*
حدقوا في الصور جيدا، وتأملوا الأمواج البشرية وهي تقفل عائدة إلى المساكن والأحياء التي خرجت منها.
هذه ليست صوراً عادية، إنها تحدث لأول مرّة منذ احتلال فلسطين قبل نحو 77 سنة.
لأول مرة يعود الفلسطينيون لمنازلهم حتى لو كانت مدمرة، لقد ظل الفلسطيني يتنقل من مخيم إلى مخيم ومن منفى إلى منفى. فأبناء المناطق التي احتلتها العصابات الصهيونية عام 1948 انتقلوا إلى مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة.. ثم تضاعفت أعداد اللاجئين جراء هزيمة الجيوش العربية في حزيران يونيو 1967. وزادت مخيمات اللاجئين داخل فلسطين وخارجها.
في كل مرّة كان اللاجئ الفلسطيني يحمل معه مفتاح بيته وحلما بالعودة.. غير أن السنوات مرت ولم يعد.. ولسان حاله:
(ولقد عاد الأسى للمرة الألف
فلا عدنا ولا هم يحزنون).
غادر الفلسطيني فلسطين حاملا معه المخيم والمعاناة والحلم أيضا.
كبر الأطفال وشاخوا، وجاء أطفال آخرون وأجيال جديدة من رحم المخيمات، ومن ثمّ أشعلوا ثورة الحجارة وانتفاضة الأقصى.. ومن رحم الانتفاضة ولدت أجيال جديدة حملت على كاهلها الميلاد الأعظم في طوفان الأقصى.
هذا الطوفان صنع تحولا كبيراً في مسار القضية الفلسطينية ومسيرتها.. عنوانه (حق العودة مكفول بقوة المقاومة وإرادة أبطالها).
حق العودة عجزت عن تثبيته كل قرارات الأمم المتحدة ومقرراتها وبياناتها ولجانها، فيما أثبته الأحرار حين عبروا ليل المأساة إلى صباح الطوفان، وحين فتحوا ثغرة للفجر في جدار الهزيمة.
المجد للطوفان العظيم والخلود للشهداء الأبرار
والتحية لغزة يوم انتصرت ويوم صمدت رغم الخذلان الذي أحاط بها.
فؤاد مسعد