الحكاية الثامنة من حكايات مؤتمر الحوار الوطني الشامل :

2013/08/29 الساعة 03:41 مساءً

نريد اعتذارا يرتقي إلى نتائج المعادلة الحسابية والحل العادل وليس لخطأ أخلاقي تاريخي عابر

أخيرا صدر الاعتذار ، ولكن أي اعتذار ، وماهية الاعتذار وما أدراك ما الاعتذار ؟ ففي القراءة الاولى له ، يتبن أنه جاء بغير رضى ، وكتب إكراها فجعل كل أحداث الماضي متراكمة فوق بعضها البعض ، ووضع الضحايا والجلاد في موقع  واحد ،  وأختزل معاناة الشعب ومآسي الجنوب بكل ما فيه "الثروة " ومن فيه " الانسان " ، وأضر بذاته  في مضمونه وسطوره ، ولنقرأه معا : فالاعتذار في عنوانه ( اعتذار حكومة الوفاق الوطني لأبناء المحافظات الجنوبية والشرقية ومحافظة صعده) ومباشرة في السطر الاول يؤكد أن الاعتذار جاء بناءا على النقطة الثامنة والخامسة عشر من النقاط العشرين المقرة من اللجنة الفنية للإعداد و التحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، القاضيتان بتوجيه اعتذار رسمي للجنوب  - أي أن الاعتذار هو للجنوب وليس للمحافظات الجنوبية والشرقية ، لان الحرب التي وقعت في 1994م وقعت على الجنوب ، فكيف تغير فيما بعد إلى المحافظات الجنوبية والشرقية ؟ لسبب بسيط لان هذه الاطراف لا تريد الاعتراف بالجنوب موثقا وفي عنوان واضحا مثلما هو في معرض نص النقطة "8" ، ولكن من الغريب أن يصدر الاعتذار من جميع الاطراف في حكومة الوفاق ، هذا يحمل في طياته غبن وتدليسا لأحزاب  في حكومة الوفاق ليس لها علاقة بحرب 1994م ولم تكن شريكة في النهب والسلب وابتلاع الثروة ، إلا إذا كانت هذه الاطراف موافقة ضمنيا عن تلك الحرب وكان في نواياها المشاركة في حرب 1994م أو أنها استفادت من تلك الحرب ؟! وينطبق الامر على حروب صعدة الستة ، وأستغرب أن يتم الجمع بين الجنوب وصعدة  ، فلا تشابه بين تلك الحروب ولا بين الجنوب وصعدة  ولا بين أطراف الاعتذار ، على الرغم من أن اطراف الحرب في الجنوب وفي صعدة واحدة  ؟! فالجمع بين " النقطة / 8 التي تخص الجنوب والنقطة / 15 تخص صعدة ، كل منهما بحاجة إلى اعتذار قائم بذاته نظرا لم لحق كل منهم من جراء الحرب ، وفي الاسطر التي تليها أخفقت حكومة الوفاق في إدراكها للاعتذار، لان أساس الاعتذار العدالة الانتقالية نحو تحقيق المصالحة الوطنية ، وليس المصالحة الوطنية مباشرة ولا يمكن تحقيق السلام الاجتماعي دون المرور بخطوات العدالة الانتقالية والتي بها وحدها ستتحقق المصالحة الوطنية ، وفي السطر العاشر من رسالة الاعتذار تقتصر حكومة الوفاق اعتذارها لأبناء المحافظات الجنوبية ولم تذكر الشرقية التي استهلت بهم عنوان رسالتها وتقفز مباشرة إلى الصراعات السياسية السابقة التي ليس لها ناقة فيها ولا جمل على الاقل كأشخاص وكأطراف ، وعجبي على هذا الوفاق المأزوم الذي تورط اصحابه في قتل وسلب ونهب أخوتهم وأبنائهم وأصحايهم وأرضهم ثروتهم ، كيف يعتبر الحزب الاشتراكي شريكا في حرب النهب والسلب وهو من تضرر بسلب ونهب ممتلكاته في حرب 1994م وأن كان من المتسببين في الحرب ؟ وكيف يعتبر الناصري ذاته  مسؤولا عن الصراعات السابقة التي كان فيها أصحابه أكثر الضحايا قتلا وسجنا وإخفاءا وتعذيبا  ؟ أي مصالحة وطنية عرجاء هذه التي تسعون إليها بإعتذار هشا كهذا ؟! أريد أن أعرف من أخبر حكومة الوفاق بأن الضحايا يقبلون الاعتذار بمعزل عن العدالة الانتقالية ؟ وفي سابقة جديدة يأتي الاعتذار عن خطأ اخلاقي تاريخي !!

