آخر مكالمة أجراها الرئيس كانت إلى حضرموت ، لقد وعدهم ان مطالبهم ستحل عبر قيادة المحافظة!! يوم اختطفت قبائل من الحداء بذمار وكيل محافظتها كان الرئيس يجري اتصالاً بجهات كثيرة ومتعددة ، أيضاً كان الرئيس يتصل بوساطات عليا من أجل قضية ابن عائلة هائل سعيد.. تلفون الرئيس لا يتوقف فهو على اتصال بلجنة الوساطة في صعدة التي لم يتمكن تلفون الرئيس من حل المشكلة ، الرئيس يبذل جهوداً مضنية في المكالمات ، والوطن الكبير محشو بالمشاكل والآلام ولدغات الثعابين!! وجعنا الكبير هو "تلفون الرئيس" ، أزمتنا المستعصية تكمن في سلك سماعة الرئاسة ورقم الرئيس .. منذ ثلاثون عاماً كان صالح يدير البلاد بالتلفون ، خصوصاً مكالمات آخر الليل تحت قبة البرلمان تحدث يوما ما النائب عبد الرزاق الهجري أمام يحيى الراعي قائلاً له "أنت كنت موافق على المشروع قبل اتصال آخر الليل" كان الهجري يدرك ما يقول. حروب صعدة الوحشية ومجازرها الكبيرة كانت تدار باتصال، وتتوقف باتصال ، حتى أن أهالي ذمار تساءلوا عن سبب وصول الحروب إلى الجولة السادسة فقال بعضهم لبعض "الرئيس ضيع رقم الحوثي" لهذا سالت الدماء المؤسسات في البلد معطلة ثلاثة عقود ، وحده من كان يعمل تلفون الرئيس! مجلس النواب (السلطة التشريعية) لم يكن يعلم ولا يعمل عن المشاكل ولا حلولها مجلس الوزراء كان يتلقى توجيهاته من تلفون الرئيس الجيش والأمن يخضعون لمزاج الرئيس وينتظرون التوجيهات عبر سماعة الهاتف "علم يا فندم"!! القاضي يحكم في المحكمة أو يكاد فيأتيه الإتصال يقلب الحكم رأساً على عقب وربما تظهر علامات البراءة للمتهمين من تعابير وجه القاضي إثر مكالمة ساخنة.. الصحافة تشيطن أحدهم إذا أراد الرئيس وقد تبدأ مشوارها باتصال أو بعد مقيل في الرئاسة كل الوطن كان عبارة عن سماعة هاتف ليس إلا!! اليوم التحدي الصعب والكبير كيف ننتقل من تلفون الرئيس إلى دولة تحترم نفسها وسياستها وسيادة مؤسساتها ، لو كانت قيادة محافظة حضرموت تشعر بمسئوليتها وتقوم بها لما تفاقمت مشكلة الحضارم ، هم بلغوا الرئيس في ردهم على اتصاله أنه "لا توجد دولة" لقد قالوها حرفياً "لو وجدت مصداقية لدى الدولة لنفذت مطالبنا" الدولة كانت غائبة فقط في ألوان العلم وفي اسم العملة التي اضمحلت وتراجعت في العقود الثلاثة الماضية في صعدة أيضاً لا يوجد دولة ، وفي مأرب تماماً لا دولة هناك لو كانت الدولة عندنا ما قتلنا هاهنا في العرضي ودماج وشبوه وأبين ورداع قيفة وفي حوادث المرور وعلى الحدود وفي غرف عمليات المستشفيات العابثة .. لما قتل أبناءنا في القوات المسلحة ولما تخطفت أرواحهم القتلة والمجرمين في كل وادي ومكان.. نبحث عن الدولة وسنجدها حين نتيقن أننا نحن أبناؤها وأهلها وحماتها وبناتُها الدولة ستأتي إن رضينا نحن أن نأتيها ، إن توقفنا عن ارخاء أسماعنا لقول الرفث السياسي ممن يبحثون عن تمزيق أجسادنا وأرواحنا وهوياتنا أيضاً الدولة نحن حين نكون أكثر وعياً ونسمح لزرعنا أن ينبت ثم يبلغ ينعه ثم يثمر ويكون عندها الاحتفال بالحصاد .. سيظل تلفون الرئيس يعمل حتى تأتي الدولة .. الله يعينك يا رئيس!!