الاصلاح والخط الذي يلام عليه .
2013/11/03
الساعة 02:20 صباحاً
الصراعات المسلحة داخل المجتمع لا يمكن ان تكون مخرجا للإفلات من قبضة الاستبداد السياسي هذا اذا لم نقل انها طريقا يفضي الى وقوع البلاد كلها في قبضة الاستبداد من جديد وهو ما يجعل الصراعات المسلحة النقيض لفكرة الدولة الوطنية ومشروعها السياسي .
الذين يلومون الاصلاح بخذلانه لأبناء دماج لا يتفهمون اصلا الاساس المرجعي الذي يعتمد عليه الاصلاح في تحديد موقفه من اخطر قضية يمكن ان تواجه عملية بناء الدولة ولو ادركوا هذا الاساس لصار لومهم مديحا ,فالحروب تجعل من القوى المجتمعية ادوات هدم للدولة القائمة او تلك التي تعيش حالة ضعف انتقالي كما هو حالنا في اليمن .
ضعف الدولة لا يمكن تجاوزه إلا بانخراط الجميع في سوق السياسية وتقويتها فالدولة الضامنة للحريات السياسية والحقوق الاقتصادية لا تولد إلا تعبير عن رواج سوق السياسية ومن داخلها حيث يتمكن الجميع من التعبير عن انفسهم ومشاريعهم بحرية في مشهد تواصلي وتبادلي للأفكار والمواقف يكشف المستقبل الذي سيولد منه فيما سوق الحرب لا ينتج سوى سلطات قهرية لا تعرف سوى السير في اتجاه واحد كالرصاصات التي كانت سببا في وجود هذه السلطة فلا صوت إلا صوت الاقوى و لا حرمة إلا لمن حمى نفسه فالدولة بنت الساحة التي ولدت والدولة الوطنية لا يمكن ان تكون مولودا للحرب وهي الساحة المتخصصة في اجهاضها تاريخيا كونها التي تتكفل بإفراز القوى التي تستقر في مواقع السلطة والسيطرة دون اذن الشعب .
الارضية التي وقف عليها الاصلاح ويقف الان وهو يتعامل مع موضوع النزاعات المسلحة هي الشعب الذي في حال تمزق صار الوصول الى الدولة الوطنية مستحيلا وهو ما يعني بقائنا تحت رحمة سلطات الامر الواقع الصغيرة في الاطراف او الكبيرة في المركز وهو وضع كان قد رفضه الشعب حين ثار والتزم حين اسقطة خطا نضاليا سلميا وغير عنيف .
الذين يلومون الاصلاح اليوم على تقصيره في دعم دماج وفق تقديراتهم سيشكرون له صنيعة هذا ذات يوم حين يدركون ان خط الاصلاح هو الاكثر نفعا , فالإصلاح ليس سوى حزب سياسي وليس جماعة مسلحة ووظيفة الحزب تجميع الجهد المجتمعي وتكتيل طاقات افراده سلميا ولأجل الانخراط في العمل السياسي : سوق الدولة وساحة تغذيتها بالبرامج السياسية والقيادات التي ستنفذها وهذا ما يجب ان نقوم به , وفي جانب اخر يجب محاصرة سوق الحرب وإدانتها وكشف الاضرار التي تلحقها بالإنسان الذي تلتهم ارادته قبل جسده وبالشعب حين تسقطه باعتباره فكرة ملهمة ووجدان عام تمهيدا لتمزيقه وبالدولة التي تضعف الحرب صورتها في اذهان الناس تمهيدا لمحاصرتها بسلطات الامر الواقع وهي مخاطر توجب على الانسان والشعب والدولة ان يتحركوا للتوعية من مخاطرها وإيقاف عجلتها وسحب السلاح من ايدي الجميع ووضعها في يد الدولة صاحبة الحق الحصري في حيازته واستخدامه .
المحاصرة للحرب عبر ادوات السياسة ومنطق الدولة هو الدور الذي يلتزم به الاصلاح وسيبقى وفيا له باعتباره الدور الذي يضمن ايقاف الحرب القائمة وجعلها اخر الحروب لكونه يوقف السباق على السلطة بأدوات العنف بل ويسقط فكرة السلطة باعتبارها جائزة الاقوى عنفا وتقصرها على الاقوى برنامجا , فالإصلاح يتجه نحو الدولة لتحضر فكرا وأجهزة .
الدولة الضامنة لحرية الانسان والقادرة والمخولة بنزع الادوات التي تهدد تلك الحرية دون ان تكون اجراءاتها تهديد لأحد بل حماية للجميع وبالطبع ليس اخر هذه الاجراءات نزع السلاح بل والاهم من ذلك نزع حالة الخصام البيني من الثقافة المجتمعية وتغذية حالة السلم في الوعي العام وجعله احد مسلمات الثقافة الوطنية التي متى ما تعافت من مغذيات الاحتراب الفكري التي تمارس الاغتيالات المعنوية المتبادلة فان مشاريع الاحتراب المادي سوف لن تجد سوقا تعرض فيه بضاعتها كما لن تجد من يقتنيها بعدما اصبحت مكشوفة الاضرار .
هذا الموقف لا يكتمل بدون ادانه القتل والقاتل كمبدأ يمهد لاستقرار حق الحياة في شرعة الضمائر والاخلاق التي توجه سلوكنا قبل ان يوجهنا القانون فمن سقط من مشاعره الحس العام الذي يتجلى في لحظات هتك نسيج الجسد المجتمعي الواحد فلن يكون فاعلا في التئامه يوما يوما فالجزار لن يكون يوما طبيب , فدورة لا يتعدى الذبح .