ياآلهي ما أرخص الشعب اليمني ! تساوى السب والشتم بآثار الحروب وأضرارها وكوارثها و ما لحقها  من انتهاكاتها ، لذلك كل هذه الحروب كانت خطأ أخلاقي تاريخي فقط لا غير، وليس جرائم ضد الانسانية وليس انتهاكات لحقوق الانسان وليس أنها مازالت في الذاكرة والعقل والقلب مثل الوشم الذي لا يزول والبصمة التي لا تتغير، كأن كل ما حدث في الجنوب ويحدث ولم يجد له رادع ولا قوة ولا حكومة ولا دولة توقفه مجرد نزوة عابرة لشباب طائش يعاكس فتيات عابرات في الشارع ، وما حدث في صعدة مجرد رمية حصى من طفل أرد أن يرمي كلب شاردا ، بلى يجب أن يوصف الاعتذار بحجم ماحدث وما ترك وخلف ، أن يكون عن جرائم ضد الانسانية أو انتهاكات حقوق الانسان ارتكبت بحق هذا الشعب المسكين المغلوب على امرهـ وليس خطأ أخلاقي تاريخي ، ثم لماذا لا يكون خطأ اخلاقيا سياسيا ، خطأ اخلاقيا في استخدام السلطة والقوة والنفوذ واستغلال الدين ، ألا يستحق هذا الشعب أن تعترفوا له بقيمته مرة واحدة وتعتذروا له إعتذار يليق بصبره .

يؤكد الاعتذار في طياته اكثر من مرة على المصالحة الوطنية التي تسبق العدالة الانتقالية ، التي نصت عليها المبادرة الخليجية ، ويتناقض في محتوى سطوره  ، فالمبادرة نصت على المصالحة الوطنية أولا ولم تنص على الاعتذار، في حين أن النقاط العشرين نصت على الاعتذار البند "8 و15" وعلى العدالة الانتقالية البند " 17 " ، ويشدني هذا إلى خلافات فريق محورنا " قضايا ذات بعد وطني ومصالحة وطنية وعدالة انتقالية " الناجمة عن عنوان الفريق والتي أسفرت فيه الخلافات بقرار صادرا عن لجنة التوفيق بأن تسبق العدالة الانتقالية المصالحة الوطنية في موضوع المحور وتسميته ، والذي لم ترتضيه بعض القوى السياسية الكبيرة ، لذلك منذ الوهلة الاولى يتضح لماذا جاء الاعتذار هشا هزيلا على ذلك  النحو؟ أنها تلك القوى السياسية التي لا تريد إعتذار قائما على معادلة حسابية تتعلق بحجم الثروة التي نهبت في الجنوب التي يتشكل منها ثلثي الدخل السنوي الحكومي ويبنى ذلك على  حقيقه ان النفط يشكل نحو  70? من الإيرادات الحكومية وان اكثر من 90% من النفط يأتي من حقول النفط في الجنوب  في شبوه وحضرموت ، ضف إلى هذا فان الجنوب يساهم بمبلغ 38.7 بليون دولار .في الناتج  المحلي ، إلى جانب ذلك انه في الوقت الحاضر تساهم الصناعه السمكيه بما يساوي 1.7% فقط من الناتج المحلي علما بان هناك امكانيه لانتاج ما يساوي 840,000 طن من الاسماك سنويا ويجب التنويه بان 75% من الخط الساحلي  يتبع الجنوب ويبلغ طوله  1433 كيلومتر الى جانب كون سواحله مفتوحه، افلا يحق لنا نحن الجنوبيين أن نرفض هذا الاعتذار، ونطالب بإعتذار يساوي هذه الثروة مضاف إليها ثروة الموانئ في الجنوب وثروة الارض ، لست ضد مبدأ الاعتذار ولكن نريد إعتذار قائما يرتقي إلى هذه المعادلة الحسابية التي تدركها جيدا حكومة الوفاق والقوى السياسية المختلفة ، وليس معادلة الخطأ الاخلاقي التاريخي بمحتواه الموجود حاليا .

                 إعداد : الناشطة الحقوقية المحامية / عفراء الحريري