الحكاية التاسعة من حكايات مؤتمر الحوار الوطني الشامل أعقلوها بمنطق وحكمة وإلا فأنها لن تكون دولة

2013/10/01 الساعة 01:57 صباحاً

في أحيان كثيرة يجعلني مؤتمر الحوار أقف مشدوهة امام قضيتين يحوم حولهما الخلاف دائما " القضية الجنوبية من جهة وقضية المرأة من جهة اخرى " ، في حين أن هاتين القضيتين لا تحتاجا كل هذا اللغط والاحتدام والصراع ، هذا إذا كنا نريد صنع المستقبل الذي نحن جميعنا شركاء فيها حسب العبارة المكتوبة امامي طيلة هذه الفترة والتي تشاركني منامي واحلامي وأظل افكر فيها وأتأمل مدى علاقتها بالصدق والشفافية ، ولا أجد ذلك من قريب أومن بعيد ، في حين ان معالجة وحل القضيتين لا يحتاج غير الانتماء إلى الوطن الذي نأمله على مستوى الشطرين شمالا وجنوبا ، ولنتأمل ما يحدث للقضيتين :

أولا : القضية الجنوبية :

نقلت القضية الجنوبية من حوار بين 40 شخص من مكونات الحوار المختلفة إلى لجنة مكونة من ستة عشر شخص غابت فيهما المرأة المستقلة فعليا " هذا سنتناوله في الجزء الثاني " ، يقال فيما سمع جهارا بأنه تم الوصول إلى معالجة جميع القضايا بما فيها الاقتصادية ماعدا شكل الدولة الذي كل يوم ينتقل من شكل لآخر، فحينا هو دولة اتحادية من عدة اقاليم لا يعرف عددها ، وحينا هي دولة اتحادية من إقليمين ، ونسمع حينا بأن الصراع احتدم وينقل الاعلام الاخبار التي يتم نفيها أو مواجهتها بصمت ، ويمر معظم النهار ونحن نبحث عن إجابة ؟ دون جدوى ، ولا يدرك من يحاور بانه ليس في عملية تفاوض والتي اهم شروطها حسن النوايا فهنالك فرق كبير بين الحوار والتفاوض فهما عمليتين مختلفتين وإن كانتا ذات صلة وارتباط ببعضهما البعض .

  فالحوار: عملية لتبادل وجهات النظر في موضوع ما ، تفضي هذه العملية إلى اتفاق وجهات النظر أو تباينها، وهو هدفاً في حد ذاته وذلك كعرض لما قد يكون غامضاً لكل طرف مما لدى الطرف الآخر ، و قد يكون مدخلاً وتمهيداً للتفاوض وهو يستخدم في هذه الحالة كوسيلة لتقريب وجهات النظر.

