الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين:
وبعد:
فإن قضية فلسطين هي قضيةُ أمةٍ بكاملها، لا قضية شعبٍ بمفرده، هي قضيةُ كلِّ عربيٍ، وكل مسلمٍ أينما كان.
إنها قضيةُ عدوانٍ واحتلالٍ وتحريرٍ، لا قضية مفاوضاتٍ وتطبيعٍ واتفاقياتٍ.
مسألة:
فلسطين أرضُ وقفٍ إسلاميٍ على جميع أجيال المسلمين إلى يوم القيامة.
إن ملكية فلسطين حقٌ ثابتٌ للمسلمين، لا تُسقطه معاهدةٌ، ولا وعدٌ ولا وثيقةٌ، ويحرمُ الصلح على التنازل عن شبرٍ منها، ولا يملك أحدٌ كائناً من كان فرداً كان أم جماعة، أم حكومةً التنازلَ عن ذرةٍ من ترابها لغاصبٍ، ومن تصرّف بشيءٍ من ذلك فقد تصرَّف فيما لا يملك، وتصرُّفهُ باطلٌ شرعاً، ولا يترتبُ عليه أي أثرٍ شرعيٍ أو قانونيٍ.
إن كل معاهدةٍ تقع على التفريط أو التنازل عن شبرٍ من أرض فلسطين تقعُ باطلةً.
والمسلمون جميعاً غيرُ معنيين، ولا محجوجين بعقودِ أو معاهداتِ الإذعانِ والإذلالِ المفروضةِ عليهم، وليسوا ملزمين بأيٍ منها.
مسألة:
التنديدُ والشجبُ والاستنكارُ والإدانةُ لجرائم الصهاينة في فلسطين حرامٌ في حقِّ الملوك والرؤساء والحكام العرب والمسلمين؛ لأن فرضهم تحريك الجيوش لقتال الصهاينة المعتدين الغاصبين، ولا يسعهم إلا ذلك.
لأن المسلمين أمةٌ واحدةٌ:
ربهم واحدٌ، ورسولهم واحدٌ، ودينهم واحدٌ، وقبلتهم واحدةٌ، تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم، والاعتداء على واحدٍ منهم هو اعتداءٌ عليهم جميعاً، تنتقض به العهود والمواثيق إن وُجِدت.
مسألة:
أيها المسلمون:
اليهود غاصبون ومعتدون على ديار المسلمين في فلسطين، ولا عصمة لدمائهم ولا لأموالهم ما داموا محاربين للإسلام والمسلمين.
مسألة:
قتالُ اليهود ودفعهم واجبٌ على جميع أبناء فلسطين، فإذا قصَّر الفلسطينيون أو عجزوا عن الدفع فيجب الجهاد على من حولهم، من دول الطوق العربي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم حتى يندحر الصهاينة عن ديار المسلمين.
مسألة:
كل مسلم يجبُ عليه الجهاد بحسب الإمكان بالنفس وبالمال مع القلة والكثرة، كما كان المسلمون لما قصدهم العدو عام الخندق ولم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم في ترك القتال لأحدٍ، فالقتال في فلسطين وغيرها من البلاد المعتدى عليها هو دفاعٌ عن الدين والحرمات والأنفس والأوطان والأموال.
مسألة:
حكم الجيوش العربية والإسلامية:
إذا كان الجهاد اليوم ضد الصهاينة المعتدين واجباً متعيناً على كل المسلمين فإن وجوبه على الجيوش العربية والإسلامية أوكدُ وأوجبُ؛ لأنه واجبٌ عليهم بأعيانهم من وجوه:
الوجه الأول:
واجبٌ بخطاب الشرع الذي يشملهم؛ لأنهم من المسلمين.
أي واجبٌ بالآيات والأحاديث الآمرة للمسلمين بقتال المعتدين.
الوجه الثاني:
واجبٌ بالعقد الذي دخلوا فيه مع الأمة بقبولهم الانتساب إلى الجيش الذي يُوكلُ إليه الدفاع عن الدين والأنفس والأعراض والأموال والأوطان وحماية بيضة الإسلام.
الوجه الثالث:
واجبٌ عليهم بالعِوَض وهو الأجرُ الذي يتقاضونه على عملهم في الجيش، فإنه لو لم يكن واجباً عليهم بشرعٍ ولا بعقدٍ لَوَجَبَ عليهم بالمعاوضة عليه كما يجبُ العمل على الأجير الذي قبض الأجرة عليه، فإن قصَّر هؤلاء الجند أثموا وكان ما يتقاضونه من الأجرِ سحتاً لا يحل لهم.
وبناء على ذلك فواجب الجيوش العربية والإسلامية أن تقوم بقتال المعتدين على المسلمين في فلسطين، وفي غيرها من البلاد الإسلامية المغتصبة.
أيها القادة والزعماء اعتصموا بحبل الله جميعاً، ولا تفرقوا، ولا تنازعوا فتفشلوا، ووحِّدوا الصف، وارموا عدوكم عن قوسٍ واحدة، والأمة من ورائكم، وأبشروا بخير.
وفقكم الله جميعاً لكل خير وسددكم وأيدكم وآواكم ونصركم على القومِ الكافرين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.