استحالة إجهاض الثورة اليمنية

2013/08/27 الساعة 10:29 مساءً

لا شك ان ثورات الربيع العربي تعاني من تدخل بعض الانظمة العربية والاقليمية لاسقاطها وعودة الانظمة السابقة بصورة مباشرة او غير مباشرة وقد كتب بعض هذا النجاح المؤقت لعودة النظام السابق في مصر بعد تدخل سافر من بعض دول الخليج وبعض الدول الاجنبية

السعودية ، الامارات ، الكويت ، البحرين ، الاردن ، ايران ،  هذه الدول تعاني من تسلط انظمة عائلية وقوى حاكمة  بالديكتاتورية وترى ان االثورات التي اندلعت في بعض الدول العربية واسقطت انظمتها الحاكمة هي الخطر الكبير على انظمة هذه الدول

التحالف الذي تقوده السعودية والامارات كجبهة مضادة لثورات الربيع العربي لم يعد بالامر السري وان هذه الانظمة تجاهر وتعلن عن مستوى وضخامة دعمها لاستعادة الانظمة السابقة التي اسقطتها ثورات الربيع العربي

حققوا نجاحا مؤقتا لإسقاط ثورة مصر ويسعون لاسقاط الثورة التونسية والليبية واجهاض الثورة السورية التي لم يكتب لها النجاح الى اليوم ، كما ان اليمن ليست بعيدة عن هذه المحاولات وثورة اليمن اليوم امام هذا المخط وبوادره قد بدأت تظهر على الواقع

ثورة اليمن تختلف عن باقي ثورات الربيع العربي ولها بعض الخصوصية وبعض الفوارق عن باقي دول الربيع العربي ومنها ان ثورة اليمن تمتاز بوجود توازن على مختلف الجوانب وخاصة العسكرية والامنية والقيادية مع النظام السابق ، هذا التوازن هو الذي حجب عن الثورة اليمنية بطش النظام السابق اسوة بما كان موجود في ثورة ليبيا وسوريا

و ثورة اليمن التي انضم اليها كثير من قطاعات الشعب والجيش والقوى الاجتماعية والتجارية وكل الشرائح المكونة للمجتمع وهو ما عزز قدرة الثورة على خلق تكافؤ قوي امام سلطة النظام السابق

اليوم ثورة اليمن امام محاولة لاجهاضها من قبل النظام السابق الذي – للاسف – ظلت كل رموزه موجودة ولم تتعرض لاي مسائلة قانونية تجاه قضايا الفساد وممارسة العبث بالمال العام والوظيفة العامة واستغلالها لصالحهم لتحقيق مصالح خارج نطاق القانون

الثورة المضادة للثورة اليمنية ظهرت مبكرا خلال الايام الاولى للثورة والمتمثلة بالمبادرة الخليجية التي صيغت لنودها في الرياض ودعمتها دول دائمة العضوية بمجلس الامن والاتحاد الاوربي وتحول الدعم والاشراف علي تنفيذ هذه المبادرة الى الجانب الاممي من خلال تعيين مستشار الامين العام للامم المتحدة جمال بن عمر مسئولا ومشرفا على تطبيق بنود المبادرة الخليجية

هذه المبادرة هي التي ابقت على قوى الثورة المضادة موجودة بكامل قيادتها من رجال النظام السابق وبحسب رأيي ان الذين صاغوا نصوص المبادرة كانوا يهدفون الى هذا نظرا للحاجة اليهم فيما بعد ومن جانب اخر كانوا يتوقعون رفض القوى الثورية للمبادرة كليا وبموجب هذا الرفض يتم تدويل الثورة اليمنية على اساس انها ازمة سياسية وبالفعل الوضع في اليمن يعتبر نصف ثورة ونصف ازمة بحسب النتائج التي جاءت بها المبادرة الخليجية

ورغم ان المبادرة الخليجية كانت – ولا والت -  تحمل نوايا ثورة مضادة لثورة التغيير الا ان السياسيين في قوى الثورة سحبوا البساط من تحت اقدام الانظمة التي سعت الى حماية نظام المخلوع علي صالح وقبلوا بالمبادرة وتماشوا معها وتحقق للثورة ان خلعت رأس النظام وافراد عائلته وكبار رجالات نظامه

التغيير لم يصل الى المستوى المطلوب ثوريا ولكنه فتح الطريق للتغيير الحقيقي لان اختيار الرئيس هادي الذي كان نائبا للمخلوع ولا يزال نائبا له في حزب المؤتمر وهذه النقطة هي مقصودة من قبل رعادة المبادرة الخليجيين من اجل ابقاء علي صالح حاضرا في المشهد

الرئيس الذي تم اختياره بالتوافق لم يلبي مطالب الثورة بشكل مقبول وكل ما قام به هو تدوير المواقع والمناصب على اساس انتقال درجة الولاء من المخلوع الى هادي وهذا هو ما تم الى الان ، وبالرغم من هذه السلبية الا ان الثورة قضت على التوريث للسلطة والمواقع وتحريرها وقد تم هذا بموجب المبادرة الخليجية