أما التفاوض فهو عملية يحدد فيها نقاط الخلاف ، تأسيساً على قاعدة الأهم فالمهم فالهام أو تأسيساً على أسس أخرى منها المصلحة وكل ذلك يحدده الموقف التفاوضي للأطراف، فالتفاوض مسألة معقدة جداً وهي علم بات يستصحب فيه عدد من العلوم والمعارف تستخدم بصورة مترابطة لخدمة موقف تفاوضي ما ،  وعملية التفاوض تبدأ بجوهر الموضوع محل التفاوض وتمتد لتشمل الوجبات الخفيفة والمشروبات التي تقدم أثناء اجتماعات التفاوض وتأثيرها على المفاوضين من ناحية رفع مستوى السكر في الدم ومن ثم تأثير ذلك في اتخاذ القرار بالإضافة إلى أثر مكان الاجتماع وتوقيته وعدد المفاوضين ونوعيتهم وقدراتهم وأدوارهم كفريق تفاوضي ، وبهذا الملخص البسيط نستطيع معرفة ما يحدث وهو المآل الذي ربما يقود إلى كارثة ، فتجاهل لجنة الثمانية لبقية المتحاورين من الجنوبيين لا يخدم القضية الجنوبية لعدة اسباب : لأنه لم يحدد سلفا مهام اللجنة وآليات المرحلة التكميلية أو الانتقالية وكيف يمكن ربطها بمخرجات الفرق الاخرى ؟ وماذا سيكون الوضع إذا كان هناك تصويت في الجلسة العامة ، أو ماذا سيكون بدون التصويت ، وهل سيكتفي بالتصويت في الفرق  فقط دون التصويت في الجلسة العامة وهو أمر مخالف للنظام الداخلي والأنظمة العامة  للمؤتمرات ، وقرارات اللجنة ومدى إلزاميتها ؟ وهل ستقر توافقيا أو بالأغلبية ، أو سيكتفي المؤتمر بوثيقة نهائية أو بيان وينتهي الامر دون معالم واضحة ومحددة ، كما هو واقع الحال الان ؟ كل هذا يبدو أنه لم يكن في الحسبان وفي بال أصحابنا ، بأننا بلا دولة ولا مقومات دولة شمالا وجنوبا وأن الحوار برمته جاء من أجل بناء هذه الدولة " دولتهم " ؟ كما وأن شكل الدولة القادم مرتبط ارتباطا وثيقا بمحاور هامة في قاعات مؤتمر الحوار واهمها بناء الدولة والعدالة الانتقالية وعملية التصويت التي يجب أن تتم بمشاركة فريق القضية الجنوبية المنفي من قوام اللجنة ، وأن سلمت كمواطنة عادية في المرتبة الخمسين شاء لها القدر المشاركة  في مؤتمر الحوار بما اسمع أن الاتفاق تم على مناصفة في الوظائف السيادية بين الشمال والجنوب ، وأن الحوار بين أطراف اللجنة سيستمر إلى ما بعد الحوار في فترة سميت بالتكميلية وأن أعضاء مؤتمر الحوار أو بعض منهم ستشكل منهم ومنهن لجنة وطنية تأسيسية ؟! اجد نفسي في موقف غبي وسيء للغاية واضع مجموعة من التساؤلات ، المناصفة في المناصب السيادية وما تبقى من الوظائف على ماذا ستعتمد على الكفاءة بين شعبين لم تكن بينهم مواطنة متساوية ؟ حيث لم يكن لهم موقع في التأهيل على مستوى الداخل والخارج ، حيث اغرق الفساد التربوي والتعليمي التعليم الاساسي والثانوي والجامعي حياتهم العلمية وكل مفاصل المحافظة ومجالس المديريات والمكاتب العامة وغيرها ، ونزوح ابناء الشمال إلى الجنوب وتوظيفهم على حساب ابناء الجنوب ، وإغراق الجنوب خاصة عدن بالسلاح وشبابها والحبوب المخدرة والمهدئات ، وصرف المتنفسات البحرية وردم البحر وتلوث البيئة التي تجري على قدم وساق خاصة  في عدن والمكلا ، وصرف أراضي المصانع المخصخصة التي تم تعطيلها عن عمد ومصنع الغزل والنسيج وعمال ميناء عدن الذين نهبت مستحقاتهم خير شاهد ..وغيرها من الجرائم التي تحدث الان وامام قضاء لا يتسم بالاستقلالية وإنما بالفساد ،  كل هذا من سيعالجه وكيف ؟ فهذه المناصفة على أي الانظمة ستعتمد غرفة " مجلس النواب "أو غرفتين " مجلس النواب ومجلس الاقاليم " فالمناصفة في الاول القائم على تمثيل الشعب غير مجدية لان عدد سكان الشمال يفوق عدد سكان الجنوب مالم يكن هناك تحديد واضح ومقنن بإحكام لصلاحيات هذا المجلس ، وفي الثانية ربما تفيد مالم يكن هناك فيد بأن يتم التمثيل وفقا لثروة الاقليم وفي هذا سيكون لنا تمثيل شريطة الانتباه على ألا تدمج الاقاليم بين الشمال والجنوب ، كما يجب معرفة أي النظم الانتخابية نريده قوائم نسبية ودوار مغلقة خاصة بالجنوب وحده وبأهله أو أنظمة انتخابية تحرص على احتفاظ الشمال بثروة الجنوب كأوصياء علينا ، وأي نوع من الدساتير سيحكم هذه المرحلة الجديدة نريد دستور يضمن كل ما حرم منه الجنوب سابقا " دستور لسيادة النظام والقانون " ، وآلية تقر حق تقرير المصير للشعب في الجنوب ، ذلك الحق الذي يجب أن يسبق المرحلة التكميلية ويجب أن يتم حسمه ، قبل بناء الدولة الاتحادية ، فالمناصفة ليست قطعة حلوى لذيذة ، فكم من الحلويات وضع فيها السم ؟ وفي المرحلة التكميلية يجب أن نعيد مراجعة بناء الجيش الوطني وليس القبلي والشخصي ، لان الهيكلة التي تمت هيكلة نظرية ، ونقف بقوة في وجه الفساد المحمي بقوة سلطة النظام السابق ونفوذه وماله الذي أكتسبه من نهب وسلب ثروة الجنوب وسانده القضاء بشكل فاضح فتعرت العدالة وسحقت وكل هذا تم باسم الدين والشريعة والشرعية ، ومازال نظامه يحكم مع شركاءه السابقيين في الحرب على الجنوب ، وأن لم يحدث ذلك فنحن نعيد إنتاج ما هو قائم وموجود ومستعد بأن يراهن على كل شيء من أجل أن يبقى ويستمر، أما المجلس التأسيسي ، فحدث أيها القارئ ولا حرج ، فماهي معاييره ومن هو ذلك الذي يمتلك الحق في العبث بالشعب ؟ هل سيترك الامر لرئيس الجمهورية / رئيس مؤتمر الحوار أو الاحزاب السياسية التي أثبت بأنه لا علاقة لها بالشعب وحكومة الوفاق خير دليل والصراع بينها البين في أروقة فندق موفنبيك دليل قاطع على حجم معاناة الشعب من القوى السياسية التي ما فتأت ان تختلف من أجل مصالحها وعينها على كرسي السلطة  ، فممن تتشكل الهيئة التأسيسية ؟ من تلك الوجوه التي سقطت أقنعتها أو تلك الوجوه التي مازالت تمتص دم الشعب وتمثله وتحاور بأسمة ، حتى المناصفة في هذا المجلس ظالمة للشعب في الجنوب وفي الشمال  ، فلا أحد يمتلك هذا الحق سوى الشعب وحده ، وليتكم تعقلونها مرة واحدة بعقل ومنطق وحكمة .

                            إعداد : الناشطة الحقوقية / المحامية : عفراء الحريري