عندما يصبح النقد جريمة: هل ستلاحقنا التهديدات حتى النهاية؟

2024/09/17 الساعة 03:11 صباحاً

 

              د. غزوان طربوش


في عالمٍ يُفترض أن تكون فيه الكلمة الحرة رمزًا للقوة والتغيير، نجد أنفسنا اليوم في مواجهة واقعٍ قاسٍ، حيث تتحول الكلمة إلى سلاح يُشهَر ضد حياة من ينطق بها. بعد انتقادي لوزير التعليم في اليمن، تلقيت تهديدات بتصفيتي عند عودتي إلى الوطن. فهل أصبحت صداقاتي وانتقاداتي سببًا كافيًا لتصبح حياتي مهددة؟ وهل سيصل الأمر إلى أن يرسل الوزير بنفسه من يلاحقني ويقتلني لمجرد أنني كتبت كلمة حق؟.
 
الحرية في التعبير يجب أن تكون مصونة، ولكن ماذا يحدث عندما تقابل الكلمة الحرة بالرصاص؟ إن التهديدات التي تلقيتها تجعلنا نتساءل عن مستقبلنا في ظل هذا الواقع المرير. هل سوف اظل  رهينة للخوف، أم سوف اوصل نضالي في كشف الحقائق وإعلاء صوت العدالة؟ إن السكوت أمام الظلم ليس خيارًا، وعلينا جميعًا اتخاذ موقف شجاع في وجه التهديدات والضغط على الجهات المعنية لتحقيق العدالة وحفظ حق حرية التعبيير.
 
في مدينة تعز، نجد مواقف شجاعة قد دفعت أثمانًا باهظة في كشف العصابات وكشف الجناة الحقيقيين وراءها. من الملاحظ أن التهديدات في تعز تبدأ بشكل واضح في التصفية، تليها عمليات استهداف مباشر لكل من يحاول كشف الحقيقة. الوزير خالد الوصابي في تعز لديه عصابة إجرامية تتبع محور تعز العسكري ومرافقيه، والذين يحتمون بقوة اللواء 170 دفاع جوي ومحور تعز. كان من المفترض أن يكون هذا اللواء والمحور درعًا حصينًا للشعب ضد كل من تسول له نفسه الإخلال بالأمن، ولكنها أصبحت مصدرًا للخوف للمواطنين بسبب سيطرة المليشيات الإرهابية داخل الجيش الوطني وأداوات قمع وترهيب.
 
إضافة إلى ذلك، فإن وزير التعليم العالي، الذي كان من المفترض أن يكون رمزًا للتعليم وتطويره، ارتكب جرائم خطيرة من بينها التخطيط لاغتيال العميد الركن عدنان الحمادي وآخرين واقارب من قارعوا فساده وواجهوا عبثه في المنح وملف التعليم العالي الذي تحول إلى تعليم حزبي يوزع فقط لأعضاء جماعة الوزير. في ظل هذه الظروف، هل سأظل في الغربة طوال حياتي، وقد مرت 14 سنة منذ آخر مرة رأيت فيها أهلي؟ في كل لحظة من حياتي، يزداد شوقي إليكم، أبي وأمي، وأخوتي الأعزاء. فغربة العمر والابتعاد عنكم جعلت القلب يشتاق إليكم أكثر من أي وقت مضى. لم أستطع يوماً وصف مدى ما يعنيه لي رؤية وجهكم، وسماع أصواتكم، والاحتضان الدافئ الذي كان يملأ حياتي بالراحة والأمان.
 
أبي، أنت البطل الذي أفتخر به، وأمي، أنت نبع الحنان الذي لا ينضب. أفتقد حديثكما وتوجيهاتكما، وأتوق إلى العودة لأحظى برؤية ابتساماتكم الجميلة. سنوات الغربة كانت طويلة وصعبة، لكن ذكرياتكم تضيء دربي وتمنحني القوة للاستمرار.كل يوم يمر، أعيش على أمل أن أعود قريبًا لأحتضنكم وأشارككم لحظات الفرح والحزن. لكن أبي، اعذرني، فلن أستطيع العودة؛ ليس فقط لأن الوزير الوصابي يهددني، بل أيضًا بسبب تهديدات مليشيات الحوثي والإصلاح، وأعضاء في الحكومة، وآخرين  . أنتم أجزائي التي لا يمكن تعويضها، ولا شيء في العالم يمكن أن يملأ مكانكم في قلبي. شوقي لكم لا يوصف، وأتطلع إلى اليوم الذي أعود فيه لأكون بين أحضانكم، حيث أجد الراحة والسكينة.من يضمن لي حياتي عند عودتي إلى تعز، في ظل التهديدات من مليشيات الإصلاح والحوثي ومليشيات أخرى؟.
 
كل ما أريده هو أن أقبل رأس والدي ووالدتي، وأن أعمل في جامعة تعز، الحلم الذي غادرت اليمن من أجله. في ظل هذا الواقع، أجد نفسي أمام مأساة حقيقية، وألم وحرقة. مجروحٌ أني أكتب لكم وقلبي يقطر دماً اني لن استطيع العودة ابدا بسبب  انتقادات المسؤولين أو الجماعات الدينية المتطرفة أو جماعة الحوثي الإرهابية . بعد انتقادي لوزير التعليم، تلقيت تهديدات بتصفيتي عند عودتي إلى الوطن، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل حرية التعبير. في تعز، تظهر مواقف شجاعة تدفع أثمانًا باهظة للكشف عن العصابات والجناة، بينما تتحول قوات الأمن إلى مصدر خوف بسبب سيطرة المليشيات. وزير التعليم العالي، الذي كان من المفترض أن يكون رمزًا للتعليم  بدل من  تورطه في جرائم خطيرة.