رعاة المبادرة وحلف الثورة المضادة الخارجي فقدوا الامل تقريبا بفشل الثورة من خلال المبادرة وهناك بوادر جديدة عمليا على الارض تمارسها بقايا النظام وبدعم من رعاة المبادرة الخليجيين

القضاء على ثورة مصر سريعا يعد عامل تشجيع لهذه القوى الداخلية والخارجية وبوادر أنشطتهم بدت واضحة من خلال الحملة الاعلامية التي تقوم بها وسائل الاعلام التابعة للمخلوع والممولة من خزينته تسطر خطابا اعلاميا يشبه الخطاب التحريضي الذي تم في مصر من خلال مفردات " اخونة الدولة "  التي ليس لها تأثير في الوسط اليمني ، وربط الارهاب الذي يمارسه المخلوع واوكاره والصاقها بما يسمونه ايضا بالاخوان رغم ان الفارق كبير بين التيار الاسلامي في اليمن وبين بقية التيارات وخاصة في دول الربيع العربي ، فالتيار الاسلامي في اليمن يعد من انجح وانضج التيارات وله خبرة سياسية وعملية كبيرة كما انه تيار يعتمد على العقلانية ويفهم الكمائن التي تنصب له  خاصة من قبل انصار النظام السابق

الدول الخليجية وخاصة الامارات والسعودية وايران يتزعمون مهمة دعم الثورة المضادة المتمثلة في بقايا النظام السابق والحوثيين وبعض الفصائل الجنوبية واصبحت مواقف هذه الاطراف واضحة لمواجهة النظام الحالي والذين هم شركاء فيه ايضا وبعض هذه المحاولات تجاوز حدود التحرسض الاعلامي والشعبي وبدأت تعمل على مواجهة النظام امنيا وعسكريا

الفترة القليلة الماضية وتحديدا من بعد سقوط ثورة مصر بدأت اعمال القتل والتفجيرات وقطع الطرقات واقلاق الامن هي السائدة على المشهد العام وان التوتر الامني يزداد كل يوم اضافة الى الممارسات العسكرية في صعده والرضمة بإب ومناطق اخرى قادمة للانظمام الى ساحة المواجهات العسكرية

الذين يقفون وراء هذه الاعمال هم الحوثيين وانصار المخلوع ، حيث يقوم بعض قياداته للاشراف على عمليات تقطع وقطع للطرقات اضافة الى تزويد عناصر الحوثي والقاعدة المزعومة بالسلاح

المال الخليجي الآتي عن طريق الامارات العربية المتحدة بدأ يؤتي ثماره ولو بمحدودية لكنه سيتطور اذا تحقق للقوى الداعمة للثورة المضادة من اختراق الجبهة الثورية وعلى هذا الصعيد عناك محاولة اختراق لهذه الجبهة بواسطة بعض المواد والنصوص الخلافية في مؤتمر الحوار والدستور القادم وشكل الدولة

هذا هو المدخل الذي تراهن عليه قوى دعم اسقاط الثورة لكنها لن تصل الى هذا بفضل اللع اولا ثم بفضل حكمة السياسيين وقيادات الثورة وانصارها وان الوضع لا يمكن ان يصير كما صار بثورة مصر

الثورة صحيح انها مهددة بهؤلاء المنتفعين وقد يتسببوا بإهدار دماء واقلاق الامن لكن النتيجة العامة لن يستطيعوا القضاء على الثورة نهائيا ، ثورة اليمن تتميز بوجود قوى قادرة على ممارسة الحماية بكل السبل سياسيا وعسكريا وامنيا

ما يستطيعون فعله الان هو استغلال الخلاف والحرب الاعلامية بين رئيس المؤتمر ونائبة وانه لا مبررات لهذه الحرب سوى انها حرب على رئاسة المؤتمر والسيطرة عليه بهدف توحيد القرار داخل المؤتمر من اجل تمرير تمديد فترة الرئيس هادي

القوى المتضررة من التغيير بدأت تتضايق من نجاح مؤتمر الحوار وبدأ في المقابل بوادر العودة الى ماقبل 18 مارس 2013 والبداية من الفصائل الجنوبية الممثلة في مؤتمر الحوار والتي لم تدرك ضرورة الخروج الامن للوضع والواضح ان فصائل الحراك تعتبر القضية الجنوبية قضية من اجل المزايدة وليس الحل ، كل شيء غير مرحب به حتى ولو فتحت لهم ابواب الجنة

أتمنى من الأشقاء في الخليج ان يتعاملوا مع اليمن بكل احترام وعلى اساس المصالح المشتركة وان لا ينظروا لليمن على انه علي صالح او احمد علي صالح اليمن شعب خمسة وعشرين مليون يا أولاد المرحوم زايد وعليهم ان يتأكدوا انه من المستحيل تمرير أي مخططات لاجهاض الثورة ومن سيجهض هي خزينتكم العامة فلو كان علي او احمد علي قادران على تلبية وتحقيق رغباتكم كان الوضع غير الذي صار اليه ... اليمن بخير وثورته في أيدي آآآآآآآآآآآآآآآمنة وليست أمينة علي صالح !!....ودمتم