يهمل باقي أفراد الشعب.
وعندما تحرر الشعب من عبودية المستعمر بدأت تظهر بعض الإنحيازات لمصلحة من حكموا من بعدهم ولكن على حياء وخوف والتي كنا نتذمر منها ونحاول إصلاح الإعوجاج الذي إستمر بكل قوة رغم أننا كنا نعيش وندرس أولادنا ونتعالج ونسافر ونبني بيوتنا لأنه كان هناك شيء إسمه دولة وقانون رغم الشكاوي المستمرة من ضرورة تحسين الأوضاع ورفع مستوى معيشة المواطنين لنصل حتى لخمسة وعشرون بالمائة من حياة المواطنين بدول الجوار.
لكننا كمواطنين لم نفكر بالطريقة الصحيحة والتي جعلتنا نخرج بثورات تحت تفكير قيادات لم تفكر بالشعب بل فكرت بمصالحها ونفسها وهذا الذي نجنيه اليوم من نتائج ثورة الربيع العربي والتي لم تأتي أُكُلها فقد حولنا ما كانت تسمى شبه دولة إلى لادولة ومن ريحة النظام والقانون إلى فقدانهم وأنهينا ما كان يقال عنّا بالجملة المعروفة "الحكمة يمانية" إلى "الفساد يماني" ومثلما كنا نتميز بالحكمة أصبحنا نتفرد بالفساد الذي تعدينا كل خططه وبرامجه والتي يحاسب عليها قانون العقوبات وترفع به مكاتب المحاسبة القانونية بكل بساطة على أنه فساد متجذر ويحتاج لتغيير المنظومة الإدارية للدولة بشكل عام وتفعيل جهاز المراقبة الإداري والمالي بالدولة.
وسبق وأن كتبنا وناشدنا رجال الدولة بشكل عام بعدة مقالات وكذلك طالب ناشطين وناشطات والعديد من الغيورين على الوطن بضرورة الحفاظ على الدولة بمؤسساتها إلا أننا لم نرى سوى البحث عن المصلحة الشخصية والأسرية وتفعيل مصلحة الشلة فمن هنا لن نقول سوى لك الله ياوطن ولابد من أن نعيد ما تميزنا به بالحكمة وطمس الفساد الذي على ما يبدوا أنه لن يطمس إلا بالبتر حتى لايعود مجددا.
قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الروم. (41).
وهذه الآية الكريمة هي تأكيد لحالنا ووضعنا اليوم ولا نريد أن تنطبق علينا مقولة رجل الحرية والكرامة الزعيم نيلسون مانديلا عندما قال: "الفاسدون لن يبنوا وطنهم إنما هم يبنون ذاتهم ويفسدون أوطانهم" فهل من يعتبر ويصحح الأخطاء ونعالج مشاكلنا نسأل الله تعالى العفو والعافية فهل تنتصر الحكمة اليمانية والتي كثيراً ماتمجدنا بها أم تنتصر حكمة الفساد الجاثمة على حياة الشعب داخل الوطن وخارجه.