-------------------------
مع أختلافنا الجذري مع دولة الإمارات على كل الأصعدة لكن دعونا نحسب أستثمارها في الإنتقالي بحسبة تجارية بحته بإعتبارهم يتاجرون في كل شي، ونبين للإمارات أن هذا الإستثمار المكلف جدآ يتبخر الآن لعلها تراجع نفسها لكي لا تتضاعف خسائرها والنتيجة تكون فشل وخسارة وبالنتيجة هزيمة مركبة وقاسية:
- الإستثمار في الجماعات الطائفية أو المناطقية أو القبلية هو أستثمار قصير الأمد والنظر، لأن هذه الجماعات تستأثر بكل شي لنفسها وبالتالي تستعدي المحيط الجماهيري الواسع، تنعزل في مباهجها ومتعها الخاصة وتمارس أدوارآ قذرة بالقوة المسلحة ضد الآخر لكي تستمر تلك المباهج والمتع والسلطة اللاشرعية ثم تجد نفسها في صدام مع محيطها الشعبي، وأي صدام طرفة الآخر الشعب فأن الشعب وأن تأخرت ردود أفعاله، وأن كان بطيئآ لكنه يحسم الأمور عندما يصل الوضع للنقطة الحرجة، وقد وصل شعبنا في الجنوب لهذه النقطة أو قريبآ منها.
- الإستثمار في الجماعات الدينية المتطرفة كما هي المليشيات التي تشرف عليها الإمارات في الجنوب وتصرف عليها، إستثمار ذو حدين فسيبقى الولاء مرتبط بصنبور الأموال أن مازال مفتوحآ، لكن أن أستجدت ظروف سياسية معينة وأنقطع تنقيط الصنبور عن هذه الجماعات فسوف تعود لجذورها الإرهابية وأول من ستستعدي الإمارات نفسها، ثم أن هذه الجماعات ليست على توافق مع مجتمعاتها، منعزلة، منغلقة، تحمل أفكارآ نهائية في نظرتها للبشر والعالم لذلك تظل خطرة في كل الأحوال وهي أستثمار غير مضمون بل وممكن أن ينقلب إلى الضد بتغير الأحوال.
- الإستثمار الحدي (أستثمار الإتجاه الواحد) كما تفعل الإمارات في الأستثمار في الجماعات المسلحة المناطقية والدينية وتهمل الجوانب الأخرى التي تهم حياة الناس مثل الخدمات من مياة وكهرباء ومدارس ومستشفيات وغذاء ودواء فأنه إستثمار قصير الأمد والنظر أيضآ، لأنك حينما تزمع في بناء عماره مثلاً لابد أن تبنيها على أربعة أعمده في الأركان وأعمده داخلية متعددة لكي تنجز البناء لكن أن تبني ركن أو عمود واحد فأنك لن تبني إلا كيان مسخ بلا فائده، والإمارات لم تفعل غير تسليح هذه القوى المناطقية والدينية وشحنهم بالشعارات الفارغة في إنتظار لحظة القطاف التي لن تأتي لأن البناء مشوه وغير مكتمل ولن يكتمل.
- المستثمر الإماراتي نفسه غير متوازن، يتصادم سلوكة مع الوجدان العروبي والديني لمجتمع يمني تشرب الدين والعروبة منذ نعومة أظافرة ويعتبر نفسه كمجتمع مؤسس في العالم العربي حارس على هذه القيم الروحية والقومية، وحتى الذين يخدمونه في عقلهم الواعي وعقلهم الباطن يتصادمون معه في كل شي فهؤلا بتربيتهم وخلفياتهم الدينية والقومية وحتى الأشتراكية يتناقضون معه جملة وتفصيلآ وما يجري اليوم هو زواج مصلحة لا أكثر.
الإمارات كانت تحتاج لطريق أقل فداحة كالإردن ومصر حيث ظلت العلاقة مع إسرائيل شكلية وسطحية وليس بينهم غير دبلوماسية مزيفة مضطرون لها يشترون بها سلامآ مؤقتآ، أما الإمارات وكما يبدو لقلة الخبرة والتجربة والإفتقار للعمق الديني والتاريخي والحضاري في مجتمع بدوي أنتقل بالنفط من الخيمة للبرج فالعلاقة والتطبيع مع إسرائيل مثل (التصنيفة) يعني شيخ تطلع في رأسه فكره وممكن في غمضة عين ينقطع عن هويته وجذوره التاريخية وأنتماءه العقائدي مثلما يشتري سلعة ويرميها. هذا مسلك مؤقت بكل تأكيد لأن الآخر الصهيوني أو الأمريكي سيتعامل معك ككيان وظيفي فقط، وحينما تنتهي الوظيفة سيرميك ويستبدلك بغيرك.
ما يجري اليوم في الجنوب يثبت ما نقول وستصل الإمارات إلى لحظة تقتنع فيها أن كل ما فعلته يذهب هباءً منثورا وسيندمون لكن في لحظة لن ينفع الندم فيها بشي، ونحن من سيخسر أيضآ جهد ووقت ومال ودم مع هذه الجماعات لإعادة توطينها وإدماجها في المجتمع، فلذلك وبما أننا كلانا سيخسر لابد من إعادة (الحسبة) وفق مقتضيات الصراع مع الجماعة الطائفية الأخرى في صنعاء لأننا لا نستطيع أن نواجه الطائفي بالمناطقي ولا المذهبي بالسلفي وإلا دخلنا في حرب أهلية لن تنتهي إلا بتدمير هذا البلد المدمر أصلآ الذي سيتحول إلى وبال على المنطقة كلها، فالبركان أن أنفجر لن يسلم من شرره أحد. نحن بحاجة إلى دعم التوجه الوطني الجامع ليكون مصلحة لليمن وللإقليم وللعالم فالهوية الوطنية الجامعة هي الباقية ودونها من الهويات الصغيرة ما قبل وطنية مؤقته وزائلة.