لا يشك علي سالم البيض أو حيدر العطاس أو عبدالرحمن الجفري أو حتى حسن باعوم أو غيرهم من القيادات الجنوبية التي تنشط في الداخل والخارج لفرض مشروع الانفصال في اليمن, في أن الشعار الذي يرفعه مناصروها في عدن ولحج والضالع وغيرها (التحرير وتقرير مصير الجنوب) ما كان له أن يظهر ويخرج إلى العلن ويصبح بمثابة البرنامج السياسي والتطبيقي لأولئك المناصرين الذين ينشطون للترويج لذلك الشعار من دون الأموال التي تضخها هذه القيادات لشراء الولاءات واستمالة المتضررين من بعض الممارسات الخاطئة والمتذمرين من عوامل الفقر والبطالة والأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني من ويلاتها قطاع واسع من اليمنيين.
ولا تشك هذه القيادات التي تتصارع تاريخياً على قيادة وزعامة الجنوب في أنه لايوجد بلد في العالم, شرقاً أو غرباً, يسمح لمعارضة سياسية يرتبط بعض أطرافها بقوى خارجية بتكوين جماعات منظمة يتركز نشاطها على نشر الفوضى وإشعال الحرائق وتمزيق النسيج الاجتماعي على غرار ماتقوم به منذ عدة سنوات في اليمن تحت سمع وبصر دولة صالح سابقاً وهادي حالياً وعلى مرأى ومسمع بان كي مون ومبعوثه الشخصي المعارض المغربي السابق/ جمال بنعمر الذي يقول عنه المقربون منه انه قد انغمس في الواقع اليمني الى درجة صار فيها يأكل ( السلتة ) ويرتاد مجالس القات الصنعانية ويدعى بـ(اليماني) لكثرة الزيارات المكوكية التي قام بها لصنعاء بهدف مساعدة اليمنيين على التغيير والانتقال إلى الحكم الرشيد.. ولا ندري من أية نافذة سنلج الى هذا الرشد والرشاد وهناك من يعمل في سباق مع مؤتمر الحوار على سد كل النوافذ أمامنا حتى لا نصل الى ذلك الهدف, ولاندري أيضاً كيف يمكن لنا أن نتحول الى دولة رشيدة ومدنية تحتكم لقواعد النظام والقانون وهناك قوة تراهن على هزيمتنا والزج بنا في مواجهات مدمرة وكارثية من خلال التكتل لاسقاط أي توافق سنصل اليه في مؤتمر الحوار!!.. ولا ندري أيضاً كيف لنا ان نتجاوز هذه المعضلة اذا ماكان سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية يمسكون العصا من المنتصف ويقفون في المنطقة الرمادية حيال الكوميدية السوداء التي تتكرر في الجنوب حتى انه الذي لم يصدر عن هؤلاء السفراء أوعن المبعوث الاممي حتى أي تحذير للتيار الانفصالي الذي يتوعد ويهدد بتفكيك وحدة اليمن رغماً عن إرادة الغالبية العظمى من اليمنيين.
وهو ما يلح في السؤال: كيف لنا ان نضمن نجاح مؤتمر الحوار وتنفيذ مخرجاته اذا ماتراجع رعاة المبادرة عن التزامهم في دعم وحدة اليمن؟ وكيف نضمن ان مؤتمر الحوار لن يتعثر او يتوقف قطاره في منتصف الطريق, ونحن الذين لم نحدد له سقفاً زمنياً ولم نتفق على المرجعية الحاكمة في حال انتهى السقف الزمني بنفق مسدود؟.. وبعد كل ذلك كيف لنا ان نمضي نحو معالجة الازمات المستفحلة والطارئة إذا ما انطلت أساليب الكذب والتكاذب واللعب على الالفاظ والتعابير والمصطلحات التي يستخدمها الحراك الانفصالي في الجنوب على المجتمع الدولي الذي يستمد معلوماته من مبعوث الامين العام للأمم المتحدة جمال بنعمر؟.
فالحقيقة أن علامات استفهام كثيرة باتت تشغل بال اليمنيين وأسئلة عدة تدور في اذهانهم وهم يرون قائمة المعرقلين للتسوية السياسية تختزل في شخصيتي ( صالح – البيض ), مع أن الجميع يعلم تماماً ان كافة القيادات الانفصالية في الخارج وحراكها في الداخل لايستهدفان فقط عرقلة الحوار وافشال التوصل الى مصالحة تاريخية بين اليمنيين بل انهما برفضهما للحوار ومعالجة القضايا الحقوقية والمطلبية في الجنوب بشكل منصف وعادل واصرارهما على اثارة الاحقاد والضغائن بين اليمنيين يدفعان البلاد نحو حرب اهلية وتحويلها الى صومال اخر ومع ذلك فلم يسمع احداً عن ان المبعوث الاممي جمال بنعمر قد تحدث او اشار في تقاريره المرفوعة الى مجلس الامن الى انتهاكت الحراك الانفصالي وعدم التزامه بمحددات القرارات الدولية .
وليعذرنا جمال بنعمر اذا ماعاتبناه بحرقة على صمته المريب تجاه المنحى العدائي الذي ارتكس فيه عناصر الحراك الجنوبي والذين تحولوا من مظلومين إلى جلادين ومن مقموعين إلى أدوات قمع ومن أصحاب قضية إلى دعاة فتنة وبما يثبت صحة ماذهب اليه البعض الذين اشاروا إلى ان التصريحات التي ادلى بها المبعوث الاممي عقب لقائه بعدد من القيادات الجنوبية في مدينة دبي قد اعطت بمضمونها المتضارب رسالتة خاطئة للحراك الانفصالي والذي لابد انه قد فهم من تلك التصريحات انه ليس معنياً بالتهدئة والالتزام بقرارات مجلس الامن الدولي التي اكدت على وحدة اليمن وامنه واستقراره.
ويصبح مثل هذا التفسير له مايبرره إذا ماعدنا الى فحوى تصريحات المبعوث الاممي بعد ذلك اللقاء والتي دعا فيها عناصر الحراك إلى نبذ العنف والتقيد بسلمية الاحتجاجات وكأن المبعوث الاممي بتلك التصريحات يمنح الحراك مشروعية المطالبة بالانفصال عبر الوسائل السلمية.. وهاهو الحراك يواصل الرقص على أنغام تلك التصريحات وكأنه لم يحن الوقت ليقال له: كفى عبثاً وعنفاً ومراهنة على هزيمة الوحدة.