كلما دنى قطاف ثمار الحوار الوطني رغم عدم نضوج بعض ثماره كلما تصاعدت الأعمال الإرهابية والتخريبية ولعل ما جرى في المنطقة العسكرية الثانية في حضرموت ليؤكد على أن تكتيكا تخريبيا منظما ومدروسا تقوده مجموعة منظمة ومتعاونة على الإثم والعدوان وان هناك ممول واحد لكل ما يحدث ليس في حضرموت فحسب وإنما في بقية المناطق والتي شهدت أحداثا تخريبية وإرهابية وخروجا عن سلطة الدولة ورغم ان ماحدث في حضرموت على غموضه تُتهم فيه القاعدة فهذا أمر يبعث على (الإشادة) بما وصلت إليه القاعدة فقد تدرجت في ارهابها فمِن قَتل جندي واحد إلى قتل سرية واقتحام كتيبة وهجوم على نقاطا عسكرية وألوية وهاهي اليوم تقتحم وتتوغل إلى مركز المنطقة الثانية وبعدد محدود من المقاتلين وهذا لا شك ( تكتيك إرهابي ) استطاع ضرب التكتيات العسكرية للقوات المسلحة وبغض النظر على ان النصر كان حليف الأخير لكن بعد ماذا ؟ بعد أن أثخن فيهم العدو قتلا وجراحا ، وهذا أمر يدلل أن المقررات الدراسية التي تعلمها القادة والضباط في الأكاديمية العسكرية والقيادة والأركان في الداخل والخارج كانت في وادي والواقع في وادي آخر وأن الإستخبارات العسكرية وما شابهها لم تكن سوى دوائر حسب الطلب أو بالأحرى حسب ( المزاج ) كما أن الطائرات بدون طيار هذه المرة قد أضربت عن أداء دورها لكثرة الإحتجاج عليها أو أنها تعمل من كهرباء المحطة الغازية بمارب والتي دخلت في سبات لأن برجا كهربائيا ( أغشي ) عليه من الجوع وشدة الحرارة..
هجمات القاعدة في كل عملية تؤكد أن ثمة ( عميل ) لكنه غير سري يمنحها دعما واسع الصلاحيات لإقامة إمارتها في حضرموت بدلا عن أبين أسوة بذلك الدعم الذي مُنح للحوثيين والذين يصولون ويجولون بمدرعات ومدفعيات الدولة ويلتقطون الصور التذكارية فوقهما وبجوارهما يرهبون بها كل من خالفهم ويرفضون تسليم تلك الأسلحة بحجج واهية ولكن يبدو أن العذر الأصلي والخفي هو أن تلك الأسلحة الثقيلة تعتبر غنائما يستدل سيدهم بقوله تعالى ( واعلموا أنما غنتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى .......) أو أن تلك الأسلحة الثقيلة هدية و ( الهدية لا تُهدى ولا تُباع ) بل ولا تُرد..
ليس غريبا على ذي بال أن الضربات والتي منيت بها الدولة في الآونة الاخيرة والتي وصلت إلى حد محاولة الانقلاب على الرئيس هادي هي كما سبق يراد منها ادخال اليمن في صراع أهلي قبلي طائفي المستفيد منه كل نظام عائلي حكم اليمن قديما أو حديثا ونُزع منه هذا الملك وبجهد ثوري شعبي والآن تريد هذه الأنظمة العائلية منفردة أو عبر تحالفاتها استرداد ذلك الملك المنزوع فتسعى إلى التمويل بكافة أشكاله أو بعضه لكل ما من شأنه سيعمل على إرباك المشهد اليمني بشكل عام والعسكري بشكل أخص ليتسنى لتلك الأنظمة العائلية المأزومة والناقمة على كل تغيير الانقضاض على الدولة ومصالحها ولِتجد مادة إعلامية تتناولها وسائل هذه الأنظمة من خلالها تعمل على إثارة النقمة الشعبية على النظام الحالي والذي يقوده الرئيس (هادي) فيذهب الحراك المسلح بما تطال عليه يده من الجغرافيا ليرفع مزيدا من أعلام التشطير وصورا الرفقاء المتشاكسون لكن ما هي إلا فترة زمنية فيختلفون فيما بينهم وحينها لن يجدوا من ( يفارع ) بينهم ، والقاعدة تحكم سيطرتها على أي منطقة المهم ولو - عشر لبن - تعلن إمارتها فيها ولو ساعة واحدة وبعدها هي أدرى بشعابها التي ستهرب إليها.
القاعدة والحراك وإلى جانبهما أعمال التقطع والتخريب والحالة اللا توافقية هي وسائل من وسائل الأنظمة العائلية الساقطة لأنها ستهيئ الجو والبر والبحر لعودتهم للملك ، فالحوثيون يحاولون الزحف من الشمال نحو مركز الدولة قد سبقهم شعارهم وأعضاء سيدهم الذين يتحاورون في موفمبيك صباحا ويلتقون بالسفير السعودي والأمريكي مساءً و ليلا يلتقون برموز النظام السابق فيما قواتهم تواصل الزحف محاولة اختراق القبائل في محافظة عمران بيد أنها تلاقي مواجهة شرسة في المناطق التي تزحف صوبها سواء في دماج ومعبر والرضمة وأخير عمران فتجر أذيال الهزيمة تلك المليشيات الحوثية بيد انها تُحوّل هزيمتها إلى نصر إذ أنها قامت بلصق شعارها والذي يعتبر حربا نفسية على أمريكا والمتحالفين معها ، ومن عجائب الدهر أن القوات المسلحة يقتصر دورها في مواجهة الحوثي للقبائل على دور الوساطة ، وأن القتلى من الطرفين في أغلبهم هم من أبناء القبائل فيما القادة الحوثيون ومن (حاوثهم) من بني هاشم في معزل من الموت والأسر.
هناك سباق بين الحوار والحرب لكن هل تنجح حناجر العقلاء في إخراص بنادق الحمقى وان تعود ثقافة السلم والرقة واللين والذي يتصف بها اليمنيين أم أن هذه الصفات محصورة على اليمني الأصيل والذي أنبتته الأرض اليمنية منذ أكثر من أربعة عشر قرنا والذي قلّ أن نجده في مجريات الأحداث الواقعة بينما غلب على الوضع الراهن ( المُتَـيمننين ) الذين ما نسجموا مع الرِقة ولا تلاءموا مع الِـلين ولا أعجبتهم الحكمة ولا آمنوا بأن اليمن موطنٌ يتسع للجميع على اختلاف أنسابهم وأفكارهم بل وأديانهم وفترة وجودهم إذا ما قاموا بواجب الحماية والتعايش القائم على المساواة والإحترام المتبادل وتغليب المصلحة العليا على المصالح الأنوية والآنية الضيقة.