كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء !!

2013/11/09 الساعة 05:17 مساءً
إن استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما- في العاشر من محرم سنة 61هـ، مصيبة كبيرة وقد أكرمه الله بالشهادة وأهان وذل من قتله أو أعان على قتله، وفي كلا الأحوال فقد استشهد من هو أفضل من الحسين استشهد والده علي بن أبي طالب، واستشهد حمزة بن عبدالمطلب واستشهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وهؤلاء رضي الله عنهم أفضل من الحسين ولا شك، وكل ما يفعله المسلم عند هذه المصيبة أن يقول «إنا لله وإنا إليه راجعون».
أما ما يفعله الشيعة فإنه أمر غاية في الغرابة والعجب والدهشة والانبهار، ذلك أن الحسين ومقتله يشكل نسبة كبيرة من دينهم وعقيدتهم وشعائرهم وثقافتهم لدرجة لا يتصورها إنسان، فالإسلام كله حسب ما يعتقدون مرتبط بعاشوراء وكربلاء، وان الإسلام كما يقولون : محمدي الوجود حسيني البقاء، إنها مبالغة كبيرة وشطحات عظيمة، حتى أصبحت كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء، إنهم يستحضرون الواقعة دائماً وباستمرار، إنها قمة المأساة عند تمكن المأساة من الشيعي حتى تقوقع داخلها، وتمكنت المأساة منه، كل منهما تلبس الآخر، كما يقول الأستاذ فهمي هويدي الذي يؤكد على أن الشيعة يعيشون في الماضي، مقهورين في الحاضر ومجهولين في المستقبل !!
لقد اختلط الحابل بالنابل وشكلت مأساة عاشوراء مع احتفالات الغدير بالإضافة لسلسلة الانحرافات دين الشيعة الاثني عشرية.. وانظروا لما يحدث هذه الأيام في كربلاء والنجف ومناطق الشيعة من مختلف البلدان، سترون العجب العجاب من البدع والخرافات والأوهام والشائعات، فالشيعة يقولون ويذكرون ويكتبون أن السماء أمطرت دماً يوم مقتل الحسين، وانه لم يرفع حجر إلا وجد تحته دم طري، وقالوا إن السماء والكواكب ضرب بعضها بعضاً وقالوا إن الحمرة في الشفق لم تكن موجودة قبل مقتل الحسين، وبلغ بهم الجهل والخرافة إلى أن قالوا إن عاشوراء الحسين أي يوم مقتله كان طوله 72ساعة، ويقولون إن باستطاعة المرء أن يتحدث عن أي شيء وكل شيء ثم يربطه بكربلاء وكربلاء لديهم لها علاقة بكل شيء يحدث في الحياة.
إن ما يقوم به الشيعة من بداية محرم وحتى العشرين من شهر صفر، يتجاوز المعقول واللا معقول إلى الغلو، والخيال والتطرف في الغلو والإغراق في الخيال، كان العزاء الحسيني ومراسم عاشوراء في بداية الأمر يقتصر على لبس الأسود والحزن واسترجاع الحادثة، ثم بدأت الأمور تتسع.. وفي عهد الدولة" البويهية" الشيعية التي حكمت العراق وإيران في القرن الرابع الهجري، حيث قام البويهيون بتطوير وتنمية العزاء والاحتفال بعاشوراء بصورة كبيرة وجماهيرية وفي عهد الدولة الصفوية أخذت الاحتفالات تتعاظم والفعاليات تتوسع وكان البلاط الصفوي يعلن الحداد في العشر الأوائل حتى شهر محرم، ويقوم الشاه الصفوي باستقبال المعزين الذين يأتون على شكل أفواج ومواكب تمارس اللطم والضرب والبكاء والعويل والنحيب، الذي لا شك فيه كما يذكر المفكر الشيعي د موسى الموسوي فإن الضرب