يكاد يجمع الكثير من الناس على أن الرئيس عبد ربه منصور هادي رجل فدائي بحيث تحمل مسؤولية تاريخية في حقبة تاريخية ووقت عصيب من تاريخ اليمن ، ففي السابق كان الرؤوساء عندما يأتون إلى سدة الحكم بدعم من طرف واحد مهيمن يستقوى على الآخرين ويصل الشخص القوى إلى السلطة بالقوة وعبر الدبابة أو اغتيال القائد السابق أو تدبير دسيسة له .. ومهما كانت التركة ثقيلة ، لا يتم الالتفات إليها أو أخذها في الاعتبار طالما وان " الأمور تحت السيطرة " ..!
ولعل الجميع يدرك جيدا حجم التركة والإرث الموبوء الذي ورثه الرئيس هادي من سلفه صالح الذي تغولت في عهده كل الأوبئة وباتت فيروسات قاتلة في كل صوب واتجاه ، وربما لم تكفه 33 سنة لمراجعة حساباته ، وحتى اللحظة بعض أولئك " الأوباش " لم يكتفوا بما اثروا على حساب الوطن والمواطن المسكين ولا يحاولون – فقط – العودة إلى الحكم ، بل يمارسون سلسلة من الجرائم بحق الوطن تعيق مسيرة التسوية السياسية ، بدلا من أن يخضعوا أنفسهم لمرحلة نقاهة لمراجعة حساباتهم وأخطائهم وسيئاتهم من اجل التكفير عنها بأي من الطرق !
وباعتقادي أن البعض لم يفهم بعد طبيعة المرحلة الراهنة والقوة التي يمتلكها الرئيس هادي وهي قوة مزدوجة ، شعبية وأممية ، فالشعب اليمني مل من تلك الوجوه ومن " النهابة " والعصابات واللصوص الذين يسرحون ويمرحون جهارا نهارا ، كما ان المجتمع الدولي ليس لديه الاستعداد لترك بلد مهم كاليمن عرضة لعصابات لتحكمه ، فقد بلغت تأثيرات ذلك إلى دول الإقليم وأيضا إلى أقاصي العالم بالأخطار الإرهابية والفساد الذي يزكم الأنوف .. فقبل بضعة سنوات لم يكن لـ " القاعدة " نفس التأثير والقوة التي عليها هي الآن .. وذلك بفضل " الأوباش " الذين غذوها ، فبعد أن كنا نسمع بشخص أو شخصين متخفيين ، بات عناصر التنظيم ظاهرون " على عينك يا تاجر " وفي وضح النهار ولديهم إمكانيات عسكرية جميعها من مخازن الجيش اليمني المسكين الذي تعرض للخيانة والطعن في الظهر !
وفي الحقيقة يشعر المرء بالأسف الشديد لأن بعض أبناء اليمن يسعون إلى تسميم الأجواء وزرع الفتن والأحقاد والخلافات والصراعات الطائفية والمناطقية والاقتتال الأهلي من اجل مصالح شخصية أو أهداف خارجية ، ولعل من ابرز ما يجعل المواطن اليمني يشعر بالخوف ، هو عمليات تهريب السلاح وضرب المصالح الحيوية وغيرها من الممارسات التي تضع العراقيل أمام التسوية السياسية ونجاحها ..
وشخصيا اقرأ الأمر على النحو الآتي : انه إذا لم تتوقف كافة الممارسات التي تعرقل التسوية السياسية ، فإن المجتمع الإقليمي والدولي سوف يعيد ويراجع حساباته إزاء الكثير من الأسماء في الساحة اليمنية ، خاصة التي لم تتخلص من ارث الماضي والتي لازالت تتعامل بنفس عقلية الماضي وتحاول فرضها على المرحلة الجديدة ، فأي تسوية سياسية ، كالتي تجري في اليمن ، تحتاج إلى شفافية غير عادية والى تنضيب لكل منابع الفساد السياسي والمالي والاجتماعي والى قلوب وعقول .. تحب اليمن أولا وأخيرا !!