اجانب دماج

2013/11/09 الساعة 06:17 مساءً

«إن من أعاقوا وقف إطلاق النار هم المسلحون الأجانب في صفوف السلفيين.. لأنهم يتحدثون بمئة لغة أجنبية وهذا يعيق نقل القرارات من زعيم السلفيين الحجوري إليهم” هكذا يقول الحوثي عبر من يستـأجرهم لتضليل الناس وخداعهم وللدفاع عن مجازره في دماج، المحاصرة والتي يتم ضربها بالصواريخ والدبابات، استعمل في ضربها أسلحة متنوعة روسية وأمريكية الصنع.

 

للقضية أبعادها، فالحوثي يكفّر السلفيين ويقتلهم بحجة انهم “تكفيريين” وذلك لتمرير القتل والإبادة الجماعية تحت مسميات سهلة ويتم استخدامها بشكل يومي في الإعلام.. مع أن من التقيتهم من جماعة الحوثي يثنون على الأمن والسلام اللذان تنعم بهما صعدة لأنها تقع تحت ولاية الحوثي ، إلا أن كل ما قالوه لا يثبت ولا يصدق مع كل هذه المتفجرات التي عجزت اللجنة الرئاسية المكلفة بإنهاء الحرب عن إيقاف الهجوم الشرس الذي تتعرض له دماج.

 

وادي دماج يكتسب شهرته وأهميته من دار الحديث التي أسسها الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله لتدريس الحديث النبوي الشريف، وقد فتح الباب لمن أراد أن يلتحق بالدار من الطلاب ، لقد أعاد الشيخ تجديد مدرسة الحديث في اليمن والتي كانت في فترتها المتأخرة قد اندثرت فيها معالم هذه المدرسة، وكثر بين الناس تناول احاديث موضوعة ومكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصارت الفرق الطائفية تلبس على الناس في دس ما تريد باسم الحديث والدين لتصل إلى مبتغاها من سلطة وولاية ومال بطرق غير مشروعة وبنت لنفسها من الأوهام ما يجعلها فوق الناس بدرجات.

 

كان قد التحق بهذه المدرسة السلفية النصية الحرفية طلاب من داخل وخارج اليمن وهذا شيء معروف وبعلم السلطات اليمنية، واليوم يحدثنا الحوثي عن أجانب دماج ، فلم َهذا الحديث الآن؟ ولماذا اختار الأجانب بالذات ولم يختر غيرها من المفردات؟

 

استغل الحوثي الحرب ضد الإرهاب والتي تعتبر اليمن جزءاً منها منذ عام 2004 بحسب تصريحات الرئيس هادي، وكان النظام السابق يهدد بمصطلح الإرهاب كل من يقف ضد نظامه أو من يحس خطره .. وها هو الحوثي الوريث الفعلي لعلي صالح يستخدمها نفس الاستخدام يكره السلفيين ويقتلهم بحجة وجود أجانب، ضعوا خطاً تحت أجانب فهي كلمة لمغازلة أمريكا وقوى الحرب ضد الإرهاب ولإحراج الجمهورية اليمنية وأجهزتها الأمنية والعسكرية مع أمريكا وحلفها ضد الإرهاب.

 

 فعلياً هناك طلّاب أجانب وربما يكونون قد ساهموا في حراسة دماج من الاجتياح الطائفي البربري بالدبابات وقاذفات الكاتيوشا ، لكن هذا لا يعني انهم قدموا اليمن لغرض القتال أو لأنهم جزء من القاعدة أو الإرهاب بأيٍّ من أنواعه، لكن عدم وجود شرف والخساسة في التعامل مع الخصم هو ما يجذب أنظار العالم إلى أن هناك ارتباطاً بين القاعدة والسلفيين الأجانب والمحليين، سموها فجوراً في الخصومة أو ما شئتم فهي خساسة إلى أبعد حد. وفي نفس حفرة النظام السابق الذي وضع علامة إرهابي بجوار كلمة يمني ها هو الحوثي يعيد المؤشر الذي انخفض مع الانتفاضة التي أطاحت برأس الحكم في اليمن.