بالسيوف والسلاسل الحديدية تسرب إلى إيران والعراق من الهند وذلك أثناء الاحتلال الإنجليزي لتلك البلاد، فقد استغل الإنجليز جهل الشيعة وسذاجتهم, فعلموهم ضرب القامات على الرؤوس وحتى عهد قريب كانت السفارات البريطانية في طهران وبغداد تمول المواكب الحسينية ، التي كانت تظهر بذلك المظهر البشع في الشوارع والأزقة وبعد قيام الجمهورية في إيران أصدر الخميني الأوامر بإحياء عاشوراء والعزاء والمواكب والضرب واللطم بصورة كبيرة وبرعاية رسمية ودينية كجزء من سياسة الخميني المذهبية والطائفية، إنها صور من الهمجية والبشاعة والدموية والجنون تقام سنوياً كطقوس دينية وأفعال إسلامية، وتعرض على شاشات القنوات في العالم كله لتعطي صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين يستغلها أعداء الله والدين في التحريض ضد المسلمين، مع أن هذه أعمال محرمة شرعاً ومرفوضة عقلاً، كما أن هذه الأعمال تثير النزعات المذهبية وتعمق الخلافات الطائفية وتؤدي إلى القتال بين أهل السنة والشيعة الذين وضمن طقوس عاشوراء يلعنون يزيد ومعاوية وبني أمية ثم يطعنون بالصحابة إلى السب واللعن وتكفير عموم الأمة.

وإجمالاً تنقسم فعاليات عاشوراء عند الشيعة إلى ثلاثة أشكال:
• مجلس القراءة وتلاوة قصة الاستشهاد .
• مواكب اللطم والضرب بالسلاسل والسيوف .
• تمثيل معركة كربلاء في مسارح مفتوحه وميادين عامة .
وحسبما ذكر بعض الباحثين في الفكر الشيعي, فإن هناك تشابهاً بين الشيعة الإمامية والروم الكاثوليك ومن ضمن هذه المشابهة التي رصدها هؤلاء الباحثون في كتاب- صدر قبل عدة سنوات- المسرحيات العاطفية التي يقيمها الشيعة إحياءً لذكرى استشهاد الحسين في كربلاء، وتلك التي يقيمها الكاثوليك لذكرى صلب المسيح ، وكما يزعم الشيعة أن الحسين قال: «إن دين محمد لن يستقيم إلا بقتلي»، كذلك يزعم الكاثوليك أن المسيحية لن تستقيم إلا بصلب المسيح !!
وكل هذا منكر ينبغي إنكاره، شرعاً وعقلاً وواقعاً، فبالله عليكم! كيف يستقيم عقلاً القيام بالعزاء والبكاء لمقتل واستشهاد الحسين بن علي رضي الله عنهما الذي قتل سنة 61هجريه ، أليس في هذا الفعل نوعاً من السذاجة؟ انه لمن الغريب والعجيب أن يصبح عاشوراء وذكرى كربلاء في الوجدان الجماعي للشيعة موسماً للبدع والبكاء والنحيب وتقديس الحسين وأصحابه، وموعداً لسب ولعن أصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم- صحيح أن مقتل الحسين مصيبة كبيرة وجريمة عظيمة، إلا أن ذلك ليس مبرراً للقيام بهذه البدع الشنيعة والمخالفات الكبيرة بعد هذه القرون والعصور.
ثم ألم يقتل ويستشهد من هو أفضل من الحسين؟, ألم تكن عملية قتل حمزة -رضي الله عنه- بشعة ومنكرة وهو سيد الشهداء كما ذكر ذلك النبي- صلى الله عليه وسلم-؟, ألم يُقتل علي بن أبي طالب بيد الخارجي عبدالرحمن بن ملجم؟ ويقتل عمر بن الخطاب على يد أبي لؤلؤة المجوسي؟ أليس هؤلاء أفضل من الحسين؟! وقبل ذلك وبعده فقد مات الرسول- صلى الله عليه وسلم- وهو أفضل البشر على الإطلاق، فلماذا الحسين بالذات؟ ولماذا هذه الإثارة والفتنة السنوية؟..
