قضية الجنوب ..وحروب صعده ؟

2013/06/13 الساعة 01:22 صباحاً

تتزاحم القضايا أمام مؤتمر الحوار بشكل متتالية هندسية ،لاكن الاولى بالمتحاورين ان لايبحثون عن حل لاي قضية الا بعد مناقشتها باستفاضة وعلنية تامة.

ومما يجدر بنا ان ننبه المتحاورين اليه هو ان قضية صعدة لاينبغي ان توازي قضية الجنوب ولا ترتبط بها ،والخلط بين هذه وتلك أو المساواة بينهما هو نوعا من العبث الاجرائي وهو ايضا من قبيل التمادي في خلط الأوراق غير المتجانسة بهدف التهرب من الحلول الحقيقية ،بل إن الإصرار السياسي على إقران قضية صعدة بقضية الجنوب لا يعني سوى الإصرار على مواصلة الهدر لكل الطاقات والإمكانيات العامة .ومن وجهة نضر مواطن يمني مهتم بمستقبل بلده ويدلي برايه من خارج قاعة الحوار ،أحب ان الفت إنتباه السادة المتحاورين إلا إن قضية الجنوب تتمثل في عاملين أساسيين الأول ويتمثل في نهب ومصادرة أراضي الجنوب باعتبارها كانت أراضي وعقارات دولة في الوقت الذي كان فيه مواطني الجنوب محرومون من الحق في الملكية الخاصة،العامل الثاني ويتمثل في الاقصاء السياسي والاداري الذي تعرض له ابناء الجنوب بعد حرب 94،حيث تم إزاحتهم من مواقعهم العسكرية والادارية والامنية تبعا لنتائج الحرب المعروفة.

وفي بداية عام 2007،بدى الجنوبيون يتحركون باتجاه البحث عن الحق وتشكل ما يعرف باسم الحراك الجنوبي ،وهو عباره عن حراك شعبي سلمي تشكل في كل محافظات ومديريات ماكان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية قبل الوحدة.

 الحراك عبر عن الرفض الشعبي الجنوبي لإستغلال مشروع الوحدة وتوظيفه في خدمة الممارسات الجهوية المقيته التي كانت تتم باسم الوحدة اليمنية أثناء حكم الرئيس السابق .

هذه هي فحوى قضية الجنوب من وجهة نضري واكثر ما يدفعنا لاحترام قضية الجنوب ان الحراك الجنوبي التزم الوسائل السلمية والحضارية في الدفاع عن قضيته ،رافضا كل المحاولات الهادفة الى عسكرة النضال السلمي  والتي تسببت في بروز خطاب عنصري وحدوث بعض الجرائم الإنسانية في حق أشخاص ينتمون إلى محافظات شمالية والتي ارتكبت باسم الحراك الجنوبي والحراك برئي منها باستثناء تيار البيض الذي جاهر موخرا بترويج الخطاب العنصري .

تلكم هي قضية الجنوب وهذه هي معارفنا حيالها ....فما هي قضية صعدة ياترى؟!

لو عدنا الى ما بحوزتنا من معلومات شحيحة حول (قضية صعدة) لوجدنا أنفسنا أمام سلسلة حروب غامضة وشعواء كانت تندلع فجأة وتنطفي فجاة ،لاندري اسباب نشوبها ولامبررات ايقافها ،إنها حرب اشبه بالعرض المسرحي لكن ضحاياها كانوا كثيرون .

وهنا يبرز التباعد الموضوعي بين قضية صعدة وقضية الجنوب ،لأننا عندما نتحدث عن الجنوب نتحدث عن نضال سلمي جماهيري له مبرراته ،لكن عندما نتحدث عن قضية صعدة فاننا نتحدث عن حرب نجهل قضيتها وأهدافها .

ولاتوجد لدينا أي معلومات عن تلكم الحرب اللعينة في شمال اليمن الا فيما يخص معرفتنا بطرفيها ،الطرف الاول  قيادة نظام الحكم السابق متمثلا بالرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي اعلن الحرب فجاة في صعدة دونما إطلاع الشعب على اسباب الحرب ،أما الطرف الثاني فيتمثل في جماعات الشباب المؤمن بقيادة السيد حسين الحوثي ومن بعده اخيه عبد الملك الحوثي .

بمعنى ان الحرب في شمال اليمن كانت بين اطراف ولم تكن بين القيادة والشعب مثلما كان حادثا في الجنوب ،وابناء صعده لم يخوضوا الحرب ضد الدولة وان كانوا ضحايا لها .

وبغض النضر عن سيناريوهات الحرب واهدافها المخفية إلا إن الواضح منها ان الطرف الثاني (الحوثيين) كانوا مستعدين بالعتاد العسكري والعدة القتالية ،وبهذا خسر الحوثيون  تعاطف الداخل والخارج معهم ،لإنهم حملوا السلاح في وجه الدولة وكانوا مستعدون للحرب قبل وقوعها ،وهذا ما يعزز مساحة الغموض حول الحرب واهدافها غير المعلنة من قبل الجانبين .

أضف الى ذالك ان الحرب لم تكن بين الدولة وابناء صعدة كما هو الحال في الجنوب ،بل كانت الحرب بين اسرة صالح المحتكرة للحكم في سلطة النظام واسرة الحوثي المحتكرة للحق في تمثيل المذهب الزيدي، والاسرة الحوثية بكل تأكيد لا تمتلك أي صفة إجتماعية تخولها إعلان حرب باسم ابناء صعدة ولاتمتلك الصفة المذهبية التي تخولها إعلان الحرب باسم المذهب الزيدي.

خصوصا وان الرئيس السابق "صالح" كان من أكثر رؤساء اليمن تعصبا للمذهب الزيدي،الأمر الذي يجعل إعلان الحرب ضد المذهب الزيدي من قبل نظام صالح من الأمور المستحيلة.

لذلك ترجح أقوال بعض المهتمين ان الحرب في صعده كانت بهدف إبتزاز الخارج  وكانت بين تجار الأسلحة والمخدرات ولا علاقة لها بأي صراع مذهبي أو طائفي البتة.

لكننا ونحن نتناول أطراف الحرب في صعده ونحملهم مسئوليتها ،لايمكننا بأي حال من الأحوال ان ننكر وجود الآلاف من الضحايا من أبناء صعده وآلاف النازحين وان أبناء صعده دفعوا الثمن لحربِ لا ناقة لهم فيها ولا جمل .

ما أردت ان أوضحه هنا لمؤتمر الحوار هو ان هناك فرقا كبيرا بين ما حدث في صعده وما حدث في الجنوب ،إنه فرقا لايقبل الخلط ولا المساواة .

وإذا أمعنا النضر بموضوعية حيال الأمرين سنجد إننا في الجنوب نتعامل مع قضية عادلة في حين إننا في صعده نتعامل مع حرب مشبوهة .

في الجنوب القضية تخص شعب التزم بمناهج النضال السلمية في حين ان الحرب في صعده تخص أسرة تدعي إحتكار الوصاية على المذهب .

وعليه فان حل قضية صعده يبدا بمحاكمة طرفي الحرب الرئيس السابق والسيد عبد الملك الحوثي بتهمة إثارة حرب راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنين والعسكر دونما وجود أسباب موضوعية مبررة للحرب ،بعد ذلك يمكننا مطالبة الدولة بتحمل نفقات إعادة إعمار صعده وتعويض ضحاياها .