مغتربون .. لا غرباء!!

2013/11/11 الساعة 08:08 مساءً

كانت المملكة الجارة صحراء قاحلة ، وكان سكانها "البدو" يشكون تخمةً حلّت بهم قابلوها بالعجز والشلل أمام تحويلها إلى مأوى وسيع أو مركب مريح أو مصلى تطمأن فيه النفس أو حديقةً غنّاء يفوح عبيرها بالجمال ويملأ الناظر سروراً .. جاءت اليد العاملة العالمة الخبيرة من الجارة الأشد فقراً في هذا المحيط ، وتوافد اليمنيون زرافات وجماعات إلى هناك فبنوا وأجادوا وشيّدوا وأحسنوا ، فكانت قطرات عرقهم تنزف في كل رقعة أرض سعودية فتنبت قصوراً ومروجاً لكن الأشقاء أرادوا ليّ ذراعنا الذي يؤلمنا فحولونا في بلادهم إلى غرباء بعد أن كنا الشقيق الأمين والجار المألوف ، وباجراءات متعددة في سنوات متقطعة وعلى وقع إيقاع السياسة كان ساسة المملكة يعكسون نواياهم على اليد العاملة ، حتى جاءت لحظة الضغط الأخيرة فرحلوا أبناء اليمن بعشرات الآلاف وقد تجاوز الرقم 58 ألف خلال الأسبوع!! هنا ليس علينا تتبع الأحداث وليس وقت البحث –في هذه السطور- عن الأسباب والمسببات لكننا نقف أمام نتيجة كارثية يدفع ثمنها المغترب وتتجرعها البلاد أرضاً وإنساناً ... يسأل المرء بصدق وخوف : لماذا تعودت حكومتنا ومؤسساتها البرود اللامقبول أمام القضايا الكبرى؟ هل يحتاجون إلى دورات تدريبية في التعامل الإنساني ؟؟ هل مسئولي البلد بجميع مؤسساته المتهالكة يعانون من نقص في مادة "إنسان" في ضمائرهم؟؟ تحركت وزيرة حقوق الإنسان وشكلت لجنة لمتابعة أوضاع القادمين في حرض، يجب على وزارة النقل أن تحرّك أسطولها الذي حركته في ماراثونات متعددة إلى الحدود لاستقبال أبناءها المرمي بهم بشكل هيّن لحكومتهم في زوايا الحدود كبقايا آدميين .. مجلس النواب يعلن تبرعه بمبلغ مائة مليون حسناً فعلوا ، هناك لجان رئاسية تشكل لقضايا معقدة أعقد ما فيها المبالغ الطائلة التي تصرف عليها في حين أن تلك القضايا لا تحلها اللجان لأن اللجان لا يمكن أن تكون بديلة عن مؤسسات الدولة ، فماذا لو نظر الرئيس إلى القادمون على أنهم أبطال كانوا يتجرعون عناء البعد عن أهلهم ليخففوا من احتقان الوطن ويقللوا من نسبة البطالة بدلاً من صرف الأموال الطائلة على المبتزين!! وفي منظمات المجتمع المدني التي تأكل خزائن البلد وتملأها جعجعة لا طحين لها يجب أن تقوم بدورها في استقبال الضيوف الكرماء ..

التحدي كبير اليوم أمام المجتمع والدولة بكل مؤسساتها في استقبال الضيوف المغتربين القادمون من بلاد الجارة الحنقة علينا ، فهم أبطال يجب أن يلقوا نصيبهم وحقهم من التكريم والإمتنان والاعتراف بفضلهم على أنفسهم وعلى وطنهم الذي يحبهم ويفخر بهم ويثبت لهم أنهم كانوا مغتربين ولن يكونوا غرباء مطلقاً.