والخطير في هذا التوجه والقول بان استشهاد الحسين انتصار حقيقي للرسالة الإسلامية، فإن ذلك طعن في الرسالة والرسول والمرسل، فالرسالة قد انتصرت وترسخت على يد الرسول الخاتم- صلى الله عليه وسلم- الذي لم يمت حتى أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح لهذه الأمة، وأكمل اللهُ به الدين، وأتم النعمة ورضي لنا الإسلام دينًا «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً». «ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه» .
وفي كلا الأحوال, فإن ما قام به الحسين بن علي فقد كان ثورة سياسية في إطار الصراع على السلطة بين الهاشميين والأمويين ،وهم أبناء عمومة، وقد قام كبار الصحابة في ذلك الوقت ومنهم عبدالله بن عباس وعبدالله بن عمر وغيرهما قاما بتقديم النصيحة للحسين بعدم الخروج إلى الكوفة وإن كان لا بد من الخروج, فليكن إلى اليمن، وكان الجميع يعلمون أن أهل الكوفة أصحاب غدر وخيانة وأن دعوتهم للحسين لم تكن صادقة ولا حقيقية وأنهم سيكونون من أوائل الذين يقاتلونه، ولكن حدث ما حدث وخرج الحسين- رضي الله عنه- وكانت الحادثة الفظيعة والأليمة التي كان لها تأثيرات وتداعيات استغلها الفرس واليهود لتمزيق الأمة والإساءة للإسلام والمسلمين، وتحت غطاء وشعار حب أهل البيت خرجت البدع والخرافات وانتشرت الأساطير والأوهام، وأخذ المجوس و"الشعوبيون" بإعلان ولائهم للعلويين في مواجهة الأمويين بالتعاون مع العباسيين ثم أنهم حرضوا العلويين على الانتقام من العباسيين الذين سلبوهم حقهم في الخلافة ـ كما يزعمون، واخترعوا لهم أحاديث ونسبوها إلى النبي وإلى الأئمة الاثني عشرية .
وكانت قضية عاشوراء ومسألة الحزن والنياحة وما زالت من أهم الوسائل والأدوات التي استخدمها المجوس والبويهيون والصفويون في تأسيس ونشر عقيدتهم في التشيع المنحرف، التشيع الفارسي والصفوي والخميني، الذي يجعل من كربلاء أفضل من مكة، وزيارة قبر ومرقد الحسين أفضل من زيارة مكة والمدينة والسجود على التربة الحسينية تربة كربلاء كأنها أصنام تسجد الشيعة عليها، التي صنعت منها أشكال مختلفة يحملها الشيعي في السفر والحضر..
إنها حلقة في مسلسل الخرافة والمتاجرة بالدين واللعب بالشرع والسعي وراء الخُمس والمكاسب المادية الهائلة التي يتحصل عليها المراجع والآيات والفقهاء، في ظل تقليد أعمى وتبعية مطلقة من قبل عوام الشيعة وقواعدهم وأتباعهم.
فأنت أيها القارئ الكريم لو أخذت بدع وأعمال عاشوراء والغدير والاحتفالات الأخرى مع الزيارات والحج لكربلاء والنجف وإلى التقية وزواج المتعة والعصمة والولاية التكوينية لأئمتهم الاثني عشر، بالإضافة إلى تكفير وسب ولعن أبي بكر وعمر وعثمان وعموم الصحابة وجمهور الأمة، ورأيت كيف يحتفلون ويفرحون بمقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويرفعون من شأن أبي لؤلؤة المجوسي- قاتل عمر- الذي يعتبرونه شهيداً ويسمونه بأبي شجاع الدين وله مرقد ومزار في مدينة كاشان الإيرانية وغير ذلك من الانحرافات والموبقات والمهالك والمسالك الصعبة وجمعت ذلك كله؛ فإنك تؤلف ديناً منحرفاً وعقيدة مغشوشة ومؤامرة خبيثة تستهدف الإسلام عقيدةً وشريعةً ورسالةً ورسولاً ومرسلاً .