لم يكن مستغرباً بالنسبة لي أن ينعى الحزب الاشتراكي اليمني مؤسس الحركة الحوثية حسين بدر الدين الحوثي، ذلك يمكن إدراجه تحت مسمى المجاملات ، لكن أن يصل الوصف إلى (أن العديد من قيادات الاشتراكي يحتفظون في ذاكرتهم بـصورة ناصعة للشهيد العزيز حسين بدر الدين)، وتحمل الرسالة في جوهرها تبريراً لعنصرية الفكر الحوثي وشرعنه لعنف الجماعة تحت مسمى مقاومة الظلم، فهذا يؤثر على مستقبل مبدأ التعايش والسلام والفكر الوطني الجامع ، حتى الحزب ذاته أظهر تناقضه مع اساسيات مبادئه و ادعاءاته المثالية !
وهو ما أثار حفيظة الجميع حول مستقبل الحزب الاشتراكي اليمني كحزب يحمل المشروع اليمني الوطني الكبير.
إن الغزل الاشتراكي الحوثي لم يكن وليد اللحظة، فالحزب كان يحتفظ بتحالفات قديمة مع حزبي الحق والقوى الشعبية و أشيع في حينها انهما كانا يحظان بدعم الحزب الحاكم في الجنوب، لمواجهة تحالف المؤتمر و الإصلاح في المرحلة الانتقالية، كما أن السلطات في الجنوب تغافلت عن زيارة قام بها حسين الحوثي إلى عدن في انتخابات 93م و قام بإلقاء محاضرة في مسجد الأقلية الاثنا عشرية في عدن مطالباً إياهم بالتصويت لمرشحي حزب الحق في الجنوب.
يبدوا أن تأثير قيادات الاشتراكي من أبناء السادة مثل البيض و العطاس كان وراء هذا التحالف، الذي قد يكون مبرراً خلال الفترة الانتقالية لمواجهة من وصفهم بيان الحزب بأمراء الحرب، لكنه اليوم يضع التساؤلات الكبرى حول مشروع الحزب الاشتراكي في بناء الدولة، ويضع على المحك كل الدعاوى و الحجج التي كان يقدمها الحزب كأسباب لاستهدافه، مثل تمسكه ببناء دولة المؤسسات و الدولة المدنية الحديثة، ثم هو اليوم يغازل من يقدم نفسه حاكماً بالأمر الإلاهي، فأين هي دعاوى الرفاق الذين تاهو خلف ركبان السادة.
قضية أخرى أثارها بيان الاشتراكي وهو موقف الحزب من شهداء الجيش الذين كان جلهم من أبناء المحافظات الجنوبية وفي مقدمتهم الشهيد العقيد ركن محسن طبازة من أبناء محافظة الضالع، الذين تجاهلهم البيان ليضع الحزب في مواجهة مع الجيش كمؤسسة كانت تؤدي دورها الوطني، و تضحيات الجيش لا يجب أن تكون ضمن تكتيكات الحزب العريق، للضغط على الرئيس هادي مثلاً أو حزب الإصلاح، ذلك لأنها تضحيات في سبيل المشروع الوطني والتي كانت الجمهورية إحدى تجلياته و ناضل من أجلها الرفاق الأوائل.
ثم ها هو اليوم يطعن من الخلف من حزب يقدم نفسه على أنه صاحب مشروع تقدمي يدعم حركة رجعية حسب أدبيات الرفاق.
تساؤل أخير هل أضحى الحزب داعماً لمشروع الانفصال في الجنوب، و عودة الإمامية في الشمال، بمعنى آخر هل تخلى الرفاق عن مشروعهم مشروع الوحدة اليمنية و النظام الجمهوري، وكل الدعاوى الذين ملئوا بها الدنيا ضجيجاً، وماذا عن الفكر الأممي التقدمي أم أن سعار المناصب قد أغضب الجماعة