اخوان الشيطان

2013/11/10 الساعة 07:24 مساءً

أختلف مع الكثير من سياسات ومواقف الإخوان المسلمين، ومع ذلك لا يستفزني شيء أكثر من استهدافهم كجماعة.

 

استهدافهم كجماعة، وعلى نحو تعميمي استئصالي واجتثاثي، بدلاً من نقد سياساتهم وبرامجهم أو حتى مواقفهم وسلوكهم الفعلي، يبدو أن نوعاً من العمى الإدراكي التام يشوّش الرؤية والبصيرة ويصيب بالكآبة.

 

ففضلاً عن أن التعميم خطأ منهجي قاتل، على العموم فهو 'إلى ذلك أمر غير إنساني' يختلط فيه السياسي والشيطاني، الأهداف المشروعة مع الأغراض المشبوهة 'مع الحركات المضادة' مع "نظريات نهاية التاريخ" على السواء.

 

مناهضة الجماعة كجماعة كوجود وليس كسلوك بدلاً من معارضة سياساتها وبرامجها، ومواقفها وسلوكها الفعلي، ينسف فكرة التعايش 'التي يأمل الناس أن تتخلق مع ثورات الربيع العربي. التعايش ليس مع مكوّن هام وأصيل من مكونات الأمة فحسب بل وتالياً بين الجميع. إذ ليس من شأن النزعة الاقصائية الاستئصالية الاجتثاثية سوى التأسيس لدورات من العنف والعنف المضاد.

 

كما أن إقامة التحالفات في مواجهتهم 'كجماعة' وليس على أساس برامج ورؤى أخرى 'تنافس برامجهم ورؤاهم' من أجل تقديم بديل أفضل، ومختلف، للناس، بمن فيهم جماعة الإخوان نفسها، تجعل منها تحالفات ظرفية، انتهازية، وغير بناءة، إن لم نقل هدامة، لكونها تحالفات تقوم على مجرد الكراهية، لا غير.

 

ومع التسليم بخطأ الكثير من سياسات الجماعة 'وبغموض الكثير من مواقفها' إلى حد يجعل من الصعب فهمها 'نزولاً على قواعد الممارسة السياسية' كما يعرفها ويتوقّعها الناس؛ إلا أن معارضتنا للجماعة 'من حيث هي وجود' وليس من حيث هي برامج وسياسات ومواقف وسلوك لا تساهم في تكريس أسس الديمقراطية المنشودة، بل هي تضاعف تلغيم هذه الأسس وتسمم الحياة السياسية والاجتماعية برمّتها. وحينما نفعل ذلك عن عمد وإصرار لا نبدو إلا وكأننا "إخوان الشيطان" في مواجهة "الإخوان المسلمين". شيطنة الخصم لغرض اجتثاثه هي الشيطنة عينها.