الاصلاح يُرمى من قوس واحده رغم انه يصحب الجميع في مركب واحد لتحقيق غايات عليا ومع ذلك فمعظم الجميع يُعاديه وينال منه بتدرجات مختلفة . والحديث عن الاصلاح هو الحديث كجزء لا يتجزء من الحركة الاسلامية والتي زُرعت على ضفاف النيل في ارض الكنانة فكانت الارض الطيبة التي انبتت سنبلة الاخوان ومنها تضاعفت إلى أضعاف كثيرة.....
كثيرٌ من ينتقد الاصلاح والاكثر من يريد الانتقام منه والجميل في الامر ان يأتيه النقد من بين ظهرانيه وهذا من النقد الذي يطال الناقد فيه الرحمة ( رحم الله امرئا أهدى الي عيوبي ) فالتقييم الداخلي والنقد الذاتي هو دليل على الصحة التي يتمتع بها الحزب وهو تدريبٌ ليصل المرء من داخل الحزب إلى اعلى مراتب الجهاد ( كلمة حق عند سلطان جائر ) وما أعضاء الحزب إلا مجتمع مصغر ومجموعة من المرايا وكلٌ ينقل للآخر عيوبه للعمل على تلافيها ( المؤمن مرآة أخيه )..
منذ نشوء الحركة الاسلامية ( الاخوان ) وإلى اليوم يُرى أن الإخوان ما زالوا يسيرون في بعض أمورهم على خطى تقليديه ملتزمة بما خطه أول (اخٍ)في الجماعة إذ أن السِرية تعد من إحدى ركائز التنظيم وهذا امر احترازي لكن في مرحلة زمنية بعينها وليس أن يظل ذلك إلى أن يرث الله الارض من عليها ، فهل ما يدور في حلقات الحركة امر يثير الريبة والشك أم ان ما يدور هو إعداد تربوي وثقافي يستفيد منه الجميع ، ولنا في الرسول محمد الأسوة الحسنة إذ أن السِرية لم تتعدى في بداية الدعوة سوى ثلاث سنوات ثم صدع بدعوة الحق ليعلم بها القريب والبعيد ولتكتسب الدعوة زخما شعبيا أكثر من ذي قبل ، ونحن اليوم نلج العقد التاسع من عمر دعوة الشهيد ( البنا ) وما زالت السرية هي الطابع الرئيس للتنظيم ولتربية القواعد ..فلماذا لا تعم الفائدة وننطلق إلى رحابة الجهرية وليرى البقية أننا ما زلنا في رحاب الوسطية والوطنية..
لم تزل( الحركة ) حتى في أبسط أمورها تقف سامعة مطيعة للمركز وسائرة على الدرب بحذافيره بل أن الحركة الأم ما زالت تحتفظ بشعارها ( واعدوا ) وما زال للسيف بروز وظهور ودور رئيسي في العدة ( لنشر الحركة أو ديمومتها ) ولبناء الاوطان و النهوض بالأمة فلماذا لايطال التغيير الشعار وليعطي إيحاءً بأن الحركة في أصلها ومسيرها إنما هو إعداد فكري وثقافي وعلمي متجدد أوضح من أن يكون إعداد عسكريا وإن إرهاب أعداء الله أساسا لا يكون إلا بمقارعتهم بالعلم والمبادئ والقيم ومستوى التحضر وهذا الذي نريد أن نفهمه قبل أن يفهمه أعداؤنا..
إن تباين الآراء داخل الحركة الاسلامية ليس دليلا على تنازعها وفشلها فقد تباينت الآراء واختلفت في سقيفة بني ساعدة وما زال الماء يقطر من الجسد الطاهر للنبي محمد قبل دفنه وتباينت الآراء قبلا في (غزوة احد ) والرسول والوحي ماثلين ..وإنما التقوقع والتشبث بالرأي هو الذي يثير الخلاف ويعمق الهوة ويغري العدو ويبعثر الأعضاء وينفر المحبين من الحركة ومن ثم يبرز النزاع والفشل ..
إن كثرة الحديث والاسهاب على أن الحركة هي الأكثر تنظيما والأقوى جذورا والاطول سيقانا والاكثر أوراقا هو الذي يبعث في بعض أعضاء أو رموز الحركة الزهو والغرور والعُجب فلذلك ليس غريباً أن تخرج تصريحات من بعض أفراد الحركة تعبر عن ضحالة الفكر وضعف الرؤية على الرغم من سمو المنهج والغاية التي يحملها ( الاصلاح )..
إن اخطاء الاصلاح لا تنم عن ضعف أو فشل وإنما على أنه حزب دؤوب يسعى في دروب النضال السلمي وله آراؤه الخاصة والتي قد يتفق أو يختلف معه البعض ولذلك يجب على ( الاصلاح) التنبه الى أن أخطاؤه ليست أخطاءً عادية أو عابرة إذ أن المتربصين به والناقمين عليه وكثرة حساده لا ينظرون إلى تلك الاخطاء بعين مجردة وإنما بنظرة تلسكوبية ومجهرية فيقربونها ويكبرونها وعبر أكثر من زاوية يعرضونها ولذلك فلا استغراب أن تلك الاخطاء يتناولها خصومه من أكثر من جهة ويضعون تأويلات عديدة لها طبعا سيئة وليست حسنة..
في ظل حُمى الاستقطاب السياسي من قبل الاحزاب فإن على ( الاصلاح ) ألا ينجر خلف تنسيب واستقطاب الأعضاء على الاقل في ظل الفترة الراهنة وعليه كما قال المثل ( المحافظة على الحاصل ) والسعي لإعدادهم الاعداد الأمثل والذي يصب في المصلحة التي يسعى إليها ( الاصلاح) والتي يناضل من اجلها [ الدعوة والوطن ] وقد أظهرت الفترة الراهنة عن تسرب بعض أعضاء الحركة(الاصلاح) إلى حركات مناوئة له ربما لما ذكر سابقا من أسباب وربما لحاجة في نفس أولئك الاعضاء بل على الحركة ان تظل على تواصل مع اولئك المتسربين من باب ( ولا تنسوا الفضل بينكم) وعدم النظر إليهم أنهم صاروا أعداءً ومناوئين وان الاختلاف والنقد لا يفسد للود قضية