 

في مؤتمر الحوار ربما يخرج الناس لضرورة ترتيب الوضع في مناطق اليمن وتغييرها من محافظات إلى أقاليم ونظام فيدرالي ، ولذا الحوثي سارع بهذه الحرب لإخراج دماج من الإقليم الذي يطمح هو في الاستيلاء عليه أكثر من مرة وهناك من يسرب رغبة الحوثي في نقل دار الحديث وطلابها إلى خارج حدود صعدة ، فوجود 15 ألف نسمه في وادي دماج من السكان الأصليين الذين يقطنون المنطقة من قبل وجود قريش في مكة سيغير المعادلة لصالح أي خصم سياسي من خصوم الحوثي في أية انتخابات قادمة ، كما أن طلاب دماج يروون للناس أحاديث صحيحة ويحذرونهم من احاديث ضعيفة وموضوعة يستخدمها الحوثي للحصول على شرعية النسب التي يدعيها عبر مرويات غدير خم وعلي ولي الله وأنا مدينة علم وعلي بابها وكثير من هذه المواضيع التي يستدرج بها البسطاء من الناس المحبين لله ولرسوله ولصحابته.

 

 لا يقبل الحوثي وأتباعه لا الجدل في هذه المسائل التي يعتبرها هي الدين ولا يقبلون المناظرات ولا الحوار العلمي الإقناعي، أتحدى أن يقف عبد الملك الحوثي أمام الحجوري في مناظرة تلفزيونية حول ولاية آل البيت أو غيرها .. هو يعرف انه بلا حجة وحجته سلاحه الذي تسرب إليه عبر حروب ست كانت تنشأ باتصال تلفوني وتنتهي بآخر في عملية مبهمة لم تتكشف حقائقها بعد.

 

إذا كان الحجوري قد وقف ضد الثورة فهذا شأنه وقد انتقدته وانتقدت مدرسته الجامدة ونشرت ذلك في حينه وأنا إلى هذه اللحظة لا اتفق مع السلفيين في كثير من المسائل لكن هذا لا يجعلني أقف صامتاً وهم يُقتلون ظلماً .. وفي تصوّري أن وقوف الحجوري ضد الثورة افضل من وقوف الحوثي مع الثورة لأن الأخير لم يأتِ إلى الثورة ليكون مع الناس بل ليجد لنفسه منفذاً ليكون فوق الناس ، ولذا كان مع وضد كل شيء في الثورة والتسوية وله رأيان على طول الخط ضد المبادرة قولياً ومعها عملياً ضد الحوار الوطني قولياً لأنه برعاية سعودية أمريكية ولديهم فعلياً 35 عضواً في مؤتمر الحوار - قاتل قتالاً مريراً للحصول على هذا الرقم - وكان أتباع الحوثي مع الشباب في الساحة والتواصل بين الحوثي وأحمد علي وأبيه لا ينقطع فهو مع وضد دائماً، ومن سينجح هو معه سواء الثورة أو الثورة المضادة والتي يشكل جوهرها فعلياً.

 

 يعد موقف الحوثي وجماعته من الثورة أغرب موقف لا تستطيع أن تصفه بأنه موقف سياسي مطلقاً لأنه غير واضح وهو اقرب إلى الموقف المصلحي المتريث المترقب للفرصة ليأخذ الجمل بما حمل فقط ينتظر الفرصة المناسبة ليسيطر على الحكم بمن ضحك عليهم من الزيدية والهاشميين والمدنيين والحداثيين وكلٌّ يأتيه بمصطلحات تناسب سمعه فهو مدني حتى النخاع مع الحداثة ويسبقها بفرسخين اقلب ملازم الحوثي المؤسس وستجد كل الخرافات بكل أنواعها مكدسة، لا تتعب كثيراً واستمع لخطابه العنصري في عيد الغدير المزعوم وولاية شعب الله المختار من نسل فاطمة الكوثر الذي انتج لنا «سيدي عبده وعبده سيدي».

 

على الحوثي أن يتوقف عن التحريض ضد الأجانب لأنه بذلك سيورط البلد في مشاكل جديدة الناس في غنى عنها مع أنه يعلم أن أي طالب يأتي للدراسة في دماج من خارج اليمن يأتي عبر موافقة الدوائر الحكومية المختصة ولم ينزلوا من الفضاء الخارجي إلى دماج ولم يصلوا عبر ميناء ميدي وما جاوره من سواحل مهملة قادمين عبر جزر دهلك الإرتيرية حيث يخيّم الحرس الثوري الإيراني.